أخنوش: المغرب جعل من الجهوية المتقدمة خيارا استراتيجيا
أخنوش: المغرب جعل من الجهوية المتقدمة خيارا استراتيجيا
أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الأربعاء 20 دجنبر، أن المغرب جعل من الجهوية المتقدمة خيارا استراتيجيا يقوم على جعل الفضاءات الترابية تحتل وضعا مؤسسيا ودستوريا متقدما في علاقتها مع مسلسل إعداد وتنفيذ السياسات العمومية.
وأبرز أخنوش، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للملتقى البرلماني الخامس للجهات، تلاها نيابة عنه الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أن المملكة ساهمت في تنزيل مضامين البرامج العمومية على المستوى الترابي، ووضعت وقادت برامج ترابية تنموية ومندمجة، مؤكدا أن الأمر يتعلق بمقاربة تدبيرية مبتكرة وطموحة، ساهمت في توفير الشروط الضرورية للنهوض بقضايا التراب، مع تعزيز إدماج البعد الجهوي ضمن الدينامية الوطنية الشاملة.
واعتبر رئيس الحكومة أن المغرب، وأمام حجم التحولات الهيكلية الكبرى التي يعرفها عالم اليوم، مدعو لإحلال جيل جديد من السياسات والإصلاحات الاقتصادية لمسايرة حجم هذه الانتظارات والمطالب الاجتماعية، مشيرا الى أن الحكومة حرصت منذ تنصيبها على جعل الجهوية المتقدمة من المداخل الأساسية لتعزيز حكامة التدبير العمومي، عبر اتخاذ إجراءات ملموسة لتحسين ولوج الجميع الى الخدمات العمومية، والعمل على تقريب الإدارة من المواطنين، فضلا عن تطوير آليات اتخاذ القرار بشكل فعال وسريع، يسمح بتطوير سياسات تقليص الفوارق المجالية وتدعيم ركائز الدولة الاجتماعية.
وأضاف أن البرنامج الحكومي جعل من مواصلة توطيد ورش الجهوية المتقدمة أحد المرتكزات الأساسية للعمل الحكومي، مع الحرص على تعزيز التواصل المباشر مع مسؤولي الجهات والاستماع عن قرب لمنتخبي الوحدات الترابية، بهدف الرصد الدقيق للإشكاليات المتعلقة بتنزيل الجهوية والرفع من مستوى تفعيل التعاقد بين الحكومة ومجالس الجهات في إطار عقود برامج كآلية لتسريع وتيرة التنمية الجهوية.
وشدد أخنوش على أن الحكومة واعية بأن التفعيل الحقيقي لمنظومة الجهات لن يكون في المستوى المطلوب دون مواكبته بمجموعة من البرامج والأوراش الهيكلية، مبرزا في هذا السياق الأهمية الاستراتيجية لورش اللاتمركز الإداري ودوره في تكريس الجهوية المتقدمة والاستجابة لمتطلبات التنمية ونهج سياسة القرب ولعب دور أساسي في تحفيز الاستثمار على المستوى الترابي.
وبعد أن أشار إلى أن خيار اللامركزية الترابية الذي تبنته المملكة يتطلب بالأساس توفير الشروط القانونية والإدارية والمادية الضرورية للتنزيل الناجع لهيئات التدبير الترابي، استحضر أخنوش مجموعة من الإصلاحات الدستورية والقانونية والبنيوية التي واكبت مسلسل اللامركزية الترابية، من أهمها المرسوم المتعلق بالميثاق الوطني للاتمركز الإداري باعتباره دعامة أساسية لمساعدة الجماعات الترابية ومصالح الدولة اللاممركزة ومؤسساتها على اختلاف مستوياتها في القيام بالمهام المنوطة بها.
وأكد في هذا السياق، أن الحكومة تواصل تعبئة المجهود الاستثماري للدولة وتحفيز الاستثمار الخاص، بالنظر لمكانة وأهمية الإستثمار كآلية مهمة لترسيخ دعائم الدولة الاجتماعية وإرساء اقتصاد وطني أكثر إنصافا، مبرزا أنها أولت عناية بالغة للتوزيع الجهوي للاستثمار، لاسيما القطاعات الاجتماعية والخدمات الأساسية، حيث من المقرر أن يناهز الاستثمار العمومي لسنة 2024 حوالي 335 مليار درهم.
وذكر بإخراج الحكومة للميثاق الجديد للاستثمار، وما يتيحه من إمكانات مهمة امام النسيج المقاولاتي من فرص استثمارية على المستوى الترابي، مؤكدا أن الحكومة تسير بخطى ثابتة نحو تكريس البعد الجهوي للاستثمار، وتعزيز أدوار الهيئات الجهوية واللاممركزة في هذا المجال للاضطلاع بأدوارها التنموية وتحويلها الى أقطاب فعلية للاستثمار.
ولفت أخنوش إلى أن الحكومة تعمل على تبني جيل جديد من الإصلاحات المتعلقة بتبسيط المساطر الإدارية ورقمنتها، بهدف تجاوز المقاربة التقليدية في التجاوب مع طلبات الاستثمار وتقليص الصعوبات التي كانت تعترض المستثمرين وعقود الاستثمار في السابق، مضيفا أنه تقرر أن يتم البت في ملفات الاستثمار المتراوحة قيمتها ما بين 50 و250 مليون درهم على الصعيد الجهوي، وذلك تجسيدا للرؤية الحكومية الهادفة للتوطين الترابي للإستثمارات.
ويشكل الملتقى البرلماني الخامس للجهات، الذي ينظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس وبشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وجمعية جهات المغرب والجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم والجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات، إطارا مؤسساتيا مبتكرا لتنزيل روح الدستور، الذي ينص في فصله 137 على مساهمة الجهات والجماعات الترابية الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة، وفي إعداد السياسات الترابية من خلال ممثليها في مجلس المستشارين.
وتناقش الدورة الخامسة التي تٌقام تحت شعار “الجهة.. فاعل رئيسي في النهوض بالتنمية المندمجة والمستدامة”، السياسة الجهوية للدولة من زاوية الالتقائية والتكامل، والاستشراف الجماعي لمداخل تطوير نظم اقتصادية محلية مندمجة وإعداد التراب وفق مقاربة شمولية ومندمجة لتحسين ظروف عيش المواطنات والمواطنين وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية.
وتتوزع أشغال الملتقى على ثلاث محاور أساسية هي “رهانات السياسة الجهوية للدولة في مجال الاستثمار العمومي”، و”رهانات النهوض بالاستثمار الخاص على صعيد الجهات”، و”تحديات تفعيل الجيل الثاني من برامج التنمية الجهوية.