تضاعف ثروات أغنى خمسة منذ 2020 فيما تفاقم فقر خمسة مليارات شخص
تضاعف ثروات أغنى خمسة منذ 2020 فيما تفاقم فقر خمسة مليارات شخص
تضاعفت ثروات أغنى خمسة رجال في العالم منذ عام 2020 فيما تفاقم فقر خمسة مليارات شخص في “عقد من الانقسام”، حسب منظمة أوكسفام
ارتفعت ثروات أغنى خمسة رجال بنسبة 114 بالمئة منذ عام 2020. تتوقع منظمة أوكسفام أن يشهد العالم ولادة أوّل تريليونير على الإطلاق في العالم في غضون عقد واحد فقط، فيما سيستغرق الأمر أكثر من قرنين من الزمان لإنهاء الفقر.
في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تضاعف إجمالي ثروات المليارديرات تقريبًا من 24 مليار دولار أمريكي في عام 2020 إلى 40.1 مليار دولار أمريكي في عام 2023.
في 7 شركات من أصل أكبر 10 في العالم ثمّة مسؤول أو مدير تنفيذي مليارديرالآن. حققت 148 شركة كبرى أرباحًا بقيمة 1.8 تريليون دولار، بزيادة 52 بالمئة عن متوسط 3 سنوات، وقدّمت مدفوعات ضخمة للمساهمين الأثرياء، فيما واجه مئات الملايين تخفيضات في الأجور التي لم تعد تواكب مستويات التضخم. تحث منظمة أوكسفام على حقبة جديدة من العمل العام، بما في ذلك الخدمات العامّة، وتنظيم الشركات وكسر الاحتكارات وفرض ضرائب دائمة على الثروات والأرباح الزائدة.
كشف تقرير جديد أصدرته منظمة أوكسفام عن اللامساواة وسلطة الشركات العالمية أنّ أغنى خمسة رجال في العالم قد ضاعفوا ثرواتهم من 405 مليارات دولار إلى 869 مليار دولار منذ عام 2020 – بمعدّل 14 مليون دولار في الساعة – في حين أصبح ما يقرب من خمسة مليارات شخص أشدّ فقرًا. وإذا استمرت الاتجاهات الحالية، فسيشهد العالم ولادة أوّل تريليونير في غضون عقد من الزمان، فيما لن يتم القضاء على الفقر لمدّة 229 سنة أخرى.
وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، زاد عدد المليارديرات من 12 شخص فيعام 2020 إلى 14 شخص عام 2023. ووجد التقرير أن 1% من سكان المنطقة يمتلكون 47.6% من إجمالي الثروة المالية، في حين تبلغ عائدات الضرائب المحتملة على هذه الثروة 84 مليار دولار أمريكي كل عام. أربعة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للبنان.ويكشف تقرير “مؤسسة اللامساواة”، الذي نُشر اليوم فيما تجتمع نخب الأعمال في منتجع دافوس السويسري، أنّ في سبعة من أكبر عشر شركات في العالم ثمّة رئيس تنفيذي أو مساهم رئيسي من أصحاب المليارات. وتبلغ القيمة السوقية لهذه الشركات 10.2 تريليون دولار، أي ما يفوق الناتج المحلي الإجمالي مجتمعًا لجميع بلدان إفريقيا وأمريكا اللاتينية.
على حدّ تعبير المدير التنفيذي المؤقت لمنظمة أوكسفام الدولية أميتاب بيهار “نحن نشهد بدايات عقد من الانقسام، إذ يتحمّل مليارات الأشخاص موجات الصدمة الاقتصادية الناجمة عن الجائحة والتضخم والحرب، فيما تزدهر ثروات أصحاب المليارات. واللامساواة الشديدة هذه ليست من قبيل الصدفة: فطبقة أصحاب المليارات تضمن توفير الشركات للمزيد من الثروة لهم على حساب الآخرين”.
وأضاف بيهار، “إنّ الشركات ذوات السلطة الاحتكارية الجامحة هي آلة لتوليد اللامساواة: فمن خلال الضغط على العمّال والعاملات، والتهرّب من دفع الضرائب، وخصخصة الدول، وتحفيز انهيار المناخ، تحوّل هذه الشركات ثروة لا نهاية لها إلى أصحابها من أصحاب الثراء الفاحش أصلًا. لكنّها أيضًا توجه السلطة، وتقوّض ديمقراطياتنا وحقوقنا. لا ينبغي أن يتمتع أي فرد أو شركة بهذا القدر من السلطة على اقتصاداتنا وحياتنا – ولكي نكون أكثر وضوحًا، لا ينبغي لأحد أن يمتلك مليار دولار أصلًا”.
وقد تكرّست الزيادة الهائلة في الثروات الفاحشة في السنوات الثلاث الماضية، فيما لا يزال الفقر العالمي غارقًا في مستويات ما قبل الجائحة. وقد أصبح أصحاب المليارات أغنى بـ3.3 تريليون دولار ممّا كانوا عليه في عام 2020، إذ نمت ثرواتهم ثلاث مرات أسرع من معدل التضخم.
· على الرغم من أنّ الدول الغنية تمثل 21 بالمئة فقط من سكان العالم، إلا أنّها تملك في شمال الكرة الأرضية 69 بالمئة من الثروة العالمية فيما هي موطن لـ74 بالمئة من ثروة أصحاب المليارات في العالم.
· تعود ملكية الأسهم بالفائدة على الأغنياء بأغلبية ساحقة. ويمتلك أغنى 1 بالمئة من البشر 43 بالمئة من جميع الأصول المالية العالمية. وهم يمتلكون 48 بالمئة من الثروة المالية في الشرق الأوسط، و50 بالمئة في آسيا، و47 بالمئة في أوروبا.
وتعكس الشركات الكبرى الثراء الفاحش لأكبر أثرياء العالم، ومن المرجّح أن تحطم هذه الشركات الأرقام القياسية لأرباحها السنوية في عام 2023. فقد حققت 148 من أكبر الشركات في العالم مجتمعة أرباحًا إجمالية تقدّر بحوالي 1.8 تريليون دولار في العام لغاية يونيو 2023، بزيادة قدرها 52 بالمئة مقارنة بمتوسط صافي الأرباح في 2018-2021. وارتفعت أرباحها الاستثنائية غير المتوقعة إلى ما يقرب من 700 مليار دولار. وقد خلص التقرير إلى أنّه من كل 100 دولار من الأرباح التي حققتها 96 شركة كبرى بين يوليو 2022 ويونيو 2023، عاد 82 دولارًا للمساهمين الأغنياء.
· يرأس برنار أرنو – ثاني أغنى رجل في العالم – شركة لويس فويتون مويت هينيسي وهي أكبر إمبراطورية للسلع الفاخرة في العالم، والتي غرّمتها هيئة مكافحة الاحتكار الفرنسية. كما يمتلك أرنو أكبر وسيلتين إعلاميتين في فرنسا، وهما صحيفة Les Echos، وصحيفة Le Parisien
· يملك أليكو دانغوتي، أغنى شخص في أفريقيا، “شبه احتكار” للأسمنت في نيجيريا. وقد أثار توسّع إمبراطوريته في مجال النفط مخاوف بشأن احتكار خاص جديد.
· زادت ثروة جيف بيزوس البالغة 167.4 مليار دولار بمقدار 32.7 مليار دولار منذ بداية العقد. وقد رفعت الحكومة الأمريكية دعوى قضائية ضد شركة أمازون، مصدر ثروة بيزوس، لاستخدامها “سلطتها الاحتكارية” لرفع الأسعار، وتدهور مستوى الخدمة للمتسوقين/ات وخنق المنافسة.
وقال بيهار، “تضرّ الاحتكارات بالابتكار وتسحق العمّال/ات والشركات الصغيرة. فلم ينس العالم كيف حرمت احتكارات الدواء ملايين الأشخاص من لقاحات كورونا، وخلقت نظام فصل عنصري في مجال اللقاح، بينما صاغت ناديًا جديدًا من أصحاب المليارات”.
ويكدح الناس في جميع أنحاء العالم لساعات أطول – غالبًا مقابل أجور فقر في وظائف غير مستقرة وغير آمنة. كما فشلت أجور ما يقرب من 800 مليون عامل(ة) في مواكبة التضخم فخسروا 1.5 تريليون دولار خلال العامين الماضيين، أي ما يعادل ما يقرب من شهر (25 يومًا) من الأجور المفقودة لكل عامل(ة).
ويُظهر تحليل جديد أجرته أوكسفام لبيانات التحالف العالمي لقياس الأداء لأكثر من 1.600 من كبريات الشركات حول العالم أنّ 0.4 بالمئة منها ملتزمة علنًا بدفع أجور معيشة للعمال/ات وبدعم أجر معيشة في سلاسل القيمة الخاصة بهم. وسيستغرق الأمر 1.200 عام حتى تكسب امرأة تعمل في القطاعين الصحي والاجتماعي ما يكسبه في سنة واحدة الرئيس التنفيذي العادي في إحدى أكبر 100 شركة مدرجة في قائمة فورتشن.
ويُظهر تقرير منظمة أوكسفام أيضًا كيف شهدت “الحرب على الضرائب” من قبل الشركات انخفاض معدل الضريبة الفعلي على الشركات بنحو الثلث في العقود الأخيرة، في حين قامت الشركات بلا هوادة بخصخصة القطاع العام وممارسة التمييز في خدمات مثل التعليم والماء.
وبحسب بيهار، “نحن نملك الأدلة، ونعرف التاريخ. يمكن للسلطة العامّة كبح جماح سلطة الشركات الجامحة واللامساواة – من خلال تشكيل السوق لتكون أكثر عدلًا وتحرّرًا من سيطرة أصحاب المليارات. ويجب على الحكومات أن تتدخل لتفكيك الاحتكارات، وتمكين العمّال/ات، وفرض ضرائب على أرباح الشركات الضخمة، والأهم من ذلك، الاستثمار في حقبة جديدة من السلع والخدمات العامة”.
“ويقع على عاتق جميع الشركات مسؤولية اتخاذ إجراءات، ولكنّ القليل منها يقوم بما عليه. ويجب على الحكومات أن تكثف جهودها في هذا الاطار. ثمّة إجراءات يمكن للمشرعين أن يتعلموا منها، من المسؤولين في الحكومة الأمريكية المناهضين للاحتكار الذين يقاضون شركة أمازون في قضية تاريخية، إلى المفوضية الأوروبية التي تريد من شركة غوغل تفكيك أعمالها الإعلانية عبر الإنترنت، ومعركة إفريقيا التاريخية لإعادة تشكيل القواعد الضريبية الدولية”.
وتدعو منظمة أوكسفام الحكومات إلى تقليص الفجوة بين أصحاب الثراء الفاحش وبقية المجتمع بسرعة وبشكل جذري من خلال:
· تنشيط الدولة، إنّ الدولة الديناميكية والفاعلة هي أفضل حصن ضدّ السلطة المتطرفة للشركات. وينبغي للحكومات أن تضمن توفير الرعاية الصحية والتعليم للجميع، وأن تستكشف السلع التي تُسلم إلى الجمهور والخيارات العامة في قطاعات من الطاقة إلى النقل.
· كبح جماح سلطة الشركات، بما في ذلك عن طريق تفكيك الاحتكارات وإضفاء الطابع الديمقراطي على قواعد براءات الاختراع. ويعني ذلك أيضًا سنّ تشريعات بخصوص أجور المعيشة، ووضع حدّ أقصى لأجور الرؤساء التنفيذيين، وفرض ضرائب جديدة على أصحاب الثراء الفاحش والشركات، بما في ذلك الضرائب على الثروة الدائمة والأرباح الزائدة. وتقدّر منظمة أوكسفام أنّ فرض ضريبة على ثروات أصحاب الملايين والمليارات في العالم يمكن أن يدرّ 1.8 تريليون دولار سنويًا.
· إعادة اختراع الأعمال. لا يجب أن تكون الشركات التنافسية والمربحة مقيّدة بجشع المساهمين. وتعادل الشركات المملوكة ديمقراطيًا عائدات الأعمال بشكل أفضل. ولو كان 10 بالمئة فقط من الشركات الأمريكية مملوكة للموظفين/ات، فقد يؤدي ذلك إلى مضاعفة حصّة الثروة للنصف الأفقر من سكان الولايات المتحدة، بما في ذلك مضاعفة متوسط ثروة الأسر السوداء.