منوعات

الفضاءات الخضراء ملاذ الساكنة ليلا جراء ارتفاع درجات الحرارة بمراكش

الفضاءات الخضراء ملاذ الساكنة ليلا جراء ارتفاع درجات الحرارة بمراكش

تضفي الفضاءات الخضراء بمدينة مراكش رونقا على جمالية هذه المدينة الساحرة، التي يعشقها، على حد السواء، ساكنتها وزوارها، مما يجعلها في ليالي الصيف، حيث الحرارة المفرطة بالنهار، ملاذا لكل الفئات العمرية للترويح عن النفس وقضاء اوقات ممتعة بين أحضان الطبيعة، حيث النسيم العليل يسري بين أغصان الاشجار، ليسهم في خفض مستوى الحرارة الى درجات تنتعش معها النفوس والأبدان، التي تستعيد معها حيويتها ونشاطها.

وتعرف هذه الفضاءات كل ليلة اقبالا مكثفا من الساكنة، التي تبحث عن أماكن تمكنها من الاستمتاع برطوبة الطقس، خاصة وأن المدينة تعرف، منذ ايام، درجات حرارة مرتفعة جدا، غير مسبوقة تتجاوز أحيانا 45 درجة، والتي تحتم على الساكنة الحد من تنقلاتها في النهار خاصة فئة الاطفال وكبار السن، في انتظار غروب الشمس، للتوجه الى المساحات الخضراء بالمدينة، والتي غالبا ما تقع بالقرب من التجمعات السكنية، باعتبارها مجالات للتخفيف من شدة الحرارة، خاصة داخل المنازل غير المجهزة بالمكيفات.

وقد اعتادت ساكنة المدينة الحمراء على مثل هذه الحرارة في فصل الصيف، وخبرت التعامل معها بعدم الخروج وقت الذروة وتجنب التعرض لأشعة الشمسية الحارقة، مع شرب الماء بكميات كافية، فضلا عن قضاء أوقات في الفضاءات الخضراء التي تتوفر عليها المدينة، خاصة خلال الفترة المسائية.

وفي هذا السياق، تشهد مدينة مراكش حركية أكبر ليلا، ابتداء من وقت الغروب الى ساعات متأخرة، عكس الأجواء في النهار التي تتميز بحركة محدودة بسبب الحرارة المفرطة التي تعرفها المنطقة، لاسيما بعد الزوال، وهو ما يجعل هذه الحدائق والساحات الخضراء أمكنة مناسبة للاستمتاع بطراوة الجو، حيث يفضل البعض تناول وجبة العشاء بهذه الفضاءات أو احتساء القهوة أو تناول كؤوس من الشاي أو بعض المأكولات الخفيفة.

وذكر عضو المجلس الوطني للائتلاف المغربي من اجل المناخ والتنمية المستدامة، بوجمعة بلهند، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، بالدور الذي تلعبه النباتات والاشجار في تلطيف الجو، مما يجعل المواطن يحس بانتعاشة في هذه الفضاءات التي تقيه من الحرارة المفرطة، التي تعرفها مراكش خلال فصل الصيف.

واشار الى الطابع الثقافي الذي كانت تكتسيه هذه الفضاءات سابقا بمراكش لكونها كانت تعد مجالا لتوطيد جسور التواصل بين افراد الاسرة في حد ذاتها والانفتاح على اسر اخرى علاوة على كونها تمكن المواطن من الابتعاد عن البنايات الاسمنتية التي تعرف درجات حرارة غير عادية بالنسبة لساكنيها خاصة داخل العمارات.

واكد انه من حسن الحظ ان هناك بعض الفضاءات التي تساهم في التخفيف من وطأة الحرارة الشديدة، والتي انضاف إليها، مؤخرا، فضاء منتزه مولاي الحسن الذي يمثل متنفسا كبيرا لساكنة مدينة مراكش وزوارها، وأصبح يستقطب أعدادا هائلة من الاشخاص التي لا تسمح بها فضاءات اخرى، اذا تم استثناء فضاء حدائق المنارة والحدائق المتواجدة بالقرب من مسجد الكتبية، والحارثي، ومحج محمد السادس التي تلجأ اليها ساكنة مراكش.

وقال إن على المواطن أن يستحضر ايجابيات ما تمنحه هذه الفضاءات الخضراء، لأنه في غيابها سيكون من الصعب تحمل درجات الحرارة المفرطة في مدينة مراكش، ولابد من استحضار ان هذه الفضاءات التي تكمن اهميتها في المحافظة على بيئة المدينة من التلوث وتسهم في تجويد الهواء بالمدينة الذي كانت دوما معروفة به، وانها هي المتنفس الذي يقيه من تلك الحرارة المرتفعة، وبالتالي لا بد من المحافظة عليها والمساهمة في صيانتها وعدم تلويثها وتدميرها.

وأبرز ان الضغط الكبير الذي تعرفه هذه الفضاءات كل يوم من شأنه ان يؤثر سلبا على الغطاء النباتي المتواجد بها، خاصة ان رواد هذه الفضاءات لا يراعون أهمية هذه المجالات برمي النفايات، وبعض السلوكيات المتمثلة في لجوء البعض إلى الطبخ في هذه الامكنة مع كامل الخطورة التي قد ينتج عن ذلك، بالإضافة الى الاكل بمختلف انواعه الشيء الذي يسهم في فرز تعفنات التي تنتج مجموعة من البكتيريات المسببة للأمراض.

ودعا السيد بلهند الى الحرص على الاكثار من الفضاءات الخضراء بالمدينة لتفادي الضغط على بعض منها، كما هو الشأن بالنسبة لمنتزه مولاي الحسن، فضلا عن ضرورة تعبئة المجتمع المدني للمساهمة في توعية المواطنين بالتعامل المسؤول مع الغطاء النباتي.

ومن جهته، أوضح المكلف بقطاع الرياضة والمساحات الخضراء بالمجلس الجماعي لمراكش، عبد الله الفجالي، في تصريح مماثل، أن ليالي الصيف بمراكش لا تمثل فقط مناسبة للترويح عن النفس، بل أيضا فرصة لمكونات العائلة للاجتماع بين أحضان الطبيعة في الحدائق والمنتزهات لتقاسم الآراء والأفكار ، من أجل تمتين وتثمين الروابط العائلية.

وأكد أن الفضاءات الخضراء تتوفر على كل الشروط لتكون في المستوى المطلوب والتي تمكن المواطن من الاستمتاع بهذه المجالات، مضيفا أن المواطنين مطالبون بالعمل جنبا الى جنب مع المشرفين على هذه الفضاءات الخضراء للمحافظة عليها في ظل التغيرات المناخية التي يعرفها المغرب، فضلا عن قلة الامطار وندرة الماء.

وبعد أن ذكر بأهمية المحافظة على هذه الفضاءات لكونها تعد جزءا من جمالية مراكش وكذلك للدور الذي تلعبه في استقطاب المزيد من السياح المغاربة والاجانب، أبرز السيد عبد الفجالي ضرورة تحسيس الآباء لأبنائهم بنبذ بعض السلوكيات المضرة بالنباتات في الفضاءات الخضراء، مشيرا الى الصعوبات التي يواجهها المشرفون على هذه المنتزهات، خاصة بسبب تصرفات وخروقات تكون غالبا سلبية وتضر بمكونات هذه المجالات.

وثمن المجهودات المبذولة لجعل مراكش تزخر بالمناطق الخضراء رغم مناخها شبه الجاف، داعيا الجمعيات الى الاهتمام أكثر بالجانب البيئي من اجل المحافظة على جمالية المدينة الحمراء التي تضم العديد من الحدائق .

وأصبح اللجوء الى هذه الفضاءات، التي تتوفر في مجملها على كل المقومات التي يحتاجها المواطن كالإنارة والأمن للاستمتاع أكثر بما تتيحه الطبيعة من بساط أخضر، إحدى العادات التي تلجأ اليها العديد من الأسر للترويح عن النفس، والالتقاء بالأصدقاء في أجواء حميمية.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!