مجتمع

معدلات البطالة في المغرب بين الإحصاء العام وبيانات المندوبية السامية للتخطيط

معدلات البطالة في المغرب بين الإحصاء العام وبيانات المندوبية السامية للتخطيط

في الفترة الأخيرة، أثار الإعلان عن نتائج الإحصاء العام الأخير جدلاً واسعًا في الأوساط الاقتصادية والاجتماعية، بعد أن كشف عن معدلات بطالة تصل إلى 21.3%. هذا الرقم جعل وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، يرفض هذه النسبة بشدة، مؤكدًا أن الأرقام لا تعكس الصورة الحقيقية لسوق العمل في المغرب. حيث أشار السكوري إلى أن الإحصائيات الدورية التي تصدرها المندوبية السامية للتخطيط تظهر أن النسبة الحقيقية للبطالة لا تتعدى 13.6%.

الوزير يونس السكوري، في تصريحاته، اعتبر أن الإحصاء العام قد يتضمن بعض الأخطاء التي تؤثر في دقة النتيجة النهائية. حيث يعتمد الإحصاء على أسئلة محدودة قد تؤدي إلى تصنيف البعض الذين يعملون في وظائف جزئية أو غير مستقرة كعاطلين. هذه الظاهرة، بحسب السكوري، تجعل المعدلات التي تظهر في الإحصاءات الرسمية بعيدة عن الواقع الفعلي.

أما المندوبية السامية للتخطيط فقد تمسكت بموقفها المدافع عن دقة بياناتها، مؤكدة أن البحوث الفصلية التي تقوم بها هي المرجع الأكثر موثوقية لفهم واقع البطالة في البلاد. وفقًا للمندوبية، فإن هذه البحوث تعتمد على معايير منظمة العمل الدولية وتغطّي عينات واسعة من المجتمع المغربي، مما يمنحها مصداقية أكبر ويعكس الواقع بشكل أدق. كما أن هذه الدراسات تتبع أساليب مسحية دورية تهدف إلى تقديم صورة شاملة ودقيقة عن الوضع في سوق العمل.

وفي المقابل، كان لعدد من الخبراء الاقتصاديين رأي مختلف حول نتائج الإحصاء، ومن بينهم يوسف كراوي الفيلالي، الذي أشار إلى أن الإحصاء العام يقدم صورة أقرب إلى الحقيقة مقارنة بالبحوث الفصلية. حيث أن الإحصاء يعتمد على زيارات ميدانية وتصريحات مباشرة من المواطنين، مما يمنح التصور العام لواقع سوق العمل في المغرب مزيدًا من الشمولية. رغم اعترافه بوجود هامش خطأ، إلا أن الفيلالي يرى أن هذه النتائج تظل أكثر تمثيلًا للواقع الفعلي.

أما الخبير الاقتصادي ياسين اعليا فقد انتقد مفهوم “الشغل الناقص” الذي تتبناه المندوبية السامية للتخطيط في قياس معدلات البطالة. إذ يرى أن العمل الذي لا يتجاوز ساعات قليلة في الأسبوع لا يمكن اعتباره وظيفة حقيقية تسهم في تحسن الوضع الاقتصادي للفرد أو المجتمع. وأضاف أن هذا التصنيف يؤدي إلى تقديم صورة أقل واقعية عن حجم البطالة الفعلي في المغرب.

اعليا شدد على ضرورة إعادة النظر في المنهجيات المتبعة لقياس معدلات البطالة في المغرب، موضحًا أن المقاربة الحالية قد تقلل من حجم البطالة الفعلي. وبذلك، يرى ضرورة اتخاذ إجراءات أكثر دقة في تصنيف سوق العمل، مما يساهم في تحسين الرؤية العامة لمشكلة البطالة ويؤدي إلى معالجة هذه الظاهرة بشكل أكثر فعالية.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!