النقابة الوطنية للصحافة المغربية تندد بتقارير منظمة Human Rights Watch
النقابة الوطنية للصحافة المغربية تندد بتقارير منظمة Human Rights Watch
أعلنت النقابة الوطنية للصحافة المغربية، اليوم الجمعة، عن رفضها المطلق لمضامين تقرير منظمة “هيومان رايتس ووتش” الجديد، باعتبار أنه يفتقد إلى المهنية والمصداقية والشرعية، ويتجرد من ضمانات وشروط الموضوعية والنزاهة وعدم الانحياز.
وأوضحت النقابة، في بلاغ ، أنها اطلعت على التقرير الأخير الذي أصدرته منظمة “هيومان رايتس ووتش” حول أوضاع حرية الصحافة في المغرب، لافتة إلى أنه بعد دراسة هذا التقرير والإلمام بجميع المعطيات المرتبطة به وبالمنهجية التي اعتمدها، وبالسياق والظروف التي نشر فيها، تبين أنه لم يختلف في مضمونه عن التقارير الأخيرة التي أصدرتها نفس المنظمة خلال السنين القليلة الماضية.
وأضافت أن التقرير يكرر سرد نفس الوقائع التي استجدت في السنوات الماضية، ما يعني أن المنظمة تعيد إصدار نفس التقرير بنفس المحتويات كل سنة، مسجلة، في هذا السياق، أن “التقرير يتطرق إلى وقائع وقضايا وقعت قبل سنوات خلت، لكنها تقدم في التقرير كما لو أنها وقعت في الفترة الوجيزة الماضية، بما يكشف منهجية إعادة إنتاج نفس الروايات”.
وتكاد المنهجية التي اعتمدها المشرفون على هذا التقرير، يضيف البلاغ، أن “تفرغه من محتواه وتحوله إلى وثيقة سردية تعتمد على حاكي وحيد، وعلى راوي يقدم روايته من وجهة نظره الشخصية”، مؤكدا أن التقرير “يفتقد إلى المنهجية العلمية المعتمدة في إنجاز تقرير ذي مصداقية غير منحاز، بعيد كل البعد عن خلفيات ومراجع سياسية صرفة، وهذا ما يتجلى في تغييب أطراف أخرى معنية بصفة مباشرة بالأحداث والقضايا التي يتطرق إليها التقرير، حيث لا يقدم أية رواية أخرى صادرة عن أطراف معنية بالملفات التي أوردها”.
وتابع المصدر ذاته بأن التقرير افتقد أيضا إلى “مصداقية الرصد العلمي، حيث اكتفى بتجميع ما نشر في بعض وسائل الإعلام داخليا وخارجيا، وفي شبكات التواصل الاجتماعي دون أي تحري أو تقصي، وعلى ما تناقلته مكالمات هاتفية شخصية ومباشرة” مؤكدا في هذا الصدد أن تقرير “هيومان رايتس ووتش” غيب آليات الرصد الحقيقية من خلال ملاحظات مباشرة للمحاكمات وإشراك فئة عريضة من شأنها أن تمثل عينة ذات مصداقية، مثل المنظمات المهنية للصحافيين والناشرين، وكذا المنظمات الحقوقية المتعددة، واعتمد بالمقابل على رواية منظمة حقوقية واحدة.
وأثارت النقابة الوطنية للصحافة المغربية أن التقرير “تضمن مواقف سياسية وأحكام قيمة، ويستند إلى لغة بعيدة كل البعد عن لغة التقارير المهنية والعلمية التي تبتعد عن التوظيف اللغوي وعلى التعابير العامة الفضفاضة”.
ولفتت الانتباه إلى أن التقرير “اعتمد على عينة من أشخاص فاعلين سياسيين، لهم كامل الحق في أن تكون لهم مواقف سياسية إزاء الأوضاع العامة والمؤسسات الدستورية في بلادنا، ولا يقبل نهائيا أن تعمل أية جهة على مصادرة حقوقهم المشروعة في التعبير وإبداء الرأي، لكن لا يمكن لمنظمات، ذات مصداقية، أن تقتصر على وجهة نظرهم وعلى مواقفهم، وحدهم، في إنجاز تقاريرها”.
وأضاف بلاغ النقابة أن الأحداث والحالات التي ادعى التقرير رصدها حصلت في شأنها خلافات وتباينات، موضحا في هذا السياق أنه “إذا كانت أطراف معينة أكدت أن الوقائع محاكة ومخطط لها للإيقاع بأشخاص معينين، وتم توظيف القضاء لتحقيق الأهداف المخطط لها، فإن أطراف أخرى حقوقية ومهنية وأشخاص رأوا خلاف ذلك، وأن الأفعال المنسوبة لأولئك الأشخاص صحيحة وثابتة، وأن هناك ضحايا تقدموا بشكايات، من بينهم صحافيات، ولا يمكن إنكار حقوق هؤلاء الضحايا، وأنه لا يمكن مساءلة النوايا دون الإقناع بوسائل إثبات صادقة”. واعتبرت في هذا الصدد أنه “من العيب أن تنحاز منظمة حقوقية دولية إلى طرف دون الآخر وتناصر جهة على أخرى بما ينكر حقوق طرف من الأطراف”.
وسجلت النقابة الوطنية للصحافة المغربية “في سابقة من نوعها في تاريخ التقارير الدولية”، العداء الواضح الذي أبداه التقرير إزاء بعض وسائل الإعلام الوطنية، والهجوم عليها بتعبيرات حاطة من الكرامة، مشيرة إلى أنه “وبغض النظر عن الموقف من الخط التحريري لأية وسيلة إعلام في بلادنا، فإن منظمة حقوقية ليست مختصة، وليس من وظيفتها، تصنيف الخطوط التحريرية وإصدار أحكام قيمة على المؤسسات الإعلامية، وتنقيط الصحافيين”.
ونبهت إلى أن التقرير “يثير قضية التشهير الذي مارسته بعض مؤسسات الإعلامية الوطنية ضد أشخاص معينين وهذه القضية كانت موضوع إدانة من طرف النقابة الوطنية للصحافة المغربية، إلا أنه اقترف نفس الأفعال من خلال التشهير ضد مؤسسات إعلامية وطنية بما يمثل تحريضا ضدها، خصوصا مؤسسات (شوف تيفي وبرلمان. كوم و360)”.
وتعمد التقرير، يضيف البلاغ، إدراج قضايا شخصية تهم خلافات ونزاعات شخصية تتعلق بقضايا العقار وغيرها، وأقحمتها في المجال الحقوقي والمهني، مما يمثل تكثيفا للتقرير بقضايا ليست ذات صلة بهدف تعزيز موقف سياسي معين.
ولاحظت النقابة الوطنية للصحافة المغربية أن حرص منظمة “هيومان رايتس ووتش” على إعادة إصدار نفس التقرير حول الأوضاع في المغرب بنفس المضامين تقريبا كل سنة، تزامنا مع تخليد المغاربة لعيد العرش، الذي يمثل بالنسبة للمواطنين المغاربة وللرأي العام الدولي مناسبة لتقييم الحصيلة السنوية في ما يتعلق بجهود التنمية بالمغرب، “هو تزامن غريب يطرح أكثر من علامة استفهام، ولا يمكن الاحتماء في عامل الصدفة، لأن هذا التزامن تكرر خلال السنوات الماضية، وأن معدي التقرير يدركون رمزية وأهمية هذا التزامن، بما يؤشر على وجود عامل التعمد والقصد، السياسي، من وراء هذا التزامن”.
لذلك كله وغيره كثير من العيوب الشكلية والمتعلقة بالمضمون التي حفل بها التقرير، يتابع البلاغ، فإن النقابة الوطنية للصحافة المغربية تعبر عن خيبتها من هذه الوثيقة التي كان يمكن التعويل عليها في تقويم الانحرافات والانزلاقات التي قد تكون واقعة في المشهد الاعلامي الوطني، لو أنها تحررت من الخلفيات والحسابات السياسية.
وخلص البلاغ إلى أن النقابة الوطنية للصحافة المغربية، التي لا تنفي تسجيل خروقات في مجال ممارسة حرية الصحافة و التعبير وتجدد التزامها بالتصدي لها، “تعلن رفضها المطلق لمضامين تقرير منظمة (هيومان رايتس ووتش) الجديد، لأنه افتقد إلى المهنية، وتجرد من ضمانات وشروط الموضوعية والنزاهة وعدم الانحياز وافتقد المصداقية والشرعية”.