مجلس النواب يصادق على قانون جديد لحماية التراث الثقافي في المغرب
![](https://akhbarlyaoum24.ma/wp-content/uploads/2025/02/بنسعيد-780x470.jpeg)
مجلس النواب يصادق على قانون جديد لحماية التراث الثقافي في المغرب
في جلسة تشريعية هامة عقدها مجلس النواب تم التصويت بالإجماع على مشروع قانون رقم 33.22 الذي يتعلق بحماية التراث الثقافي والطبيعي في المملكة. هذا القانون الذي يعتبر من أبرز القوانين التي تهدف إلى حماية التراث الوطني يعكس التزام المغرب بالحفاظ على هويته الثقافية.
تعتبر هذه المبادرة خطوة كبيرة نحو تحديث إطار قانوني يتماشى مع التطورات العالمية في مجال الحفاظ على التراث. فقد أشار وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد مهدي بنسعيد، إلى أن القانون يتضمن مجموعة من التعديلات الهامة التي تواكب التطورات الدولية. من أبرز هذه التعديلات إدراج تعريفات جديدة للتراث الثقافي والطبيعي والجيولوجي، بما يتماشى مع المعايير التي تعتمدها منظمة اليونيسكو، مما يعزز من حماية التراث الوطني وتوثيق مكوناته التاريخية.
مشروع القانون يشمل مجموعة من التعديلات التي تتيح توسيع مفهوم التراث ليشمل أصنافاً جديدة، مثل “المجموعات التاريخية”، التي تشمل الممتلكات العقارية التي تحمل أهمية تاريخية أو معمارية. هذه المجموعات يمكن أن تكون مدنًا عتيقة أو قرى أو قصورًا، مما يعكس التنوع الغني للتراث المغربي. إضافة إلى ذلك، ينص القانون على حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، مثل آثار السفن المحطمة أو المستوطنات القديمة المغمورة تحت المياه منذ مئات السنين.
من جانب آخر، يعترف مشروع القانون الجديد بأهمية “التراث الطبيعي”، الذي يشمل المواقع البيئية والمناظر الطبيعية التي تتميز بطابعها الفريد. هذا بالإضافة إلى التراث الجيولوجي، الذي يهدف إلى حماية المواقع الجيولوجية والتشكيلات الطبيعية التي تعود إلى فترات زمنية قديمة جداً. كما يولي القانون أهمية خاصة للتراث الثقافي غير المادي، مثل الممارسات الشعبية والفنون التقليدية التي تشكل جزءاً من الهوية الثقافية للمجتمعات المغربية.
من أبرز نقاط مشروع القانون هو إحداث سجل وطني لجرد التراث، والذي سيتضمن جرداً مفصلاً للتراث الثقافي المنقول وغير المنقول، بالإضافة إلى التراث الطبيعي والجيولوجي والمغمور بالمياه. هذا السجل يهدف إلى تعزيز الشفافية في عملية حماية التراث الوطني ويضمن حفظ جميع الأنواع التراثية تحت رقابة الدولة.
في تعليقاتهم خلال الجلسة التشريعية، أكد النواب أن هذا القانون ليس مجرد استجابة للتطورات التشريعية الدولية، بل هو في المقام الأول دفاع قوي ضد محاولات السطو على التراث المغربي من قبل أطراف خارجية. وأوضحوا أن التراث لا يعد مجرد جزء من الماضي، بل هو عنصر أساسي في هوية الأمة وحجر الزاوية للسيادة الوطنية. كما أضاف النواب أن هذا التشريع يتماشى مع الالتزامات الدولية للمغرب ويعزز من دوره الفاعل في حماية التراث الثقافي والإنساني العالمي.
وفي سياق متصل، أشار النواب إلى أن القانون يهدف إلى تعزيز مكانة التراث الوطني كرافعة للتنمية المستدامة وموارد للصناعة الثقافية. هذه الخطوة تهدف إلى تطوير استراتيجيات جديدة لحماية التراث من التدهور والنسيان، فضلاً عن الحد من تهديدات السرقة والتخريب التي تتعرض لها بعض المواقع التراثية. وقد أكدوا أن التشريع الجديد يمثل بداية مرحلة جديدة في حماية التراث الوطني وضمان استدامته للأجيال القادمة.
مجلس النواب المغربي عبر عن تفاؤله الكبير بتطبيق هذا القانون، حيث يعد خطوة هامة نحو بناء نظام قانوني قوي قادر على مواجهة التحديات التي تهدد التراث الثقافي. كما أكدوا أن القانون سيسهم بشكل كبير في حماية الموروث الثقافي المغربي، سواء المادي أو غير المادي، ويضمن له الاستمرارية في ظل عالم سريع التغير.