إقتصاد

استراتيجية المغرب المبتكرة لضمان الأمن المائي والغذائي في مواجهة التحديات المناخية

استراتيجية المغرب المبتكرة لضمان الأمن المائي والغذائي في مواجهة التحديات المناخية

في خطوة هامة نحو تعزيز الأمن المائي والغذائي، أكد عبد الفتاح صاحبي، الكاتب العام لوزارة التجهيز والماء، أن المغرب يسير في اتجاه تطوير سياسته المائية استجابة للرؤية الاستراتيجية التي وضعها جلالة الملك محمد السادس. هذه الرؤية تسعى إلى مواجهة التحديات الكبرى التي تواجهها المملكة فيما يتعلق بإدارة الموارد المائية.

أوضح السيد صاحبي، خلال ندوة دولية بفاس حول تدبير الموارد المائية، أن جلالة الملك أرسى خارطة طريق طموحة لمواجهة التحديات المرتبطة بالأمن المائي والغذائي، حيث أظهرت المملكة قدرة عالية على التكيف والصمود رغم الإكراهات المناخية التي قد تضر بالموارد الطبيعية. وتعتبر هذه المبادرة جزءاً من النهج الوطني الذي يهدف إلى تعزيز الاستدامة في مجال المياه والغذاء.

وأشار السيد صاحبي إلى أنه في مواجهة ندرة المياه وتقلص التساقطات المطرية، يعتمد المغرب على مقاربة مرنة ومبتكرة لضمان أمنه المائي. وتتمثل هذه المقاربة في اعتماد استراتيجيات متكاملة ومتعددة الأبعاد تهدف إلى تحقيق الأمن المائي وضمان التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

تتضمن خارطة الطريق الملكية ثلاثة محاور أساسية لتحقيق هذا الهدف. المحور الأول يتعلق بتعزيز سياسة التنمية المائية البيئية من خلال بناء السدود وتجميع مياه الأمطار وربط النظم الهيدروليكية المختلفة، بالإضافة إلى الاستغلال المستدام للموارد الجوفية. هذه الخطوات تهدف إلى تحسين إدارة الموارد المائية في المغرب وتحقيق التوازن بين استهلاك المياه والحفاظ على البيئة.

أما المحور الثاني فيركز على تعزيز استخدام المياه غير التقليدية مثل تحلية مياه البحر وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة. يعتبر هذا الاتجاه حلاً فعالاً لمواجهة ندرة المياه وضمان استدامة هذه الموارد عبر ربط المياه غير التقليدية بالطاقة المتجددة لتحقيق أكبر استفادة منها.

فيما يخص المحور الثالث، يتجلى في تدبير الطلب على المياه. يتطلب هذا المحور تبني سياسات فعالة للحفاظ على المياه المعبأة وتثمين الموارد المائية المتاحة، مما يعزز جهود الحفاظ على النظم البيئية ويمنح المجتمع أدوات للمساهمة في تحسين استدامة الموارد المائية.

من جهة أخرى، أشار خليد الغماري، مدير وكالة الحوض المائي لسبو، إلى أن المغرب بدأ في تنفيذ برنامج وطني ضخم للتزويد بالماء الشروب والمياه الزراعية خلال الفترة 2020-2027، وهو المشروع الذي يأتي استجابة للتوجيهات الملكية السامية. يهدف هذا البرنامج إلى تسريع وتيرة الاستثمارات في قطاع المياه، بهدف تلبية احتياجات المواطنين والمزارعين في المناطق التي تعاني من شح المياه.

وأكد الغماري أن جهود المملكة لتحقيق هذا الهدف تشمل تعزيز البنية التحتية للمياه، حيث تم إنجاز عدة سدود في مختلف مناطق المملكة، بما في ذلك 11 سداً كبيراً و51 سداً صغيراً في حوض سبو، ما أتاح تعبئة حوالي 6059 مليون متر مكعب من المياه. كما أضاف أنه تم البدء في بناء خمسة سدود إضافية، مما سيسهم في زيادة السعة المائية بنسبة كبيرة.

ومع ذلك، يواجه حوض سبو العديد من التحديات مثل النمو السكاني المتزايد، حيث يُتوقع أن يرتفع عدد السكان من 7.6 مليون نسمة حالياً إلى 9.2 مليون نسمة بحلول عام 2050. بالإضافة إلى الاستغلال المفرط للموارد المائية الجوفية، حيث يُسجل عجز يقدر بـ 268 متر مكعب سنوياً، فضلاً عن التلوث الحاصل في بعض المناطق.

في هذا السياق، أشار المسؤول إلى أن نسبة معالجة النفايات المنزلية وصلت إلى 59%، بينما لا تتجاوز نسبة معالجة النفايات الصناعية 30%. هذه المعطيات تبرز الحاجة الماسة لتحسين أنظمة إدارة النفايات ومواجهة التحديات البيئية التي تهدد الموارد المائية.

وفي إطار هذه الندوة الدولية، التي شهدت مشاركة عدد من الخبراء والباحثين والمسؤولين، تم استعراض الاستراتيجيات والحلول الممكنة لمواجهة التحديات المتعلقة بإدارة الموارد المائية. كما تم تبادل الخبرات والأدوات اللازمة لتعزيز التدبير المستدام والعادل للموارد المائية، بما يساهم في تحقيق الأمن المائي في مختلف المناطق.

تسعى هذه المبادرة إلى رفع مستوى الوعي وتعزيز قدرات الفاعلين في هذا المجال، لضمان تطبيق إدارة متكاملة للموارد المائية، بما يسهم في تعزيز التنمية المستدامة في المغرب.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!