خبيرات يدعون الأمهات للإهتمام برعايتهن الذاتية و جعل أنفسهن أولوية
تولي كثير من الأمهات باقي أفراد الأسرة أهمية أكبر من ذواتهن، إذ يشعر بعضهن أن من الأنانية تكريس وقت لأنفسهن، رغم تأكيد الخبراء أن تلبية الأم احتياجاتها العقلية والبدنية يتيح لها تقديم دعم أفضل لأطفالها.
تختلف أساليب النساء في رعاية ذواتهن، فمنهن من تجد في التأمل والتفكّر سندا لذاتها لمواجهة أعباء الحياة، فيما تلتجئ أخريات إلى القراءة وتوعية الذات، بينما تجد بعضهن في الصلاة والعبادة دعما ذاتيا لا يضاهى، ليبقى العامل المشترك بين مختلف الأساليب هو تخصيص وقت للنفس ورعايتها.
تحسين جودة حياة الأمهات
تقدم المختصة النفسية مارا أمور لوبيز، في تقرير نشرته مجلة “إيريس ماما” (Eres Mama) الإسبانية، نصائح لمساعدة النساء والأمهات في تحسين جودة حياتهن.
وتنصح لوبيز كل امرأة بتخصيص “بعض الوقت للاعتناء بنفسك ومظهرك. دللي نفسك قليلا، يمكنك البدء بحمام ساخن أو وضع قناع للبشرة أو الشعر أو الاستلقاء على الأريكة، مع احتساء فنجان من القهوة أو الشاي أثناء قراءة كتاب… من شأن ذلك أن يولد لديك شعورا جميلا بالراحة”.
وتؤكد الخبيرة النفسية أن تخصيص بضع دقائق يوميا للتأمل أو الاسترخاء -وذلك لأن 10 دقائق كافية لتصفية الذهن ومنحه الراحة- يساعد في التواصل مع الذات والاسترخاء والتزود بالطاقة لمواصلة المهام.
ما أولويات الأمهات الذكيات؟
وفي موضوع آخر نشره موقع “باور أوف بوزيتيفيتي” (Power of Positivity) الأميركي، قالت الكاتبة سارة باركلي إن النساء المتميزات يعرفن أن الاعتناء بأنفسهن سيحسن حياتهن وحياة أسرهن، ويساعدهن على العمل بشكل أفضل، موصيةً بالاهتمام بثلاث أولويات:
احترام الذات: المرأة التي تعطي الأولوية للرعاية الذاتية تظهر الاحترام لنفسها، وستلاحظ أنها تهتم بنفسها جيدا ولا تنخرط إلا في العلاقات التي تقدم لها ما تستحقه.
وضع أهداف محددة: عندما تعطي المرأة الأولوية للرعاية الذاتية، فمن المحتمل أن لديها هدفا واضحا في الحياة، وهي تدرك ما يتطلبه العيش بشكل أفضل.
التصرف بطيبة مع الآخرين: النساء اللواتي يعطين الأولوية لأنفسهن يتعاملن مع الآخرين باحترام، ولا يتوانين عن إظهار التعاطف والتفهم.
تجارب أمهات خبيرات في الصحة العقلية
لنتعرف على تجارب 3 خبيرات في الصحة العقلية والنفسية، وهن أيضا أمهات، شاطرن ممارساتهن في الرعاية الذاتية عبر موقع منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف”، وهن: ليزا دامور، وسونالي غوبتا، وهينا طالب، اللواتي تحدثن عن الكيفية التي يجعلن بها الأولوية للرعاية الذاتية، والأنشطة التي يمارسنها، والفوائد التي حققنها لأسرهن:
ما الذي تعلمته بشأن الرعاية الذاتية باعتبارك أمّا، وكيف تمارسينها؟
تكتب الطبيبة النفسية ليزا دامور مقالات لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، وهي أم لطفلين، فتقول “أعتقد أن الوالدين يفترضان في كثير من الحالات أن تكريس وقت لنفسيهما يعني تقليص الوقت الذي يخصصانه لأطفالهما. وهذا ليس صحيحا، فعندما نعتني بأنفسنا نصبح أكثر قدرة على رعاية أطفالنا، كما أن رعاية أنفسنا تؤكد للأطفال أهمية الرعاية الذاتية، وتبين لهم كيفيتها”.
كيف تجدين وقتا للرعاية الذاتية؟
أما طبيبة أطفال والمختصة في علاج المراهقين الكاتبة هينا طالب، وهي أم لطفلين، فتقول بدورها “يبدو الوقت المخصص للرعاية الذاتية أمرا بعيد المنال بالنسبة لي، إذ أنشغل في رعاية طفليّ الصغيرين وإنجاز مهام عملي. وأشعر دائما أنني مناوِبة. وأنا أولي الأولوية للرعاية الذاتية من خلال إدماج هذا الأمر في روتيني اليومي مع أطفالي وفي العمل. فبينما أطبخ أتحدث مع عائلتي وأصدقائي، وأثناء وقت نوم أطفالي، أمارس بعض أوضاع اليوغا. وكثيرا ما أمارس التنفس العميق في العمل بين الاجتماعات، وأحاول وضع هاتفي بعيدا عند نهاية يوم العمل”.
كيف استفادت أسرتكِ من رعايتك لذاتك؟
من ناحيتها، تقول المعالجة النفسية والكاتبة سونالي غوبتا، وهي أم لابنة مراهقة: قررت “مع أسرتي أن نتحدث بانفتاح عن المشاعر التي نمر بها عندما نشعر بعبء أو ثقل المهمات. وعلى مرّ السنوات، تحدثنا جميعا، أنا وزوجي وابنتي، إلى بعضنا عن كيفية ممارسة الرعاية الذاتية، وتكريس بعض الوقت لأنفسنا، مما ساعَد أسرتي على تعميق قدرتها على التحمل والشعور بالهدوء، واحترام احتياجاتنا الخاصة، وفي الوقت نفسه إقامة مجال للتعاطف والتراحم بيننا”.
اهتمي بنفسك أولا
بدورها، تقول المرشدة التربوية كندة حسامي لكل الأمهات “إذا أردت أن تكوني أما فلا تحرمي نفسك، واهتمي بها أولا، وإذا أردت النجاح في أي مجال فعليك بالبدء بالاعتناء بنفسك، وإذا كنت تريدين أن تصبحي أفضل فلا تهملي حاجاتك الشخصية، فكل المسؤوليات تلقى على عاتق الأم لدرجة الاختناق وكأنها البطلة الخارقة، لكن بالنهاية هي إنسانة وتحتاج أيضا للراحة والاهتمام بإسعاد نفسها وأسرتها”.
وتتابع حسامي في حديثها للجزيرة نت، “بسبب كثرة الضغوط وصلت في فترة معينة للبدء بالصراخ بطريقة غير عقلانية، واكتشفت أن الشيء الوحيد الذي كان ينقصني هو الاعتناء بنفسي، فقررت اتخاذ بعض الإجراءات في المنزل لأصبح أكثر هدوءا ورزانة، من خلال تنظيم الوقت في البيت والعمل ومع الأولاد للشعور بمعنويات أفضل ولأستمتع بالحياة أكثر”.
أنت أم رائعة كما أنت!
من جهتها، تقدم اختصاصية علم الاجتماع لودي حمزة بعض النصائح للأمهات للاهتمام بأنفسهن وبصحتهن النفسية والجسدية والمعنوية، بوسائل بسيطة جدا. فالأم هي الداعم الأساسي للعائلة كلها، فهي من تعلم أولادها التغلب على مصاعب الحياة، وهي المثال لهم، وتنير لهم دربهم ليواجهوا المجتمع عندما يكبرون.
وتوجه حمزة حديثها للأم قائلة “لماذا لا تجدين وقتا لنفسك؟ لماذا تحرمينها من الأشياء المحببة إلى قلبك؟”، لترد في الوقت نفسه بقولها “رفّهي عن ذاتك وخصصي بعض الوقت للاعتناء بجمالك أو التنزه مع الصديقات أو ممارسة هوايتك المفضلة، فليس من الخطأ أن تكافئي نفسك وتأخذي قسطا من الراحة وتدللي ذاتك وكأنك أميرة، فإن لم تهتمي أنت شخصيا بذلك فلن يهتم بهذا أحد، كل ما في الأمر: جدي الوقت ونظميه رغم كونك أمّا. فأنت رائعة كأم كما أنت، فلا يوجد إنسان كامل أو مثالي، وكل شيء فيك مميز حتى أخطاؤك، لذلك لا داعي للقلق والتوتر والهلع، تقبلي نفسك وافخري بما أنت عليه، وكوني محبة لذاتك، فأسرتك تحبك كما أنت”.