سكان دكالة والفرس..قصة عشق متجذرة وضاربة في التاريخ
سكان دكالة والفرس..قصة عشق متجذرة وضاربة في التاريخ
من “التبوريدة” إلى المشاركة في السباقات، مرورا بالاستغلال في الأشغال اليومية المرتبطة بالفلاحة والزراعة، يشغل الفرس مكانة مهمة في حياة وقلوب سكان دكالة، هي علاقة عشق متجذرة وضاربة في التاريخ يتم توارثها جيلا عن جيل.
وتتجلى هذه العلاقة في حضور الفرس بشكل قوي في مختلف الحفلات والمهرجانات والمواسم المنظمة بالمنطقة، حيث تعد “الفانتازيا” أو “التبوريدة”، واحدة من أكثر مكونات التراث المغربي انتشارا في المنطقة، والتي تعتمد على الفرس كمكون رئيسي لخلق الفرجة وتكريس طقوس حافلة بالرموز والدلالات التراثية العميقة.
كما تعد “التبوريدة” أهم طقس من طقوس الاحتفال بالخيول نهاية الموسم الفلاحي، حيث اتخذ فلاحو دكالة منذ القديم موسم مولاي عبدالله أمغار موعدا قارا بداية شهر غشت من كل سنة للاجتماع والتجمع قصد التعبير عن فرحهم لخلق فرجة تدوم أسبوعا كاملا تتخلله “التبوريدة”، حيث يبنون “الفراكات” وهي خيام من الحجم الكبير ويقيمون الولائم ويستقبلون الزوار من كل حدب وصوب.
وتتجمع الجماهير نهارا حول ألعاب “التبوريدة” وليلا حول الغناء والطرب الأصيل المؤثث بالأغاني والمواويل المرافقة لها تعبيرا عن الفرح والنشوة سيما عندما يكون الموسم الفلاحي مثمرا.
وتشهد دورة هذه السنة من موسم مولاي عبدالله أمغار، التي أعطيت انطلاقتها يوم الجمعة الماضية وتتواصل فعالياتها إلى غاية 12 غشت الجاري، مشاركة أكثر من 140 سربة و2000 فرس وفارس، وهو رقم قياسي بالنسبة لهذه التظاهرة.
وبالإضافة إلى “التبوريدة”، تشهد المنطقة تنظيم سباقات خاصة بالخيول بشكل منتظم. وتختلف خيول التبوريدة عن خيول السباقات القصيرة والطويلة في خصائصها وقيمتها المالية وتجهيزاتها.
فإذا كانت خيول “التبوريدة” تحتاج إلى السرج بكمالياته ولباس الفارس بتفاصيله، المكون من الجلباب والسلهام التقليدي والبلغة والسرج المزركش واللجام المطرز والركاب الفضي وغيره، فإن تجهيزات فرس السباق يحتاج إلى سرج من نوع آخر، يتميز بخفته وبساطته.
كما اعتاد الفلاحون ومربو الخيول بدكالة الاعتماد على الخيول في أنشطتهم الفلاحية، منها عملية الحرث والدرس وجر العربات.
وفي هذا السياق، أكد الحاج علي وهو فلاح من العونات، أن الخيل له استعمالات متعددة بالنسبة للساكنة المحلية، فبالإضافة إلى كونه مصدرا للفرجة والمتعة من خلال فن التبوريدة التراثي، يعد الفرس وسيلة للتنقل، كما يمكن استغلاله في بعض الأشغال الفلاحية، لما تعرف به الخيول من قدرة فائقة وصبرها على تحمل المشاق.
بالمقابل أبرز الحاج علي أن الخيول يلزمها الكثير من العناية والرعاية، لافتا إلى أن تربية الخيول ليس بالشيء الهين، إذ لا بد من توفر عدة شروط في مربي الفرس، من أهمها القدرة المالية والقدرة على ضمان الاستمرارية والحضور الدائم في المناسبات الدينية والوطنية مع ما يكلف ذلك من مصاريف تتعلق بالنقل (نقل الخيول) والتنقل وشراء الأعلاف وغيرها.