يوسف النصيري المهاجم ولأسطورة الذي قاد المنتخب المغربي للمربع الذهبي في مونديال قطر 2022
يوسف النصيري المهاجم ولأسطورة الذي قاد المنتخب المغربي للمربع الذهبي في مونديال قطر 2022
يوسف النصيري لاعب كرة قدم محترف ولد في فاس عام 1997، وفي سنوات قليلة صار نجما في مجموعة من الفرق الإسبانية، ثم بطلا شعبيا في أعين المغاربة، وضمن “الفتى الطائر” -صاحب قفزة المونديال التاريخية- للمغرب مقعدا في المربع الذهبي، ضمن نهائي مونديال قطر 2022.
المولد والنشأة:
ولد يوسف النصيري في الأول من يونيو/حزيران 1997، في حي بن دباب الشعبي في مدينة فاس العريقة وسط المغرب، ونشأ في أسرة بسيطة محبة لكرة القدم.
وكانت أسرته مدركة لشغف ابنها يوسف منذ سن مبكرة بممارسة اللعبة، فدفعت به إلى تطوير موهبته الكبيرة فيها، والتي أظهرها في الدوريات الصغيرة في أزقة فاس.
النصيري الذي صار البعض يلقبه بـ”فخر مدينة فاس” عرف بعلاقته المميزة مع والديه، وكانا هما عالمه الصغير المرتبط بقدر كبير من الحب، ولا يتوقفان عن الحديث عنه بفخر في مدينتهم.
وتحب والدته جمع كرات المباريات التي يسجل فيها ابنها يوسف، وهي هديته الدائمة لها، ويرتاد مقهى المدينة الشعبي للقاء أصدقائه كلما زار المغرب.
وبعيدا عن كرة القدم، يجد المهاجم المغربي أفضل هواياته في لعبة السنوكر.
نجم في طور التكوين:
بدأ يوسف النصيري “هداف الأسود” حياته لاعبا في الشوارع في أزقة فاس، وأظهر موهبة كبيرة، مقارنة بأصدقائه.
وكان يوسف مميزا بتمريراته وضرباته الرأسية ومراوغاته، وحصل ضمن فريقه المدرسي على جائزة أحسن لاعب صاعد في كرة القدم.
بعد ذلك، أبدى فريق المغرب الفاسي الرغبة في ضمه من أجل التكوين ضمن الفئات العمرية بالنادي، لكن عائلته ترددت في اتخاد القرار لرغبتهم في إكمال يوسف دراسته.
ولكن إصرار الطفل المولع بالكرة جعل والده يقبل انتسابه للنادي المحلي عام 2010، وصقل موهبته الكروية هناك.
وفي عام 2011 التحق بأكاديمية محمد السادس لكرة القدم (المتخصصة في اكتشاف المواهب الكروية) في مدينة سلا، على بعد أقل من 20 كيلومترا من العاصمة الرباط وهو في الـ12 من عمره.
وذلك بعد اختياره في انتقاء للمواهب الكروية في مختلف مدن المملكة، وكان في مجموعة ضمّت عددا من نجوم الكرة المغربية الحاليين، منهم حمزة منديل ورضا التكناوتي ونايف أكرد وآخرون.
وكان المدرب المغربي ناصر لارغيت -الذي يحمل أيضا جنسية فرنسية- مدير الأكاديمية آنذاك، وعبّر عن إعجابه بموهبة يوسف النصيري ولياقته البدنية.
أثبت النجم المغربي طوال 4 سنوات من التدريب والتكوين أحقيته بمكانه داخل الأكاديمية، لأنه تشرّب أساليب اللعبة وقواعدها وفق منهج “دراسة ورياضة”، وأظهر حينئذ مستويات كبيرة مكّنته من نيل شهادة التخرج بميزة “مشرف جدا”.
وكان حلم “ابن الشعب” أن يصنع لنفسه اسما في عالم كرة القدم، وأن يجعل عائلته تتمتع بمكاسب نجاحه، فساعدته الأكاديمية في بناء قاعدة هذا الحلم.
غادر يوسف النصيري المغرب إلى أكاديمية تشلسي للاعبين الشبان، ونجح في أول فرصة اختبار له، لكن رخصة العمل وقانون القاصرين أوقف حلم النجم الموهوب في الانتساب إلى كتيبة “البلوز”.
وبعدئذ توجه إلى أكاديمية “الألبيسلستي” لنادي مالقا، التي فتحت أبوابها له، تنفيذا لاتفاقية تجمع بينها وبين أكاديمية محمد السادس لكرة القدم.
كان النصيري آنذاك صغيرا، إلا أن المدير الفني الإسباني خواندي راموس قال إنه “في حالة بدنية هائلة تتفوق بالفعل على اللاعبين المحترفين، ولهذا السبب دفعت به في المباريات على الرغم من أنه كان يعاني من مشكلات خططية وتكتيكية بشكل طبيعي”.
تجربة احترافية:
في عام 2015 نجح يوسف النصيري في الحصول على أول عقد مع الفريق الثاني لفريق مالقا بقيمة 150 ألف يورو، وبعد عام واحد ارتقى إلى الفريق الرديف عام 2016، وقدم مستويات كبيرة، إذ سجل 9 أهداف في 10 مباريات.
وجعلته هذه الحصيلة خيارا أمام خوسي ميغيل غونزاليس مدرب الفريق الأول، فأشركه في معسكر الكبار تحضيرا لموسم 2016-2017، وسجل ثنائية في المباريات الإعدادية.
وسجل النصيري في أول مبارياته هدفا بعد 5 دقائق من دخوله بديلا، وفي موسمين مع الفريق الأول سجل 5 أهداف في 53 مباراة له.
وأكد مهاجم منتخب المغرب أن حياته تغيرت حين سافر إلى مالقا في أولى خطوات مساره الاحترافي، ورغم ذلك لم تتح له هذه الفرصة الظهور كثيرا، إذ لعب 1980 دقيقة في 41 مشاركة مع ناديه في مختلف المنافسات.
وفي صيف 2018 انتدبه نادي ليغانيس الإسباني مقابل 6 ملايين يورو في صفقة شراء هي الأعلى للفريق. ودخل النصيري تاريخ النادي بكونه أول لاعب يسجل ثلاثية (هاتريك) في البطولة، وفي عامين شارك في 53 مباراة سجل فيها 15 هدفا.
وفي 16 يناير/كانون الثاني 2020 وقع يوسف النصيري وعمره حينذاك 22 عاما عقد انتقاله إلى إشبيلية، لـ5 مواسم مقابل 20 مليون يورو.
ورأى مدير الكرة في نادي إشبيلية رامون رودريغيز فيرديغو -المعروف بلقب “مونشي”- أن النصيري “يمتلك السرعة والقوة والشراسة والرغبة في القتال حتى آخر نفس”، وهي الصفات التي يحتاجها النادي.
ارتقاء يوسف النصيري الذي حقق هدف التأهل للمربع الذهبي في كأس العالم 2022 (رويترز)
وأصبح النصيري الملقب بـ”الزناد المغربي لنادي إشبيلية” متربعا على عرش هدافي “الليغا” بـ12 هدفا، وأعاد بذلك ذكرى مواطنه العربي بن مبارك الذي كان قد سجل 56 هدفا في 113 مباراة مع أتلتيكو مدريد بنهاية موسم 1953-1952.
وقال جول كوندي زميله في فريق إشبيلية “يجب أن نسبق اسمه بلقب تعبيرا عن الاحترام”، ولقبه آخرون باسم “السير” يوسف النصيري، كما وصفه موقع “دياريو دي إشبيلية” بأنه “الإعصار يوسف” و”الرجل الذي لمسته العصا السحرية للهدافين”.
ونجح المهاجم الهداف منذ انتقاله إلى النادي في تسجيل 37 هدفا في مختلف البطولات حتى الآن.
وبعد تألقه، فضلت بعض الصحف الإسبانية البحث عن تقاليد اللاعب الموهوب، وأشارت إلى أن حلاق مهاجم إشبيلية منذ عام 2015 يعدّ “تميمة حظه”.
وقال الحلاق المغربي الذي يقيم في إسبانيا “إنه ينتقل أسبوعيا من مالقا لإشبيلية من أجل تصفيف شعره بعد التدريب وقبل كل مباراة”، لكنه أرجع تألق اللاعب إلى الجد والاجتهاد.
قائد خط المنتخب الأمامي
شارك يوسف النصيري أول مرة بقميص المنتخب الوطني في 31 أغسطس/آب عام 2016، في مباراة ودية أمام ألبانيا، حيث لعب 90 دقيقة وأعطى إشارات جيدة كقناص متحرك.
ثم شارك في 34 مباراة أخرى في “كان 2017” بالغابون ونجح في تسجيل أول أهدافه الدولية في مرمى منتخب الطوغو، وفي مونديال 2018 في روسيا نجح في هز شباك حارس إسبانيا بهدف تاريخي كان الهدف الذي غير حياته، إذ أدخله إلى اهتمامات العديد من الأندية العملاقة في أوروبا.
وقال يوسف النصيري تعليقا على هدفه “كان الأفضل في مشواري في اللعب؛ لقد شكّل ولادة ثانية لي، وكان نقطة تحوّل في مسيرتي، وأكسبني تقديرا خاصا في إسبانيا حيث أحترف”.
ورأى النصيري أن الحدث شكّل طفرة في حياته الكروية، وقال “لن أقول إنني استفدت من المنتخب الوطني، لأن تمثيله حلم ومبعث فخر وسرور لي”.
وكان في كتيبة الأسود في “كان 2019” في مصر وسجل هدفين فقط، وكانت أرقامه مع المنتخب المغربي قد جعلته عرضة لانتقادات قاسية إلى حد التنمر أحيانا.
بطل شعبي:
تعرض وليد الركراكي المدرب المغربي لانتقادات بشأن استدعاء النصيري لمونديال قطر 2022، وارتفعت الأصوات مطالبة باستبعاده بداعي أنه “غير فعال”.
لكن الركراكي أكد دعمه للاعب الذي وصفه بأنه “موهوب ولاعب من طراز عالمي”، وأكد أنه يلعب للمنتخب المغربي تماما مثل أوليفيي جيرو مع منتخب فرنسا.
وقال “هو ابننا، وهو ولد المغرب ونحن هنا لمساعدته… النصيري يمثل المستقبل”، وأضاف “لست مهتما بعدد الأهداف التي سجلها، هناك أمور أهم من الأهداف والنصيري يحقق هذا الشرط”.
وشارك يوسف النصيري في مونديال الدوحة بتحد شخصي، وهو أن يعلن عن نفسه هدافا أمام المشككين في إمكاناته الهجومية، وكان قد قال سابقا “شخصيا أعشق الرد في الملعب”.