وثيقة المطالبة بالاستقلال علامة بارزة في تاريخ المغرب ونضاله ضد الاستعمار
وثيقة المطالبة بالاستقلال علامة بارزة في تاريخ المغرب ونضاله ضد الاستعمار
يحتفل الشعب المغربي بذكرى 81 عامًا على تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944. هذه الوثيقة كانت نقطة تحول في نضال المملكة من أجل الحرية والاستقلال، حيث برزت فيها تضحيات الشعب المغربي وجسامة الكفاح الوطني.
في هذا اليوم، يخلد الشعب المغربي ذكرى هذا الحدث التاريخي الهام، مستحضرًا معانيه العميقة وأبعاده الوطنية التي رسخت الوعي الوطني وزرعت في النفوس فكرة الوحدة الوطنية. يحتفل الشعب المغربي ومعه أسر الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير بهذه المناسبة العظيمة التي تعد من أبرز محطات الكفاح الوطني.
منذ بداية القرن العشرين، واجه المغرب ظروفًا صعبة مع فرض الاستعمار عليه. حيث تقاسم المستعمرون السيطرة على أراضي المملكة فكانت الحماية الفرنسية في وسط البلاد، بينما خضعت المناطق الشمالية والجنوبية للحماية الإسبانية، إضافة إلى منطقة طنجة التي كانت تخضع لحكم دولي.
رغم هذه التحديات، بدأ الشعب المغربي في نضال طويل ومتنوع ضد الاستعمار. فقد تتابعت الانتفاضات الشعبية من مختلف المناطق، وتوالت المعارك في الأطلس المتوسط والشمال والجنوب. هذه المعارك والانتفاضات كانت جزءًا من كفاح مستمر لأجل تحرير الأرض من المستعمرين.
في إطار هذا الصراع، لم يتوقف جلالة الملك محمد الخامس، رحمه الله، عن إشعال نار المقاومة في قلوب المغاربة. منذ توليه العرش في 18 نونبر 1927، سعى لإذكاء روح الوطنية والتضحية لدى الشعب المغربي، مؤكداً على ضرورة توحيد الجهود من أجل الحصول على الاستقلال.
استفاد المغرب من فرصة انعقاد مؤتمر آنفا في يناير 1943، حيث وضع الملك محمد الخامس قضية الاستقلال على طاولة النقاش. خلال المؤتمر، ذكر الملك الجهود التي بذلها المغرب لدعم الحلفاء في الحرب ضد النازية، وهي جهود لاقت التأييد من الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت الذي اعتبر مطالب المغرب بالاستقلال مشروعة ومعقولة.
مع بداية عام 1944، جاءت وثيقة المطالبة بالاستقلال التي وقع عليها 67 من كبار الشخصيات المغربية، بينهم امرأة واحدة. قدمت هذه الوثيقة إلى السلطات الاستعمارية مطالب واضحة وجامعة تطالب بالاستقلال التام للمغرب تحت قيادة الملك محمد الخامس.
هذه الوثيقة كانت بداية مرحلة جديدة من النضال السياسي في تاريخ المغرب، حيث تضمنت مطالب دعت إلى استعادة السيادة الوطنية والانضمام إلى الدول المؤيدة للاستقلال. كما طالبت بتأسيس نظام سياسي يعتمد على الشورى ويحفظ حقوق كافة فئات الشعب المغربي.
عندما زار الملك محمد الخامس مدينة طنجة سنة 1947، جدد مطالب الاستقلال، مؤكداً موقفه الثابت في وجه الضغوط الاستعمارية. كانت هذه الزيارة بمثابة تأكيد على عدم الاستسلام للإرادة الاستعمارية، ما عزز روح المقاومة في نفوس المغاربة.
في نهاية المطاف، قررت السلطات الاستعمارية نفي السلطان محمد الخامس، مما دفع بالمقاومة الوطنية إلى مراحل متقدمة. فقد أصبحت المقاومة أكثر قوة، ففتح هذا الطريق نحو عودة الملك محمد الخامس وإعلان استقلال المملكة في سنة 1956.
إحياء ذكرى هذه الوثيقة يعكس قوة ارتباط الشعب المغربي بتاريخ نضاله ضد الاستعمار. إنه يعكس الوحدة الفريدة بين العرش والشعب، ويعترف بالتضحيات العظيمة التي قدمها المغاربة في مسيرتهم نحو الاستقلال.