عودة الحج البري للمصريين هذا العام لأول مرة منذ ربع قرن
تحقق أمل طارق عبد الرحمن أخيرا في عناق الكعبة هذا العام، بعد أعوام من المحاولة، حيل بينه وبينها لأسباب عديدة، أهمها التكاليف الباهظة لرحلة الحج خاصة في ظل عدم توفر الحج البري الأقل تكلفة لسنوات طويلة.
تأمل عبد الرحمن معالم الطريق من نافذة الحافلة المتجهة من القاهرة إلى ميناء نويبع، بعدما أتيح الحج البري هذا العام بعد توقف لمدة تقارب الربع قرن، ما وفر لطارق و4 آلاف حاج مثله فرصة السفر لأداء الفريضة المقدسة هذا العام، حيث بلغت الكلفة الأدنى لها نحو 130 ألف جنيه (حوالي 4800 دولار).
وانطلقت قبل أيام، العبّارة “آيلة” وعليها 252 حاجا و7 حافلات، وتلحق بها نحو 105 حافلات من مختلف المحافظات إلى ميناء نويبع على البحر الأحمر شرق البلاد، تحمل 9 أفواج من الحجاج الذين يبلغ عددهم 4 آلاف، في حين ستتوقف الحافلات عن تفويج الحجاج اليوم 20 يونيو/حزيران، وفق بيان لهيئة موانئ البحر الأحمر.
وعاد الحج البري مرة أخرى هذا العام لمصر بعد توقفه 25 عاما -منذ حادث عبّارة السلام الكارثي عام 1998ـ وفق تصريحات صحفية لرئيس الإدارة المركزية لميناء نويبع في مصر ياسر العاصي.
وفي سبيل طمأنة المسافرين، شددت السلطات على شركات السياحة والتوكيل الملاحي بضرورة اتباع إجراءات السلامة والأمان.
وأكد عضو عمومية غرفة شركات السياحة باسل السيسي أنه ليس صحيحا توقف الحج بشكل نهائي وكامل عقب حادث العبّارة، بل كان مستمرا، مؤكدا أن التوقف جاء مع جائحة كورونا، ولم يعد بعد السماح بالحج في السنة الأولى.
إن الحج البري مهم للمصريين لانخفاض كلفته، ما يلبي حاجة فئتين، أولهما فئة غير قادرة على الحج السياحي الجوي، وثانيهما فئة تفضله باعتباره أيسر، إذ يأخذهم من أقرب نقطة لبيوتهم ويعود بهم إليها.
وأوضح السيسي أن الحج البري مهم لشركات السياحة، لأنه يشغل حافلاتها، مؤكدا أن هناك بعدا اجتماعيا تحرص عليه الشركات، وستظل الشركات تسعى لتنظيمه بغض النظر عن مدى الربح من ورائه مقارنة بالأنواع الأخرى.
وتبدأ رحلة الحج البري من المدن المصرية المختلفة وصولا إلى ميناء نوبيع، ومنه لميناء العقبة وصولا لجدة فالمدينة المنورة فمكة المكرمة.
وخلال اجتماع لأعضاء بالغرفة مع مسؤولي وزارة السياحة، اشتكت شركات من العجز من الحصول على حجز الفنادق للمستويين البري والاقتصادي، وذلك بسبب تكدس الزيارات في الفنادق.
ووضعت وزارة السياحة -وفق منشور رسمي- عددا من الضوابط التي يجب الالتزام بها كشرط للقيام بالرحلة البرية، منها حداثة الحافلة واستمرار رخصتها.
وتضمنت ضوابط الحج البري كذلك ضرورة التزام الشركة المنفذة لرحلة الحج بإبرام عقد مع الحاج يتضمن تفاصيل البرنامج المنفذ، واحتساب هذه الأسعار عند إصدار الضوابط على أساس سعر الريال (8.17 جنيهات)، بدون تعديل على سعر الحج البري كما حددته وزارة السياحة.
ضمان الحقوق
هذه الضوابط يراها صلاح أحمد مدير إحدى شركات السياحة بمحافظة الجيزة، ضامنة لحقوق الأطراف كافة، فأي مخالفة لهذه الضوابط، قد تفقد الشركة المخالفة رخصة تسيير رحلات الحج لعدة سنوات حال تلقي أي شكاوى من أحد الحجيج.
وينتقد صلاح قلة عدد التأشيرات باعتبارها أهم مشكلة تواجه الحج البري، وبعد أن كانت تمنح 80 تأشيرة لكل شركة في سنوات سابقة، تم تخفيضها حاليا إلى 14 تأشيرة فقط، بشكل يجبر شركات السياحة على الدخول في شراكة مع بعضها البعض لجمع 60 حاجا، سعة كل حافلة؛ كي تحقق الرحلة أهدافها للشركة المسيرة حتى لا تتحمل نفقة تشغيل حافلة واحدة لـ14حاجا فقط.
وطالب صلاح في حديثه للجزيرة نت بضرورة حصول شركات السياحة على عدد أكبر من تأشيرات الحج البري بشكل يتناسب مع عدد سكان مصر، حيث يلزم القانون السعودي بضرورة حصول مصر على 110 آلاف تأشيرة للحج، بواقع ألف لكل مليون نسمة، ولكن حصة مصر من الحج حاليا لا تزيد على 75 ألف تأشيرة هذا العام، وهو عدد مطلوب زيادته ليتم السماح لعدد كبير بأداء الفريضة عبر تكلفة محدودة نسبيا.
واعتبر المتحدث أن عودة الحج البري يسهم في تنشيط السياحة، ويسمح للشركات بتعويض خسائرها عن موسمي الحج السابقين، اللذين تأثرا بشدة بجائحة كورونا.
رحلة سياحية
وأكد صلاح عبد الفتاح رئيس مجلس إدارة إحدى شركات السياحة بمحافظة القليوبية أن رحلة الحج البري تعد رحلة سياحية من الطراز الأول، ذات طابع ثقافي، لمرورها على مدن عديدة مصرية وسعودية.
وتابع “تكلفة الحج واحدة وفقا لكل برنامج، في البري توفّر فقط تذكرة الطيران، وهي باهظة الثمن، وأعجزت الآلاف عن أداء الشعيرة المقدسة في السنوات الفائتة”.
وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن ضوابط الحج البري يتم التقيد بها بشكل مشدد، وأي مخالفة تضع أي شركة سياحية تحت طائلة القانون، بل قد تعرضها للحرمان من تنظيم هذه الرحلات لأعوام.
ونبه إلى أن وقف رحلات الحج البري طوال السنوات الماضية، ثم جائحة كورونا والقيود التي فرضت على أعداد الحجيج، تسببت في خسائر كبيرة للشركات، وصلت لما يقرب من 50% من إيراداتها، وهي خسائر قد تحاول تعويضها خلال موسم الحج الحالي، رغم تراجع أعداد التأشيرات في كافة أنواع الحج.
ورغم انخفاض كلفة الحج البري مقارنة بالجوي، فإن نحو نصفها تذهب في عمليات النقل فقط، وفق عضو مجلس إدارة غرفة شركات السياحة علاء الغمري، مشيرا إلى أن تكلفة رحلة الحج البري حاليا تصل إلى 130 ألف جنيه، منها 60 ألف جنيه تكلفة الحافلة فقط.
وأوضح الغمري أن تكلفة أسعار الحج البري قد ارتفعت بشكل ملحوظ في ظل تغيير أسعار صرف الجنيه، ولكن يبقي سعر الحج البري هو لفئات من الطبقات المتوسطة.
وأشار إلى أن الخدمات التي تقدم لحجاح السياحة من ضمنهم حجاح البري هي الأفضل في مصر، حيث إن هناك برنامجا منظما للغاية، يتم تنفيذه وفق رقابة مشددة من وزارة السياحة، مع التصدي لأي مخالفات بشكل صارم.