سر احتلال الهند المرتبة الأولى عالميا في قيادة النساء للطائرات
سر احتلال الهند المرتبة الأولى عالميا في قيادة النساء للطائرات
تتمتع الهند بأعلى نسبة من قائدات الطائرات المدنية عالميا، وفق بيانات الجمعية الدولية لقائدات طائرات شركات الخطوط الجوية، حيث سجلت دوربا بانرجي اسمها كأول قائدة طائرة مدنية بالهند عام 1966، وقادت نيفيديتا بهاسين طائرة بوينغ 737 لأول مرة عام 1989. وذلك رغم الأوضاع الصعبة للنساء، حيث معدل وفيات لديهن أعلى، كما أن عدد المتسربات من التعليم في وقت مبكر كبير، ومعدلات النساء بالوظائف الحكومية أقل مقارنة بالرجال.
وأظهرت البيانات الصادرة عن أكثر من 100 شركة طيران، أنه عام 2021، بلغت نسبة الطيارين من العاملات، على متن الطائرات التجارية في العالم، 12.4% فقط مقارنة بالرجال، وفي المانيا كمثال، لم تتجاوز نسبة النساء 6.9%، رغم تشجيع الجهات المعنية لهن على الالتحاق بهذه المهنة.
والسؤال المطروح الآن: ما الذي أدى إلى ظهور هذا العدد الكبير من النساء الهنديات في قمرة قيادة الطائرات؟
وما ساعد على ذلك أن الرائدات الأوائل مهدن الطريق. وتقول الرابطة الهندية للطيارات إنه عام 1966 سجلت بانرجي اسمها كأول قائدة طائرة مدنية في البلاد، حيث عملت بشركة الخطوط الهندية التي اندمجت فيما بعد مع شركة “أير إنديا”.
كما قادت بهاسين طائرة بوينغ 737، لأول مرة عام 1989، وحصلت على لقب كابتن في عمر 26 عاما، وقبل ذلك بـ 4 أعوام، عملت مساعدة لقائدة طائرة وسط طاقم بأكمله من النساء.
وتقول بهاسين، التي تقاعدت حاليا، إنها كانت أول قائدة طائرة مدنية بالهند، توازن بين واجبات رعاية الأطفال والتزامات مهنتها. وتضيف أنها ذلك الوقت لم تكن قادرة على رؤية أطفالها فترات طويلة، وكان ذلك مؤلما للغاية، وقد شعرت وقتها بأنه يجب عليها أن تعمل بجهد مضاعف، لتثبت أن المرأة يمكنها أن تقوم بنفس العمل الذي يؤديه الرجل داخل قمرة الطائرة.
وتشير إلى أن الأمور أصبحت أفضل حاليا، بالنسبة لقائدات الطائرات في الهند. ويرجع الفضل بهذا التحسن جزئيا إلى أن العديد من شركات الخطوط الجوية الهندية أصبحت تتبنى سياسات خاصة لدعم قائدات الطائرات، وتسهل لهن الجمع بين الوظيفة والحياة الأسرية.
وعلى سبيل المثال، تقدم شركة “فيستارا” للطيران لقائدات الطائرات إجازة لرعاية الأطفال مدتها 6 أشهر، وتتيح شركة “إنديغو” للقائدات اللاتي لديهن أطفال دون الخامسة خيار الحصول على إجازة أسبوعين شهريا.
وتسمح شركة “سبايس جت” لقائدات الطائرات باختيار المكان الذي يعشن فيه، ولمن لديها أطفال صغار منهن خيار العمل بشكل مؤقت ضمن الفريق الأرضي.
حضور نسائي في تعلم الطيران
وتعمل كونجال بهات معلمة طيران في أكاديمية إنديرا غاندي راشتريا أوران، وهي واحدة من أشهر مدارس تعليم الطيران في الهند، وتقول إن 80 من بين 280 طالبا، في الدورة التدريبية الحالية من النساء، وتشير إلى أن قيام الرجال بالمساعدة في الأعمال المنزلية يسهل عمل قائدات الطائرات.
وتضيف أن زوج ابنتها، على سبيل المثال، يعتني دائما بالأطفال عندما تسافر زوجته في رحلة تقود فيها طائرة.
وأعربت عن أملها في أن يأتي اليوم الذي تتعادل فيه النسبة، بين الرجال والنساء في قيادة الطائرات.
كما تقول بهات إن القوات الجوية الهندية لديها منظمة شبابية تتيح دورة تدريبية مجانية لمدة أسبوعين، على قيادة الطائرات الصغيرة، لنحو 300 عضو بالمنظمة سنويا.
وتهدف الدورة التدريبية إلى تشجيع الشباب على اختيار حياة مهنية في سلاح الطيران، رغم أن بعض المتدربين يختارون في وقت لاحق العمل بالطيران التجاري.
وتوضح بهاسين أن ثمة مجموعة من المنح الدراسية متاحة في الهند، تقدمها عدة حكومات محلية بالولايات، علاوة على المؤسسات ومدارس الطيران، للراغبات في العمل بقيادة الطائرات، وأيضا لبعض قائدي الطائرات، حيث إن الحصول على رخصة طيار مدني مكلف للغاية.
ومقابل الحصول على فرصة للتدريب، دفعت بهاسين الأموال، إلى جانب حصولها على منحة دراسية، وقد تقدمت أمها بطلب للحصول عليها نيابة عنها.
دعم العائلة للنساء
وساعدت الأسر كل من بهاسين وبهات، وأيضا زميلاتهما ليصبحن قائدات طائرات، ومعظم الهنديات يعشن وسط عائلات لديها أفراد كثيرون (عائلة ممتدة) لا تقتصر على الزوجين وحدهما، مما يعد ميزة حيث إن هناك جزءا مهما من ثقافة المجتمع يقضي بأن يساند أعضاء العائلة بعضهم بعضا.
وبالنظر إلى التكلفة المرتفعة للحصول على رخصة قيادة طائرة تجارية، نجد أن أعضاء العائلة الممتدة يقدمون المساعدة بالتمويل، وبالإضافة إلى ذلك يمكنهم أيضا المساعدة برعاية أطفال قائدة الطائرة أثناء عملها.
ويتضح هذا التقليد من خلال ما تقوله بهاسين إنها عندما تكون في رحلة قيادة لطائرة تقدم أمها وحماتها وخالاتها وبنات عمومتها الرعاية لأبنائها، وتضيف “في الهند توجد علاقة وثيقة بين أفراد العائلة، ونحن لا نتردد في طلب المساعدة، ذلك لأنه من الطبيعي أن يقدم كل شخص يد المساعدة”.