حصيلة إيجابية لتحقيق الدولة الاجتماعية في المغرب لعام 2024
حصيلة إيجابية لتحقيق الدولة الاجتماعية في المغرب لعام 2024
خلال العام 2024، حقق المغرب تقدماً ملحوظاً في تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية، حيث تم التركيز على توسيع نطاق المستفيدين من التغطية الصحية وتوفير الدعم للمواد الأساسية الأكثر استهلاكاً. كما كانت الحكومة حريصة على تعزيز آليات الحوار الاجتماعي بهدف تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين في مختلف القطاعات.
تجسيداً لهذا التوجه، تمكنت الحكومة من تعزيز منظومة الاستهداف الاجتماعي ضمن خارطة طريق الحماية الاجتماعية (2021-2026). وقد تم تطبيق السجل الوطني للسكان والسجل المجتمعي الموحد، مما مهد الطريق لتقديم التعويضات العائلية بناءً على معايير الأهلية. وبالتالي، تجاوز عدد المستفيدين من الدعم الاجتماعي المباشر في أكتوبر 2024 أربعة ملايين أسرة، بما في ذلك خمسة ملايين و400 ألف طفل. بالإضافة إلى مليون و200 ألف شخص تجاوزوا سن الستين.
من خلال هذه المنظومة، وصل عدد المستفيدين من التأمين الصحي “آمو تضامن” إلى 11,4 مليون شخص من الفئات الهشة. أما بالنسبة للعمال غير الأجراء، فقد تم تسجيل 3,8 مليون مؤمن في النظام ذاته. وبينما يتعاقب التحديات الاقتصادية على المغرب، بما في ذلك آثار الجفاف وزلزال الحوز، استطاع البلد مواجهة هذه الأزمات من خلال برامج دعم استثنائية بقيمة 20 مليار درهم لضمان استقرار المواد الغذائية الأساسية في السوق المحلي.
قدمت الحكومة تدابير دعم جديدة للمساهمة في تقليل الضغوط على تكاليف المواد الأولية. هذه الخطوات أسهمت في الحفاظ على استقرار أسعار الكهرباء والحد من آثار التضخم الذي شهد ذروته في فبراير 2023. حيث انخفضت نسبة التضخم تدريجياً لتصل إلى 4,9% في يوليوز من نفس العام، ثم إلى 0,8% في شتنبر 2024، مما يبرهن على قدرة المغرب على التكيف مع المتغيرات العالمية والمحلية.
أما في قطاع الإسكان، فقد أطلقت الحكومة برنامج “الدعم المباشر للسكن”، الذي استفاد منه ما يقارب 28.458 طلباً، منها 26% لمغاربة الخارج و37% للشباب دون سن الخامسة والثلاثين. بلغت قيمة المساكن التي تم اقتناؤها 11,4 مليار درهم، حيث ساهمت الدولة في دعم بنسبة 20% من القيمة الإجمالية لهذه المساكن. وبخصوص القاطنين في دور الصفيح، تمت معالجة أكثر من 353 ألف ملف من أصل 470 ألف أسرة معنية، وتبقى معالجة ما يقارب 117 ألف أسرة.
وفي مجال الحوار الاجتماعي، تمكنت الحكومة من تحقيق مكاسب هامة للعمال في القطاعات الاستراتيجية. فقد تم إقرار زيادة عامة في أجور موظفي الإدارات العمومية بمبلغ شهري صاف قدره 1000 درهم، مما يعد خطوة كبيرة في تحسين ظروف العاملين في القطاع العام. كما تم تحديد زيادة في الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص بنحو 10% خلال الفترة المقبلة، مع تطبيق هذه الزيادة على دفعتين خلال السنوات 2025 و2026.
على مستوى التعليم، تم التوصل إلى اتفاق تاريخي في قطاع التربية الوطنية، حيث تم تحديد برنامج لتحسين وضعية رجال ونساء التعليم بتكلفة تصل إلى أكثر من 17,5 مليار درهم بحلول عام 2028. هذا الاتفاق يشمل تعزيز الدعم للمربين على مختلف مستوياتهم، ويهدف إلى تحسين الأوضاع المهنية للأطر التربوية والإدارية في القطاع.
في قطاع الصحة، أفضى الحوار الاجتماعي إلى زيادة شهرية تقدر بـ 500 درهم لفائدة الأطر التمريضية، و200 درهم لفائدة الأطر الإدارية والتقنية، ما يعكس التزام الحكومة بتحسين ظروف العمل في هذا القطاع الحيوي. كما تم الاتفاق على تحسين شروط الترقي للعاملين في هذا القطاع من خلال إنشاء لجنة خاصة لمتابعة هذا الملف الهام.
فيما يخص الآثار المدمرة لزلزال الحوز، عملت الحكومة على تسريع عمليات إعادة بناء وتأهيل المنازل المتضررة. حيث تم إصدار أكثر من 56 ألف ترخيص لإعادة البناء، وانطلقت عملية تأهيل 50.807 مسكن، مع تقديم الدعم المالي لأكثر من 57 ألف أسرة بقيمة فاقت 2 مليار درهم. إضافة إلى ذلك، تسير أشغال تأهيل المحاور الطرقية في المناطق المتضررة بوتيرة سريعة، مع تخصيص ميزانية قدرها 665 مليون درهم.
أما في مجال تأهيل المراكز الصحية، فقد تم تنفيذ مشاريع هامة تشمل إعادة بناء 153 مركزاً صحياً بتكلفة إجمالية قدرها 532 مليون درهم. تهدف هذه المشاريع إلى تحسين الخدمات الصحية في المناطق التي تأثرت بالزلزال، مما يعكس رغبة الحكومة في تحسين مستوى الخدمات الصحية لجميع المواطنين.
بفضل هذه الجهود، يمكن القول أن المغرب قد حقق تقدماً كبيراً في تعزيز مفهوم الدولة الاجتماعية عبر مجموعة من الإجراءات التي تدعم المواطنين في مختلف المجالات.