“وسيط المملكة من هونغ كونغ: ما الذي يعنيه حقاً أن تكون مؤسساتنا متجهة نحو المستقبل؟”
“وسيط المملكة من هونغ كونغ: ما الذي يعنيه حقاً أن تكون مؤسساتنا متجهة نحو المستقبل؟”
أكد السيد محمد بنعليلو وسيط المملكة، في كلمة ألقاها خلال الجلسة الموضوعاتية الثانية بمناسبة المؤتمر الدولي المنعقد بهونغ كونغ خلال الفترة الممتدة من 02 إلى 04 دجنبر الجاري، تحت شعار “الأمبودسمان في سياق عالم متغير: التعلم من دروس الماضي والتحضير للمستقبل”، بحضور وسطاء ومسؤولين رفيعي المستوى يمثلون 140 مؤسسة، (أكد) على أن مستقبل مؤسسات الأمبودسمان والوسطاء بدأت ملامحه ترتسم منذ مدة بفعل ما يعيشه العالم من تحولات، شكل التطور التكنولوجي والتغيرات المناخية والبيئية والاقتصادية المتسارعة بعض تجلياتها الرئيسية.
معتبرا أن وضوح المستقبل بالنسبة لمؤسسات الأمبودسمان رهين بتملكها لآليات تطويرية تجعلها مستعدة لممارسة أدوار جديدة، ولتنمية مهارات تستوعب “لغة التغيير” وتساعد على التكيف الممنهج مع ما تفرضه المستجدات من إكراهات قانونية أو تنظيمية في مختلف المجالات، عبر إتقان لغة عصرها ورفع التحديات التي ستطرحها متطلبات التطور تباعا.
واعتبر السيد محمد بنعليلو أن التوجه نحو المستقبل يستدعي الإسراع في تجاوز مرحلة المراقبة والرصد وطرح التساؤلات، والخروج من وضعية التوجس إلى مرحلة الفاعلية، داعيا الجميع إلى أن يكون جزءا من التحول في أقرب وقت ممكن، فليس هناك وقت محدد يجب انتظاره لبدء ذلك.
وطالب السيد بنعليلو بضرورة اعتماد المبادئ الدولية للأمبودسمان في قراءة وتنفيذ مجال الاختصاص بأبعاد حقوقية تساير الأجيال الجديدة لحقوق الإنسان، وبالتالي الأجيال الجديدة للانتهاكات التي ستعرفها هذه الحقوق، عبر ما أسماه بـ “تنمية التعددية الوظيفية”، باعتبارها مهارة رئيسية لمواكبة التحول.
ولأن المطالب الارتفاقية وحجم الانتظارات لدى المواطنين تسير بوتيرة أسرع من وتيرة التطور المؤسساتي، ولأن زمن التحول نحو المستقبل يتجاوز بكثير الزمن التشريعي أو التنظيمي، شدد السيد الوسيط على أن المستقبل سيحتفظ فقط بالمؤسسات القادرة على التكيف السريع مع شكل وطبيعة المطالب وحجم الانتظارات، والقادرة على حل المشاكل المعقدة والمستجدة.
واعتبر السيد بنعليلو أن الانتقال الرقمي وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وإن مثلت قيمة مضافة لفعالية تدخلات مؤسسات الأمبودسمان، وفرصة لتوجيه مساهماتها نحو المستقبل، فإن ذلك لا يغني عن ضرورة تطوير باقي المهارات الإنسانية الموازية وتعزيز التواصل بشأنها، خاصة تلك التي لا يمكن للآلات التفوق فيها على الإنسان، من قبيل “الذكاء العاطفي” و “المهارات الناعمة”.
كما أكد السيد بنعليلو على أن مؤهلات المستقبل لا يجب أن تقوم على منطق المعرفة المحددة، بقدر ما يجب أن تتأسس على ضبط سرعة تعلم الأشياء الجديدة، والتحكم في مستوى المرونة، معتبرا أن مؤسسات الأمبودسمان التي لا تتخذ خطوات سريعة للتغيير والتكيف، ستجد نفسها عاجزة عن المواكبة والتفاعل مع انتظارات مرتفقيها المتزايدة، وقد تخاطر بفقدان تأثيرها المجتمعي، لأن توقع التغيير والتكيف معه بسرعة وحده ما يضمن لها الاستدامة.
وحث السيد الوسيط مختلف الحاضرين على التفكير بجدية في مطمح التحول الجماعي نحو فكرة “أمبودسمان الأجيال القادمة”، أو على الأقل في تبني رؤية شاملة مستنيرة، بفهم واضح لمتطلبات المستقبل، وتوجه متطور للتأثير في بيئتنا التنظيمية وقدراتنا التخطيطية لمواجهة إكراهاته، ولو بصور مختلفة ومستويات متباينة، لما يشكله ذلك من وسيلة لمواكبة انتظارات الجيل الحاضر بثقة ومهنية، أو كحد أدنى مناقشة هذه الفكرة بحماس وبشجاعة وبقدرة على الإقناع أو حتى بقدرة على تبرير الاختلاف؛ مبرزا أن مكنة المناقشة هذه لن تكون، في الغالب، متاحة مستقبلا لكثير من المؤسسات، لأنها ربما ستكون قد شاخت بطريقة لا رجعة فيها وفقدت القدرة على الدفاع عن مواقف أصحابها.
وختم السيد بنعليلو مداخلته بالتأكيد على أن مسار العبور نحو مستقبل حقوقي آمن، قد انطلق منذ مدة، لذا لا يمكن لمؤسسات الأمبودسمان الوقوف وانتظار ما قد تعتقده “نهاية التحول”، لتبدأ في التأقلم مع ما تعتقد أنه بداية توجهها نحو المستقبل، وإلا ستصبح يومًا ما على هامش المشهد المؤسساتي من منظور المواطن قبل الإدارة.