ارتفاع واردات المغرب من القمح الروسي وتأثيرها على الأمن الغذائي

ارتفاع واردات المغرب من القمح الروسي وتأثيرها على الأمن الغذائي
شهدت واردات المغرب من القمح الروسي نمواً واضحاً خلال الأشهر الأولى من هذا العام، حيث وصلت الكميات المستوردة إلى ما يقارب 124 ألف طن، ويمثل هذا الرقم زيادة كبيرة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، التي لم تتجاوز فيها الواردات 54.3 ألف طن، وتعكس هذه الزيادة حاجة السوق المحلية إلى تأمين إمدادات الحبوب، خاصة في ظل التقلبات التي تشهدها الأسواق العالمية.
وتعد أسعار القمح الروسي التنافسية من العوامل التي ساهمت في زيادة الطلب المغربي عليه، مما جعل المغرب يحتل المرتبة الثانية بين أكبر مستوردي القمح الروسي في منطقة إفريقيا والشرق الأوسط، وجاءت نيجيريا في المرتبة الأولى، حيث استوردت أكثر من 131 ألف طن خلال نفس الفترة، وهو ما يؤكد الإقبال المتزايد على القمح الروسي في القارة الإفريقية بسبب جودته وأسعاره الملائمة.
إلى جانب المغرب، سجلت عدة دول أخرى في المنطقة ارتفاعاً ملحوظاً في وارداتها من القمح الروسي، فقد بلغت واردات لبنان نحو 96 ألف طن، وهو ما يمثل زيادة تقدر بمرتين ونصف مقارنة بالعام الماضي، كما قامت الكاميرون بمضاعفة مشترياتها لتصل إلى 50 ألف طن، بعدما لم تكن تتجاوز 23 ألف طن خلال الفترة نفسها من السنة الفارطة، وهو ما يشير إلى تغيرات واضحة في توجهات الأسواق الإفريقية نحو مصادر جديدة لتأمين احتياجاتها من القمح.
ورغم هذا التوسع في الصادرات الروسية نحو الأسواق الإفريقية والشرق أوسطية، فإن صادرات الحبوب الروسية بشكل عام شهدت تراجعاً ملحوظاً خلال شهر فبراير، إذ انخفضت الكميات المصدرة إلى مليوني طن مقارنة بـ 5.5 ملايين طن خلال نفس الشهر من العام الماضي، مما يعكس تراجعاً بأكثر من النصف، وقد يرجع هذا التراجع إلى العوامل المناخية أو التغيرات في السياسات التجارية التي أثرت على تدفق الصادرات.
منذ بداية الموسم الفلاحي في يوليوز المنصرم، سجلت صادرات روسيا من الحبوب ما يقارب 40 مليون طن، منها 34 مليون طن من القمح، مع توقعات بأن ترتفع هذه الكمية لتصل إلى 42.5 ملايين طن بحلول شهر يوليوز المقبل، مما يعكس استمرار روسيا كأحد الموردين الرئيسيين للحبوب عالمياً، إذ تظل الأسواق العالمية متأثرة بإنتاج الدول الكبرى، التي تلعب دوراً حاسماً في تحديد الأسعار وتوجيه تدفقات التجارة الدولية.
وفي الوقت ذاته، تأثرت الأسواق العالمية بانخفاض أسعار القمح، إذ تراجع القمح الفرنسي بنسبة 2.9% ليصل إلى 237 دولاراً للطن، بينما شهد القمح الأمريكي انخفاضاً أكثر حدة بنسبة 5.6% ليبلغ 238 دولاراً للطن، ويعود هذا الانخفاض إلى وفرة الإنتاج من دول رئيسية كأستراليا والأرجنتين وكازاخستان والولايات المتحدة، حيث زادت المنافسة بين الموردين، مما أدى إلى تراجع الأسعار في السوق الدولية.
وتأتي زيادة واردات المغرب من القمح الروسي في إطار استراتيجية تهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي للبلاد في ظل تقلبات الأسعار العالمية، إذ يسعى المغرب إلى تنويع مصادر الإمداد لتفادي أي اضطرابات قد تؤثر على استقرار التموين، مما يعكس نهجاً استباقياً لضمان توافر هذه المادة الأساسية في الأسواق المحلية.