مراكش تحتضن ندوة دولية حول موضوع “السياسات الحضرية والأدلة الرقمية”
مراكش تحتضن ندوة دولية حول موضوع “السياسات الحضرية والأدلة الرقمية”
أكد المشاركون في ندوة دولية حول موضوع “السياسات الحضرية والأدلة الرقمية”، امس الجمعة، بمراكش، أن الرقمنة تشكل عاملا مساعدا على تجويد السياسات الحضرية والعمرانية، ومحددا محوريا في الرقي بمخرجاتها التي تجعل الإنسان في صلب اهتماماتها.
وشدد المشاركون في هذا اللقاء العلمي المنظم، على مدى يومين، بشراكة مع وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، وبتنسيق مع المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش، وجامعة القاضي عياض، ومؤسسة (هانز سايدل)، و(معهد مونبوسيي)، على أن من شأن حسن استغلال الطفرة التكنولوجية وانتهاز الفرص الناجمة عنها تجويد طرائق التفكير الجماعي بشأن المدينة، التي “ليست فقط مجموعة من المرافق والخدمات العمومية، بل أيضا فضاء مؤنسنا بامتياز، ذا أبعاد جمالية وعمرانية وحضارية طافحة”.
وأوضحوا خلال اللقاء، الذي ينظمه مركز الدراسات والبحث الدولي في السياسات العمومية، ومنتدى المبادلات واللقاءات الإدارية العالمية – المغرب، بمتحف محمد السادس لحضارة الماء، ويعرف مشاركة عدة متدخلين ينتمون لمشارب شتى، من قبيل التعمير، والقانون، والسوسيولوجيا، أن كسب هذا الرهان يوجب العمل على استئصال الأمية الرقمية، وتملك ناصية العالم الرقمي من قبل كل الشرائح المجتمعية، مع إعمال مبادئ التمييز الإيجابي لمن هم في وضعية هشاشة بهذا الخصوص، داعين إلى بلورة سياسات عمومية تعميرية وعمرانية ذات وقع إيجابي على الساكنة.
ونوه الكاتب العام لقطاع إعداد التراب والتعمير بوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، عبد اللطيف النحلي، في كلمة بالمناسبة، ب”حصافة اختيار موضوع هذه الندوة الدولية”، لافتا إلى أدوار الرقمنة في تجويد الخدمات الموجهة للمواطن، لاسيما تلك الخاصة بالسياسات العمرانية.
وأكد السيد النحلي أن الرقمنة أداة أساسية في الوقت الحاضر والمستقبل، مشيرا إلى أن “الجائحة حذت بإعادة التفكير بشأن الممارسات التي تطال التراب، وإعادة النظر في صيغ التدبير الخاصة بالمجال”.
واستشهد، في هذا الاتجاه، بالتعليمات الملكية السامية الرامية إلى تعزيز صمود التراب والمناطق، وتوطيد قدرتها على الفعل حتى تكون فضاءات موجهة للمواطن.
وبعدما كشف أن خلاصات النموذج التنموي الجديد جعلت من الرقمنة أداة لا محيد عنها لتعزيز صمود التراب، دعا إلى اعتماد صيغ تدبير تنهل من الذكاء الاصطناعي، مستشهدا بنهج القطاع الوصي بخصوص نزع الصفة المادية عن عدد من الإجراءات الإدارية، تحقيقا للقرب والفعالية والنجاعة.
وعلى صعيد متصل، تابع السيد النحلي أن الوزارة تجعل من الرقمنة، التي تعكف على تطويرها، أولوية في مسلسل نزع الصفة المادية عن عدد من المساطر الخاصة بالتعمير، مهيبا بالجميع، بالتعبئة، خدمة للمواطن، حتى يكون فضاء العيش شبكة مواتية لتحقيق التنمية.
أما رئيس مركز الدراسات والبحث الدولي في السياسات العمومية، علي سدجاري، فأكد أن اختيار موضوع الندوة يرجع لسببين، أولهما هو الأزمة الصحية التي جلت قصور السياسات العمرانية في العالم، لاسيما في الحواضر الكبرى بالدول المتقدمة، وجعلتها “غير صالحة للعيش خلال الأزمة”، وثانيهما هو بروز الرقمنة بحدة، وآثارها على عصرنة السياسات العمرانية وطرائق حكامة المدن.
وبحسب السيد سدجاري، فقد “أبانت السياسات العمرانية التقليدية عن قصورها في مواجهة مخاطر وأزمات مجتمعنا الحالي”، مشيرا إلى أن المختصين في مجال التعمير مطالبون بالإجابة عن أسئلة تتعلق أساسا بإيجاد توليفة بين التمدن و”إضعاف النسيج الاجتماعي”، وتوضيح مفاهيم من قبيل “العيش الكريم”، و”السكن الكريم”، والحركية، ومقر العمل، وماهي العلاقة بين الساكنة ومركز المدينة وضاحيتها؟.
وسجل الخبير في مادة حقوق الإنسان، الحاجة إلى إعادة النظر في السياسات العمرانية حتى تتواءم مع السياق الرقمي، موضحا أن هذه السياسات تتعلق بسلسلة من الأنشطة والمشاريع والتخطيط ، والوسائل والنظم التدبيرية، وأساسا الوشائج الاجتماعية.
وخلص إلى أن الغاية تكمن في جعل المدينة فضاء للعيش والتبادل والرفاه والانبثاق الاجتماعي، والتلاقح والإدماج والتشاطر، مؤكدا أنها تشكل أيضا (أي المدينة) “مصدر إلهام وتساؤل، على اعتبار أن الاتصال الوثيق بالعالم الرقمي يتعين أن يمكن المواطن من أن يكون مبتكرا على الصعيد الاجتماعي، وفخورا بالعيش في مدينته، وابتكار صيغ جديدة للرابط الاجتماعي”.
ويتمحور اللقاء الذي عرف، أساسا، حضور المفتشة الجهوية للتعمير وإعداد التراب الوطني بجهة مراكش – آسفي، زهرة الساهي، ومدير المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش، عبد الغني الطيبي، حول “وقع الرقمنة على التنمية الحضرية”، و”الاستشراف الحضري والقدرات الوظيفية الجديدة للمدينة”، و”من الحكامة الهشة إلى الحكامة الرقمية الناجعة”.