سياسة

النخب العربية ..تاريخ خصام واستعصاء طويل

النخب العربية ..تاريخ خصام واستعصاء طويل

 

بشرى بازين

لا شك أنه على امتداد السنين ظلت اشكالية  الديمقراطية و تبادل السلطة عبر صناديق الاقتراع بكل شفافية ونزاهة، تشكل  حلما صعب التحقق  على أرض الواقع عند  النخب العربية  والمسلمة.

فخصام العرب والمسلمين مع الديمقراطية كان ولازال مستمرا وسوف يبقى إلى أجل غير مسمى، في ظل استمرار نفس النخب الحاكمة وعدم التداول السلمي للسلطة والإصلاح، وعدم توسيع مساحة المشاركة الشعبية واستبعاد  صناديق الانتخابات التي تلعب دورا رئيسيا في انتقال السلطة من نخبة إلى أخرى، ومن جيل إلى آخر.

ولعل  هذه الفجوة الشاسعة التي باتت مع مرور الوقت، أكثر عمقا، بين العرب والمسلمين والديمقراطية، بسبب هذه النخب “المريضة ” والمفروضة على المواطنين  والتي لا جذور لها في الشارع السياسي  سوى أنها  عمرت طويلا بتشبتها  بالمناصب  ورفضها للتنحي جانبا،  ولعل أبرز  مثال   على ذلك هو نموذج رئيسة دولة البنغلاديش المسلمة الشيخة حسنية التي فازت للمرة  الرابعة  على التوالي  برئاسة الحكومة الذي يعد ضربا سافرا لشروط النزاهة والشفافية والتنافس العادل، والتي فرت قبل أيام إلى  الخارج خوفا على حياتها، لتتيح للجيش الانقضاض على السلطة وتنزيل حكم شمولي لا يعلو فيه سوى صوت الجيش على  اعتبار أنه  السلطة الوحيدة القادرة على قيادة البلاد في الظرفية الحالية.

ولطالما كانت المسافة بين العرب والممارسة الديمقراطية الحقيقية  شاسعةً وبعيدة  ربما بسبب  تركيبتهم  او حمضهم النووي  الذي يهوى الخلود فوق كرسي الحكم،  على خلاف دول العالم التي  كانت ولازالت تصبو إلى بناء وتعزيز وارساء النظم الديمقراطية، في الوقت الذي نقف فيه على صراع النخب العربية حول التداول على السلطة على شاكلة معمر القدافي بليبيا، وصدام الحسين بالعراق وحافظ الاسد بسوريا الذي سيخلفه ابنه بشار فيما بعد، وحسني مبارك بمصر، وعلي صالح باليمن ، وزين العابدين بنعلي بتونس والرئيس الحالي سعيد قيس  الذي قدم بدوره ترشحه لولاية ثانية وبوتفليقة بالجزائر وبعده الرئيس الحالي تبون  الذي ترشح بدوره لولاية ثانية كما هو الحال في أفغانستان و طالبان ، والسودان .

‏‎ كل هذه الحالات “الهجينة” سُمح فيها بتولي نفس الوجوه للحكم دون أن يحاسبها أحد، وهي وحدها من تقرر و تسمح بمشاركة باقي التيارات في الانتخابات أو تشدد الخناق عليها وذلك لقطع الطريق أمام اي تغيير حقيقي، يستند على مبادئ الديمقراطية الحقة.

‏‎ألا يدعو الوضع  الحالي  والواقع المأزوم لهذه الدول  التي من المفروض أن تستمد شرعيتها من العملية الانتخابية الحرة والنزيهة إلى حاجة ملحة للسعي وراء التغيير والانفلات من سطوة الاستبداد والخروج من هذا الاستعصاء الديمقراطي الكبير.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!