بنسعيد: المدن العريقة تواجه العديد من التحديات تهدد نسيجها العمراني ووظائفها المتعددة
بنسعيد: المدن العريقة تواجه العديد من التحديات تهدد نسيجها العمراني ووظائفها المتعددة
قال وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، أمس الخميس بمراكش، إن المدن العريقة تواجه حاليا العديد من التحديات التي تهدد نسيجها العمراني، ووظائفها المتعددة.
وأبرز السيد بنسعيد، في كلمة تلاها بالنيابة عنه عبد الجليل بوزوكار، مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث بالرباط، خلال افتتاح فعاليات النسخة الثانية عشر لمهرجان سماع مراكش للقاءات والموسيقى الصوفية، أن هذه التحديات تفرض القيام بجهود متواصلة في مجالات الترميم والتهيئة والتثمين ورد الاعتبار للمعالم والبنايات التاريخية حتى تتمكن من مقاومة تأثير العوامل البشرية والطبيعية المتداخلة.
وذكر الوزير بأن هذه الحواضر التاريخية حافظت على جزء هام من خصائص التراث المغربي الأصيل سواء في مجالات المعمار وتصميم المدن، أو في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المختلفة، وتواصل أداء وظائف ها بشكل فعال.
وأكد في هذا السياق، على أنه رغم التحولات الاجتماعية المتسارعة التي عرفتها المملكة حديثا، بقي النسيج الحضري العريق ينبض بالحياة، ويساهم في تنظيم إيقاع الأنشطة اليومية للسكان، حيث شكل رافعة أساسية للتنمية المستدامة عبر السياحة الثقافية.
وأشار، من جهة أخرى، إلى العديد من المشاريع التي أنجزها قطاع الثقافة بمدينة مراكش المصنفة تراثا عالميا من طرف اليونسكو، والتي همت عدة معالم تاريخية كقصر البديع، وقصر الباهية، وقبور السعديين، والقبة المرابطية، وجناح المنارة، وأبراج القزادرية، بالإضافة للأسوار التاريخية، إلى جانب تتبع مختلف العمليات التي كانت تقوم بها مختلف المصالح والمتدخلين بالبنايات المتضررة والتي توجد داخل أسوار المدينة العتيقة من أجل الحيلولة دون المساس بالبنايات التي لها طابع أثرى أو هندسة تقليدية أو لها طابع تراثي.
من جهته، أكد عبد الإله بنعرفة، نائب المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، على أن مدينة مراكش تزخر بتراث ثقافي وحضاري عريق مما يفرض ضرورة التفكير في كيفية إعادة الاهتمام بهذا الإرث الحضاري الكبير وتنميته.
وأضاف أن مدينة مراكش ستكون خلال السنة المقبلة عاصمة الثقافة بالعالم الإسلامي، مؤكدا على أن هذا الحدث سيشكل مناسبة كبيرة لإبراز هذه العاصمة الإمبراطورية التي عرفت تعاقب عدة دول عليها والتي تركت بصمات واضحة، إضافة إلى الإرث الروحي الذي تزخر به المدينة الحمراء.
وأشار إلى أن هذه النسخة من مهرجان سماع مراكش للقاءات والموسيقى الصوفية والتي تأتي بعد زلزال الحوز الذي تضررت منه مدينة مراكش، تكتسي أهمية كبيرة للتفكير في المدينة العتيقة وحاضرها ومستقبلها، وفي كيفية تنميتها.
من جانبه، أكد رئيس جمعية “منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته” جعفر الكنسوسي، أن المدينة العتيقة تكتسي أهمية كبيرة لكونها تمثل بوثقة صدى الهوية الوطنية، ومقامة حضارية عالية كل الناس في حاجة إليها.
وأشار إلى أن هذه التظاهرة تهدف إلى التعريف بقيم الهوية والتقاليد الثقافية والروحية بالمغرب وتفهيمها ومن ث م الاستجابة للحاجة الروحية للجمهور والكشف عن الحكمة وعن تعاليم كبار مشايخ التصوف عبر التاريخ.
ويسعى المهرجان المنظم بمبادرة من جمعية “منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته” تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وبشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل على مدى أربعة أيام، إلى الحفاظ على السماع الصوفي كتراث فني عالمي، ثقافي وروحي، يتيح فرصة مواتية للتأمل ويبرز للجمهور معاني التفكر بالكرامة الإنسانية.
ويركز برنامج هذه النسخة على مدن المغرب والمدينة العتيقة لمراكش على وجه الخصوص، والتي شهدت في العقود الأخيرة تطورا ونموا كبيرين، يظهر تأثيره إلى حد كبير في التحولات المادية لمناظرها الحضرية وفي الزيادة الكبيرة في الأنشطة.
ويتضمن البرنامج تنظيم ندوة حول موضوع “حاضر المدن العتيقة بالمغرب ومستقبلها”، ومحاضرة بعنوان “شرقي مراكش”، إلى جانب إقامة حفلات موسيقية روحية في المعالم التاريخية المرموقة بالمدينة العتيقة لمراكش.
وخلال هذه التظاهرة سيقوم الخبراء المدعوون بتطوير تحليلات ووجهات نظر من تجاربهم التي عاشوها في المدينة العتيقة، إلى جانب عرض المهندسين المعماريين والمخططين الحضريين مشاريعهم وانجازاتهم المتعلقة بالحفاظ على المدن المغربية وصونها ومناقشة السياسة العامة للحفاظ على التراث التاريخي، وكذا الممارسات الحضرية الفضلى في المدينة العتيقة وجبال الأطلس.