مراكش تستضيف تظاهرة علمية تبرز العلاقة بين فن الطهي والتراث الحضاري والسياسي
مراكش تستضيف تظاهرة علمية تبرز العلاقة بين فن الطهي والتراث الحضاري والسياسي
في مدينة مراكش، نظم طلبة السنة الأولى ماستر قانون التجارة والأعمال، الفوج السادس عشر، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية القاضي عياض، تظاهرة علمية تحت شعار “فن الطهي والطعام: تراث حضاري وسياسي”. هذا الحدث العلمي كان فرصة للتعرف على أبعاد ثقافية وسياسية لفن الطهي في المغرب، بما يعكس تأثيره الكبير في تطور المجتمعات المغربية وأثره العميق على التراث الوطني.
تجلى هذا التفاعل الثقافي والسياسي في الفعالية التي شهدت إقبالًا كبيرًا من الأكاديميين والطلاب. فقد تم تسليط الضوء على الدور المهم الذي يلعبه الطعام في تشكيل الهوية الثقافية والاجتماعية للمجتمعات. حيث أظهرت التظاهرة كيف يمكن لفن الطهي أن يكون أداة للتعبير عن المواقف السياسية وتعزيز التنوع الثقافي.
تحت إشراف عميد الكلية، انطلقت الفعالية في ساحة الكلية، حيث بدأ العرض المتميز بعنوان “نكهات المغرب الأصيل”، الذي قدم مجموعة من الطلبة لتجربة متنوعة من المأكولات المغربية التقليدية. وكان لهذا المعرض طابع خاص تمثل في دمج المأكولات مع الفنون التشكيلية، حيث أبدعت الفنانة وفاء أبو شادي في خلق تناغم بين المذاقات المغربية والفن التشكيلي. وهذا الجمع بين الطهي والفن عكس عمق التنوع الثقافي للمجتمع المغربي وأثره في تكوين الهوية الوطنية.
مع بدء الساعة الثالثة وأربعين دقيقة، تم الانتقال إلى قاعة الحمراء، حيث أدار الدكتور عبد العزيز الأبحاني، نائب عميد الكلية، الندوة العلمية التي تناولت محاور متعددة حول العلاقة بين الطعام والسياسة. وتضمن البرنامج محاضرات قدمها كل من الدكتور الغالي الغيلاني، والدكتورة حليمة الطاهري، والدكتور عادل العباد نيابة عن الدكتور بوعبيد عباس. وقد تركزت المحاضرات على تأثير الثقافة الغذائية على الهوية السياسية في المجتمعات. وتم التأكيد على أن الطهي ليس فقط جزءًا من التراث، بل هو عنصر أساسي يعكس الانتماءات الاجتماعية والسياسية.
كما كان للشيف أمين حاتم، ممثل جمعية الشيفات، دور محوري في هذه التظاهرة، حيث أضاف رؤيته حول “فن الطهي” وكيف يمكن أن يكون وسيلة لترسيخ ثقافة التعايش بين مختلف فئات المجتمع. هذا العرض التفاعلي أثار اهتمام الحضور من الطلاب، الذين بدورهم شاركوا بمجموعة من الأسئلة والمداخلات التي أغنت النقاش وأعطت زخماً إضافيًا للموضوع.
المؤتمر كان بمثابة نافذة لقراءة تاريخية وثقافية للأطعمة التي ترتبط بشكل وثيق بتاريخ الشعوب ومواقفها السياسية. فقد أكدت التظاهرة على أهمية فن الطهي في الذاكرة الجماعية وكيف يساهم في ترسيخ الهوية الثقافية ويعزز التعايش بين مختلف الطبقات الاجتماعية. وهكذا، ظهرت العلاقات المتشابكة بين فن الطهي كجزء من التراث الثقافي والسياسي، مما جعله أداة فعالة لفهم مجريات الأحداث السياسية.
وفي الختام، قدمت كلية القاضي عياض في مراكش نموذجًا أكاديميًا متميزًا يجمع بين الجانب الأكاديمي والتطبيقي. هذه الفعاليات الثقافية أثبتت أن الفنون لا تقتصر على مجالات محددة، بل يمكن أن تلعب دورًا أساسيًا في إثراء الفكر الأكاديمي وتعزيز الوعي الاجتماعي والسياسي، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من عملية التعليم الجامعي.