الأبرزسياسة

برلمان.. ظرفية سوسيو اقتصادية تفرض نفسها على أجندة دورة أبريل التشريعية

يفتتح البرلمان، غدا الجمعة، دورته الربيعية برسم السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية الحادية عشر، في ظل استمرار تداعياتجائحة كوفيد 19 والتي انضافت إليها الانعكاسات الاقتصادية للأزمة الروسية الأوكرانية، وما نجم عنها من ارتفاع غير مسبوق في أسعارالعديد من المواد الأولية والطاقية.

والأكيد أن هذا السياق الدولي والوطني الضاغط يستدعي تجاوبا من قبل المؤسسة التشريعية مع المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية لهذهالمرحلة الدقيقة، وذلك من خلال الأدوار التي تضطلع بها ولاسيما في ما يتعلق بمراقبة العمل الحكومي والوقوف على مدى فعالية التدابيرالمتخذة لمواجهة تبعات هذه الظرفية، وجعل الانشغالات الاجتماعية والاقتصادية في صدارة الاهتمامات الى جانب التطورات المرتبطة بقضيةالوحدة الترابية للمملكة التي تشكل عصب عمل المؤسسة التشريعية في مجال الدبلوماسية البرلمانية.

وفي ضوء هذه المؤشرات، ترتسم ملامح دورة تشريعية بزخم أكبر على مستوى الأداء واستثمار الزمن التشريعي قياسا بدورة أكتوبر التيتزامنت وانطلاق الولاية التشريعية الحالية واستغرق منها تنصيب الحكومة واعتماد برنامجها، وكذا تثبيت هياكل مجلسي البرلمان ومناقشةقانون المالية زمنا غير يسير، بدا تأثيره واضحا في حصيلتها التشريعية.

ولعل ما يعزز هذا الطرح ،بشكل خاص، الدينامنية اللافتة في عمل اللجان الدائمة للبرلمان وكذا المجموعات الموضوعاتية خلال فترة مابينالدورتين، حيث تم، في إطار التفاعل مع القضايا المعتملة في الحقلين الاجتماعي والاقتصادي، عقد العديد من الاجتماعات بحضورمسؤولين حكوميين من قطاعات محتلفة فضلا عن القيام بزيارات ميدانية لعدد من جهات المملكة للوقوف عن كثب على تنفيذ السياساتوالاستراتيجيات القطاعية للحكومة.

وبخصوص الرهانات المطروحة على دورة أبريل التشريعية، قال عبد المنعم لزعر، أستاذ علم السياسة والقانون الدستوري بجامعة محمدالخامس بالرباط ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن سلطة السياقات لها تأثير قوي على أداء ودور المؤسسات بصفة عامة، و منضمنها المؤسسة التشريعية.

وسجل أن افتتاح البرلمان لدورته الربيعية يأتي في ظل سياق مزدوج،فهو سياق استثنائي متمثل في الحرب الروسية الاوكراني بتأثيراتهاالجيوسياسية  والاقتصادية والاجتماعية +ارتفاع أسعار الغاز وتأثيره على ارتفاع باقي الأسعار+، وهو كذلك سياق انتقالي يبرز على ثلاثمستويات، تتعلق بتدبير الجائحة وإدارة ملف الصحراء المغربية وتعبيرات إعادة رسم خريطة التحالفات”.

ويرى الأستاذ الجامعي أن عمل البرلمان يتأثر أيضا بالكثير من العوامل، منها المعيارية (آليات العقلنة البرلمانية) و السياسية (طبيعةالرهانات التي تحكم عمل البرلمان) والسوسيوحزبية (طبيعة النخب الحزبية المشكّلة للبرلمان) والسياقية (السياقات هل هي محفزة للبرلمان أملاتاثير الجائحة  على عمل وأشغال البرلمان).

ورجح أن يكون تواضع الحصيلة التشريعية للدورة الخريفية مرتبطا بتأثير الجائحة أوبدهشة البدايةوطبيعة الرهاناتنحن أمام أغلبيةجديدة، يقول الأكاديمي، وأمام عينة برلمانية تصل إلى البرلمان لأول مرة، غير أنه أكد أن هناك العديد من الملفات التي تتطلب فعلية أكبرللمؤسسة التشريعية على المستوى التشريعي والرقابي والديبلوماسي وجرأة استثنائية واحساسا عميقا بالوظيفة البرلمانية، معتبرا أنالإشكال الذي يعاني منه البرلمان هو أنهلا يمارس وظائفه كاملة ويتخلى عن جزء من أدواره وصلاحياته”.

ولاحظ في هذا السياق، أن التشريع الذي مصدره البرلمان لا يتعدى نسبة 10 بالمائة في أحسن الأحوال، مبرزا أن هذا الواقع صنعتهالمحددات المعيارية (آليات العقلنة البرلمانية) وعمقته الحقيقة السياسية والسوسيولوجية للنخب البرلمانية التي تشير بعض الأبحاث إلى أنهافي غالبتها غير مهتمة بالهم التشريعي والرقابي وغير متفرغة بحكم كثرة الانتدابات وحالات الجمع بين الصفة البرلمانية والانتداباتوالمسؤوليات المحلية وغيرها، ومفتقدة للامكانيات ووسائل العمل الضرورية للمساهمة الفعالة في تثمير حصيلة البرلمان على كل المستويات.

وردا على سؤال حول العلاقة التفاعلية بين الجهازين التشريعي والتنفيذي، أوضح  الأستاذ لزعر أن هذا التفاعل تمت هندسته معياريا علىقواعد غير مكافئة، وتظل طبيعته مرتبطة بالخلفية السوسيوسياسية للبرلمان والحكومة وكذا بشخصية رئيس الحكومة وميزان القوى بينالأغلبية والمعارضة وطبيعة الرهانات التي تحدد عمل المؤسستين.

وعن دور المعارضة البرلمانية في تفعيل آليات الرقابة والتشريع، اعتبر الباحث الجامعي أنهاطاقة تستثمر في التوجهات البديلة للسياساتالحكومية، وتسعى لتكون البديل، الخيار الممكن في حالة فشل الخيار الحائز للسلطة”.

وأردف قائلالكن الطاقة تتطلب مصادر تغذيها ، هنا يلاحظ أن ميزان القوى الذي يخترق الفضاء البرلماني، يجعل المعارضة في وضعيةالفاعل غير الملحوظ، لافتا إلى أن غالبية الأحزاب التي تشكل المعارضة تفضل ممارسة السلطة وليست المعارضة.

وبالتالي، فإن المعارضة البرلمانية، بحسب المتحدث،غير قادرة على توليد موجات طاقية معارضة وتنتظر الفرصة لفتح نافذة عبور نحوالسلطة، ما نتوفر عليه هو معارضة بدون طاقة بدون بدائل بدون خيارات”.

هي إذن محطة أخرى في الحياة البرلمانية تكتنفها تحديات ورهانات متشعبة لا تقبل، برأي المتتبعين، أي هدر للزمن التشريعي كما تتطلبالارتقاء فوق الحسابات والاصطفافات السياسية، وتغليب المصلحة الوطنية التي يجب أن تظل الموجه الرئيس لعمل الجهازين التنفيذيوالتشريعي.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!