التحول الرقمي ركيزة أساسية للنهوض بالتنمية الترابية في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة
التحول الرقمي ركيزة أساسية للنهوض بالتنمية الترابية في المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة
انعقدت في مدينة طنجة ورشة عمل ضمن فعاليات النسخة الثانية للمناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة، حيث أكد المشاركون على أهمية الرقمنة في تعزيز التنمية الترابية. تركز النقاشات في هذه الورشة على ضرورة تسريع التحول الرقمي كأداة رئيسية لتحسين الحوكمة المحلية وتعزيز المشاركة المواطنة في صنع القرارات التنموية. كما أكد الحضور على أن التحول الرقمي يجب أن يشمل استراتيجيات شاملة تتناسب مع خصوصيات كل جهة وتدعم التنسيق بين جميع الفاعلين على المستويين المحلي والجهوي لضمان نتائج فعالة ومستدامة.
وقد أشارت رئيسة مجلس جهة كلميم واد نون، مباركة بوعيدة، إلى التحديات الكبيرة التي تواجه تنفيذ التحول الرقمي على مستوى الجهات. وأوضحت أن تحقيق هذا التحول لا يمكن أن يتم إلا إذا توفرت البنية التحتية المناسبة، وهو ما يستدعي تخصيص موارد مالية كبيرة عبر شراكات بين الدولة والجهات والشركاء الدوليين. كما أبرزت ضرورة الاهتمام بتأهيل الكفاءات البشرية، خاصة أن الشباب المغربي يمتلك مهارات كبيرة في مجال التكنولوجيات الحديثة، وهو ما يتطلب تدريبا وتوجيها مستمرا للاستفادة من هذه الطاقات بما يخدم التنمية الجهوية ويعزز الاقتصاد الوطني.
في السياق نفسه، تناولت بوعيدة أهمية وضع استراتيجيات رقمية جهوية تأخذ في الاعتبار خصوصيات كل منطقة، مؤكدة على ضرورة وجود شبكات رقمية واضحة من شأنها تسهيل التنسيق بين مختلف المؤسسات والمصالح المحلية. وشددت على أن تنفيذ هذه الاستراتيجيات يتطلب آليات داعمة تساهم في تحويل هذه الخطط إلى واقع ملموس. وفي ذات الإطار، أشار رئيس مجلس جهة الشرق، محمد بوعرورو، إلى الجهود المستمرة للمجلس لتطوير الشراكات المحلية والإقليمية في مجال الرقمنة، والتي تساهم في تحسين مناخ الأعمال وتعزيز الشفافية من خلال تسويق التراب الرقمي للجهة.
وفي هذا السياق، عرض بوعرورو تجربة مدينة بركان كمثال ناجح على مستوى الرقمنة، إذ تمكنت من إنشاء منظومة رقمية متكاملة في إدارة المعلومات وتحليلها، مما ساعد على تحسين الحكامة المحلية والتفاعل مع المواطنين بطرق أكثر فعالية. هذه التجربة، كما أضاف بوعرورو، أصبحت مرجعية يُحتذى بها على الصعيدين المحلي والوطني في استخدام التكنولوجيا لخدمة التنمية المستدامة. على جانب آخر، أكد المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، خالد سفير، على ضرورة إحداث تحول جذري في كيفية تنفيذ الرقمنة في المغرب، مشيرا إلى أن المطلوب هو إعادة هيكلة المسارات الإدارية بما يتناسب مع متطلبات المواطنين.
كما أشار إلى أهمية الانتقال من نموذج إداري يعمل فيه كل قطاع على حدة إلى نموذج أكثر تكاملاً يعتمده نظام منصات رقمية موحدة لتسهيل الإجراءات وتيسير الوصول إلى الخدمات دون عناء التنقل بين الإدارات المختلفة. وفيما يخص الأمن الرقمي، أكد سفير على أن حماية البيانات الشخصية يجب أن تظل أولوية قصوى في أي عملية تطوير رقمية، مشددا على أن التحول الرقمي الناجح يتطلب اعتماد مقاربة شاملة وآمنة تواكب التطورات العالمية في هذا المجال.
من جانبها، أوضحت الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في المغرب، إيلاريا كارنيفالي، أن التحول الرقمي ليس مجرد مسألة تقنية بل يتعداها ليشمل الجوانب المرتبطة بالحكامة وحقوق الإنسان. وأكدت على أهمية بناء أنظمة رقمية محلية قوية وشاملة قادرة على تعزيز المؤسسات العمومية ودعم مشاركة المواطنين في العملية التنموية. كما أشادت بالدور الذي يلعبه المغرب في هذا المجال، وأكدت على أن الرقمنة تشكل حجر الزاوية في بناء مستقبل أكثر استدامة وفعالية.
هذه الورشة التي نظمت تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تمثل مرحلة هامة في تفعيل الجهوية المتقدمة، والتي تعد إصلاحا هيكليا استراتيجيا للمغرب. على مدار يومين، تناول المشاركون مختلف المبادرات الناجحة والمشاريع الهيكلية المنفذة في مختلف الجهات، بهدف تعزيز تبادل الخبرات وابتكار حلول تلائم التحديات التنموية على المستوى المحلي.