المغرب ينفق 0.3 في المائة من الناتج الإجمالي لدعم الصحة خلال “جائحة كورونا”
المغرب ينفق 0.3 في المائة من الناتج الإجمالي لدعم الصحة خلال “جائحة كورونا”
كشفت ورقة بحثية- تحليلية، نشرها بنك المغرب مطلع العام الجاري، عن “تباين حجم الإنفاق” ضمن جهود الانتعاش الاقتصادي التي اتخذتها الدول لمكافحة تداعيات الجائحة اقتصاديا واجتماعيا، مشيرة إلى أن “المغرب من الدول الناشئة والنامية التي خصصت نسبة 6,3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد لجهود الانتعاش على مدى عامَي 2020 و2021”.
وأبانت معطيات الدراسة والتحليل، التي قام بها الباحثان كمال لحلو، رئيس مصلحة تحليل السياسات العمومية في قسم البحوث ببنك المغرب، وسعيدة حجاجي، باحثة اقتصادية بالقسم نفسه، عن معطيات رقمية دالة على كيفية صرف المبالغ المالية التي خصصتها الدولة لجهود الإنعاش خلال فترة الأزمة الصحية.
وذهبت ما نسبته 0.3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للمغرب (PIB) إلى الإنفاق في إطار دعم جهود قطاع الصحة، فيما ذهبت 2.1 بالمائة منها إلى إجراءات دعم صمود الأسر والمقاولات؛ في حين نالت الضمانات الائتمانية للقروض من طرف الدولة النصيبَ الأكبر من جهود المملكة لدعم انتعاشة الاقتصاد إبان “كورونا” (بنسبة 3.9 بالمائة من الناتج الإجمالي).
الوثيقة البحثية، التي نشرها بنك المغرب على بوابته الإلكترونية في “ركن المنشورات والأبحاث” بعد تحكيمها من طرف لجنة خبراء ومحللين، جاءت باللغة الفرنسية في 18 صفحة، معنونة بـ”محددات جهود التعافي والانتعاش الاقتصادي استجابة لأزمة كوفيد-19″.
وسجلت “ركود الاقتصاد العالمي بشكل غير مسبوق بسبب جائحة كوفيد-19″، مما اضطر الحكومات إلى اللجوء إلى استخدام تدابير دعم متعددة للأسر والمقاولات من أجل التخفيف من آثار الأزمة وإنعاش النشاط الاقتصادي، لافتة إلى “تبايُن حجم الإنفاق خلال 2020 و2021 بين اقتصادات الدول”.
واستنادا على معطيات رقمية ومبيانات صندوق النقد والبنك الدوليين (لاسيما Fiscal monitor of country -Fiscal measures in response to the COVID-19 pandemic)، تفحّص العمل البحثي “محددات اقتصادية على مستوى “ماكرو” بصمت جهود التعافي استجابة للوباء في حوالي 86 دولة ناشئة ونامية، ضمنها المغرب”.
وسجل الباحثان ملاحظة هامة تمثلت في “عدم وجود توافق في الآراء بين خبراء الاقتصاد والمال بشأن محددات جهود الإنعاش”، قبل أن يُحلّلا مختلف المحددات الماكرو- مالية والاجتماعية والصحية لجهود الإنعاش في البلدان الناشئة والنامية، بما فيها المغرب، لمعالجة أزمة “كوفيد-19” الصحية التي تسببت في “الركود الاقتصادي الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية”.
وعموما، أظهرت النتائج، المتوصل إليها بعد التحليل المنجز، أن “ارتفاع مستويات الديون وعجز الحساب الجاري ساهَما، بشكل كبير، في تقليص جهود التحفيز والانتعاشة الاقتصادية في مختلف دول العالم”.
كما خلصت إلى أن “شدة الركود الاقتصادي الملحوظ عام 2020 ومؤشر التنمية البشرية ساهمَا في زيادة جهود التعافي”، راصدة أن “حجم الاقتصاد غير المهيكل ضاعف الحاجة إلى المساعدة؛ لأن العاملين في هذه الأنشطة لا يستفيدون من خدمات الضمان الاجتماعي”، مع تنويه بـ”تأثير إيجابي لتنمية القطاع المالي على جهود التعافي التي استهدفت المقاولات من خلال آليات ضمان الائتمان”.
استجابة مغربية للأزمة على مرحلتيْن
وبخصوص الحالة المغربية، أشادت الورقة البحثية بـ”تنفيذ تدابير مالية ونقدية كبيرة للتعامل مع التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للأزمة الصحية”، مُقسمة “تعامل واستجابة المملكة مع جهود الإنعاش الاقتصادي ضد أزمة كورونا” إلى مرحلتين.
الأولى بدأت مع إنشاء “الصندوق الخاص لتدبير جائحة فيروس كورونا”؛ إذ ركزت الاستجابة على “تعزيز الهياكل الصحية، ودعم الأسر، والحفاظ على الوظائف ومناصب الشغل في القطاع الخاص، مع تخفيف وتلطيف الصدمة على التدفق النقدي للشركات والمقاولات”، في حين بصم الثانية “الانتعاش”، مع وضع خطة بقيمة 120 مليار درهم لتسهيل وصول الشركات إلى التمويل من خلال خطط ضمان ائتماني جديدة، وتنشيط الاقتصاد عبر إنشاء “صندوق محمد السادس للاستثمار”.
يشار إلى أن الآراء الواردة في الوثيقة البحثية “تمثل المؤلفين ولا تعكس، بالضرورة، موقف بنك المغرب”، حسب ما ورد في بدايتها، لافتة إلى أنه “من أجل ضمان جودة بحثية ودقة علمية تم تقييم أوراق العمل المنشورة من طرف خبراء تحكيم خارجيين وأكاديميين، فضلا عن باحثين من البنوك المركزية الحديثة”.