حصاد 2024 في المشهد الثقافي المغربي ودوره في تعزيز الإشعاع الحضاري والتنمية الثقافية
حصاد 2024 في المشهد الثقافي المغربي ودوره في تعزيز الإشعاع الحضاري والتنمية الثقافية
شهد المشهد الثقافي في المغرب خلال عام 2024 تطورًا ملحوظًا تجسد في العديد من المشاريع الثقافية الجديدة والمستمرة، مما يعكس التزام المملكة بتعزيز إشعاعها الحضاري. لقد تميزت هذه السنة بالعديد من المبادرات التي تظهر رؤية المملكة في تعزيز الثقافة كأداة أساسية في التنمية المستدامة. من خلال ذلك، تسعى المملكة إلى ترسيخ مكانتها كداعم رئيسي للفنون والآداب على المستويين الإقليمي والدولي.
بداية مع تدشين المسرح الملكي في العاصمة الرباط، الذي يعد واحدًا من أبرز المشاريع الثقافية التي شهدها العام. تم افتتاح هذا المعلم الكبير تحت إشراف صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، وبحضور عقيلة الرئيس الفرنسي بريجيت ماكرون. يتميز المسرح بجمالياته المعمارية والتقنية المتطورة، مما يساهم في إثراء المشهد الثقافي الوطني ويعزز مكانة الرباط كمدينة الأنوار والعاصمة الثقافية للمملكة. يعتبر هذا المشروع جزءًا من خطة شاملة لتطوير البنية الثقافية في المغرب.
من جهة أخرى، جاءت أخبار اختيار الرباط عاصمة عالمية للكتاب لعام 2026 من قبل اليونسكو كحدث مهم، حيث يعد هذا الإنجاز تأكيدًا على الدور الذي تلعبه العاصمة المغربية في مجال الثقافة والإبداع. كما أن استضافة مدينة مراكش للمؤتمر العالمي التاسع عشر لمنظمة مدن التراث العالمي يسلط الضوء على الدور الريادي للمغرب في مجال حماية التراث الثقافي والحفاظ عليه. هذه الفعاليات تسهم في تعزيز مكانة المغرب على الساحة الدولية.
علاوة على ذلك، كان عام 2024 حافلًا بالفعاليات الثقافية التي تربط المغرب بدول أخرى، مثل فعاليات العام الثقافي قطر-المغرب. كانت هذه الفعاليات فرصة لعرض التراث المغربي في قطر، ما يعكس التنوع الثقافي الغني للمملكة ويعزز من الروابط الثقافية بين البلدين. لقد قدمت هذه الأنشطة فرصة للتعريف بالثقافة المغربية في الخارج، ما يسهم في ترسيخ صورة المغرب كداعم للثقافة العالمية.
في هذا السياق، كان لمراكش دور بارز في استضافتها لمجموعة من الأنشطة الفكرية والثقافية بمناسبة تكريمها كعاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2024. خلال هذه الفعاليات، تم تسليط الضوء على أهمية الحضارة الإسلامية في تطوير الفكر والثقافة. واستمرت مدينة مراكش في تنظيم هذه الأنشطة تحت رعاية جلالة الملك محمد السادس، في إطار رؤية “مراكش الحاضرة المتجددة” التي تسعى لتحقيق توازن بين التحديث العمراني والحفاظ على الهوية الثقافية للمدينة.
تزامنًا مع هذه الأنشطة، شهدت 2024 تعزيزًا للترسانة القانونية المتعلقة بالحفاظ على التراث الثقافي في المغرب. فقد تمت المصادقة على العديد من القوانين الجديدة مثل قانون حماية التراث، الذي يهدف إلى الحفاظ على المعالم التاريخية والفنية المميزة، بالإضافة إلى قانون إعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي، الذي يعزز من دعم الصناعة السينمائية في البلاد. هذه التشريعات تأتي في إطار رؤية الدولة لتعزيز الاستثمارات في قطاع الثقافة والفنون.
أيضًا، شهد عام 2024 خطوة هامة في مسار تعزيز الهوية الأمازيغية في المملكة، من خلال إعلان رأس السنة الأمازيغية كعطلة وطنية مؤدى عنها. جاء هذا القرار بناءً على توجيه جلالة الملك في عام 2023، وهو تأكيد على المكانة الدستورية للأمازيغية كلغة رسمية. يعكس هذا القرار التعدد الثقافي الغني للمغرب، حيث يبرز تنوع الهوية الثقافية ويعزز من مفهوم الوحدة الوطنية.
في هذا السياق، واصل أكاديمية المملكة المغربية عملها وفق هيكل جديد يعكس التوجهات الحديثة في تعزيز التنوع الثقافي داخل المملكة. أكاديمية المملكة لعبت دورًا كبيرًا في إبراز التنوع الثقافي الذي يمتد من الهوية العربية-الإسلامية إلى الهوية الأمازيغية والصحراوية الحسانية، وصولًا إلى التأثيرات الإفريقية والأندلسية والعبرية.
تجسد هذه الجهود الثقافية الهيكلية رؤية ملكية شاملة تهدف إلى تعزيز الثقافة كجزء أساسي من المشروع التنموي للمغرب. إذ أن هذه الخطط تستهدف تسريع عملية الإشعاع الحضاري وتعزز من مكانة المغرب كداعم رئيسي للثقافة والفنون في المنطقة والعالم، ما يضع المملكة على الطريق الصحيح نحو مستقبل ثقافي مزدهر.