فن “أحواش” تراث أمازيغي يعبر عن الأصالة والهوية المغربية
فن “أحواش” تراث أمازيغي يعبر عن الأصالة والهوية المغربية
يعتبر فن “أحواش” من أهم التعبيرات الثقافية التي تمثل التراث الأمازيغي في المغرب، فهو يعكس جوانب متنوعة من الحياة الاجتماعية والتاريخية للمجتمعات الأمازيغية. يضم هذا الفن أشكالاً من الرقص والغناء التي تؤدى بشكل جماعي، مما يعزز الروابط بين الأفراد والمجتمعات. ورغم التطورات التي مر بها هذا الفن على مر السنوات، إلا أنه لا يزال يواجه تحديات أثرت على مضمونه وأشكاله.
يتسم “أحواش” بجذور عميقة في الثقافة الأمازيغية، حيث كان في البداية وسيلة للتعبير عن التفاعل مع البيئة والمحيط الاجتماعي. في مراحله الأولى، كان يتم تأديته بشكل عفوي وطبيعي، لكن مع مرور الوقت، ومع التطورات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها مناطق سوس والجنوب المغربي، ظهرت بعض الأشكال الجديدة التي قد تكون سطحية في بعض الأحيان. رغم ذلك، استمر “أحواش” كوسيلة مهمة لنقل الذاكرة الجماعية بين الأجيال المختلفة.
فيما يتعلق بالأداء، تتنوع أشكال “أحواش” بين الرقصات الذكورية البحتة، وأخرى نسائية أو مختلطة. يعتمد الأداء على تنسيق حركات الراقصين مع الإيقاعات الموسيقية المميزة لهذا الفن. من أهم الآلات الموسيقية المستخدمة في “أحواش” نجد “تالونت” (البندير) و”كانكا” (الطبل)، بالإضافة إلى “أمرياس” (ضابط الإيقاع)، الذي يلعب دوراً مهماً في تنسيق الصوت والحركة. كما يتم تأديته في ساحة مفتوحة تسمى “أسايس”، التي تعتبر فضاء حيوياً يعكس تقاليد المجتمع ويعزز الثقافة المحلية.
ومع انتشار “أحواش” على مستوى عالمي، بدأت بعض مظاهره تتعرض للتحولات التي تركز في بعض الأحيان على الشكل الخارجي دون التركيز على جوهره الثقافي والروحاني. هذا التركيز على الشكل قد يؤثر سلباً على القيمة المعنوية التي يحملها الفن. كما أن تغير الأذواق الفنية الحديثة قد أثّر على جودة الأداء، مما أضرّ ببعض أشكال “أحواش” وجعلها تفتقر للأصالة.
ورغم هذه التحديات، تقوم العديد من الجمعيات الفنية والثقافية بجهود للحفاظ على “أحواش”. من خلال تنظيم مهرجانات وعروض ثقافية، تسعى هذه المبادرات إلى إحياء الفن وتعزيز الوعي بقيمته الثقافية. ومع ذلك، يواجه العديد من الفنانين التقليديين صعوبات مالية كبيرة، مما يستدعي دعماً أكبر للحفاظ على هذا التراث وحمايته.
إن فن “أحواش” ليس مجرد أشكال من الرقص والغناء فحسب، بل هو رمز للثقافة الأمازيغية ويعبر عن روح المجتمعات المحلية. على الرغم من التحديات التي واجهها هذا الفن، فإن الجهود المبذولة للحفاظ عليه تظل أساسية لضمان استمراره كجزء من التراث الثقافي للمغرب. من الضروري أن تركز هذه الجهود على أهمية المعنى الثقافي لفن “أحواش” لكي يظل معبراً حقيقياً عن الهوية الأمازيغية.