اختتام فعاليات المحطة الثانية من مهرجان كناوة بمراكش
اختتام فعاليات المحطة الثانية من مهرجان كناوة بمراكش
اختتمت، أمس الجمعة، بمدينة مراكش، المحطة الثانية من جولة مهرجان كناوة، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تحت شعار “المزج”، والتي أقيمت على مدى يومين (9 و10 يونيو) بقاعة ميغاراما ومركز نجوم جامع الفنا.
وكان محبو وعشاق هذا اللون الموسيقي على موعد، في اليوم الثاني والأخير، مع المعلم محمد كويو “مطوع الغمبري الذي لا يشق له غبار”، وذي الباع الطويل في “التاكناويت” الذي ألهب جنبات مركز نجوم جامع الفنا بقلب حي الزفريتي بالمدينة العتيقة لمراكش.
ووجد المعلم كويو في الجمهور رجع صدى أمين لنغمات “الهجهوج” الروحانية، وإيقاعات “القراقب” المتعالية، حيث تفاعل هذا الجمهور الذي يمثل أطيافا شتى، مع أغاني كناوة التي تسمو بالروح إلى معارج راقية، وتنتفي فيها الانتماءات، ووحده النغم عربون ود وبهاء، ومشترك إنساني.
وهكذا، أدى المعلم كويو أغاني “البوهالا”، و”سيدي موسى”، و”سانديا”، وللا عيشة”، وأخرى رحب بها الجمع الغفير بكثير من الشغف والحب، على غرار تلك التي تعدد مناقب الولي عبد القادر الجيلاني، وهي “فارس الحضرة”.
إثر ذلك، كان الجمهور على موعد مع المعلم عبد الرزاق الحاضر في حفل مشترك مع كل من وليد حليمي، وإسماعيل جابيون، وياسين الجاري، وكان بمثابة دعوة للانغماس في موسيقى كناوية – غربية التقى فيها “ماعون كناوة” مع آلات عصرية، على غرار القيثارة الإلكترونية، والإيقاع، فأثمرا نغمات ذات شجن.
أوج هذا الجزء هو حين التقت هذه الأهازيج الماتعة مع أغنيتي “سيدي موسى” و”البحري مول الما”، لترسم لوحات موسيقية بديعة.
وقال عبد السلام عليكان، المدير الفني لمهرجان كناوة، في تصريح لقناة (إم 24) الإخبارية التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذه الجولة تمت برمجتها قبل فترة كورونا، عقب إدراج منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، سنة 2019 ببوغوتا، فن كناوة ضمن القائمة التي تمثل التراث الثقافي غير المادي للانسانية.
وبعدما أوضح “المعلم” عليكان أن هذا الاعتراف كان موجبا للاحتفال، استشهد، في هذا الاتجاه، بالحفل الذي أقامه معلمو كناوة بتمصلوحت غير بعيد عن مدينة مراكش، مبديا سعادته الغامرة بهذه الجولة التي استلزم تنظيمها ثلاثة أشهر.
ونوه ب”الطاقة الإيجابية” التي أبان عنها معلمو كناوة في المغرب برمته، لافتا إلى إحداث فروع لهيئتهم بكافة جهات المملكة، من قبيل مكناس وفاس وطنجة وزاكورة.
كما دعا رئيس جمعية يرما كناوة، التي تأسست سنة 2009، بهدف حماية وتعزيز التراث غير المادي لمجموع الكناويين، إلى “الاعتراف الفعلي بهذا الفن ورد الاعتبار لهذه الفنون عند عموم المتدخلين”.
من جهته، أعرب المعلم محمد كويو، في تصريح مماثل، عن ارتياحه لعودة الحياة إلى سابق عهدها، لاسيما في المجالين الثقافي والفني، مشيرا إلى أن الفن الكناوي الأصيل، وفق القواعد التي تم تسطيرها من قبيل الرعيل الأول من المعلمين، تلقى قبولا منقطع النظير عند الجمهور الذي يفد على مناسبات من هذا القبيل لينصت “للتاكناويت”.
وبعد عامين من الغياب لأسباب مرتبطة بجائحة كورونا، وعدم سماح الظروف الحالية بتنظيم دورته الثالثة والعشرين، فإن مهرجان كناوة، الوفي لروحه الفريدة من نوعها، يتجدد مرة أخرى، ليأخذ شكل جولة مهرجان ڭناوة، حتى يكون عند طلب الجمهور العاشق لهذا اللون الموسيقي المعتبر، ويكرس مكانته كإرث للإنسانية جمعاء بعدما أدرجته منظمة (اليونيسكو) ضمن القائمة التي تمثل التراث الثقافي غير المادي للانسانية.
ويتعلق الأمر بموسيقى الجاز، والبلوز، والموسيقى الأفريقية، وموسيقى الفولك، والفانك، وفنون ڭريو griots، والموسيقى الكوبية، والبلوز الأفريقي … في مزج مع كبار معلمي ڭناوة.
وتشكل الجولة مناسبة لأكثر من 100 فنان لإظهار مواهبهم بمختلف أشكالها، إذ يتضمن البرنامج “أصواتا دافئة وقوية ومجموعة غنية من الآلات الموسيقية : الكورا، والبالافون، والفلوت، والأكورديون، والساكسفون، والرباب، والقيتارة، وأدوات الإيقاع، والبيانو، والطبول … قوس قزح حقيقي من ألوان الموسيقى”.
كما تمت برمجة أكثر من 13 حفلا لموسيقى كناوة التقليدية، وكذا دعوة أكبر الأسماء في تكناويت من كل المناطق، إلى جانب معلمي كناوة الناشئين.