فن وثقافة

شراكة ثقافية لتعزيز التعاون بين المغرب وفلسطين في مجال الحفاظ على الذاكرة الوثائقية

شراكة ثقافية لتعزيز التعاون بين المغرب وفلسطين في مجال الحفاظ على الذاكرة الوثائقية

في قلب مدينة الرباط، وتحديدًا في المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، تم توقيع اتفاقية تعاون بين المغرب وفلسطين وذلك في حدث يحمل دلالات عميقة على صعيدي الثقافة والتاريخ. وقع البروتوكول بين سميرة ماليزي، مديرة المكتبة الوطنية المغربية بالنيابة، وعيسى قراقع، رئيس المكتبة الوطنية الفلسطينية، في إطار التعاون الوثائقي بين البلدين. هذا التعاون يعد خطوة مهمة نحو تعزيز الروابط الثقافية والحفاظ على التراث المشترك.

في هذا السياق، تشير الاتفاقية إلى أهمية الرقمنة في حفظ التراث الثقافي، حيث أن التعاون بين المكتبتين يستند إلى تبادل الخبرات والمعرفة في مجالات الرقمنة وترميم الوثائق. فمن خلال هذه الاتفاقية، تتعهد المكتبة الوطنية المغربية بمشاركة تقنياتها المتقدمة وأدواتها لحماية الوثائق والذاكرة الثقافية الفلسطينية. هذه الشراكة تعكس التفاني في دعم الحفاظ على التراث الثقافي الفلسطيني، وضمان استدامته للأجيال القادمة.

وبالنسبة للمغرب، لا تقتصر المبادرة على الجانب التقني فحسب، بل تمتد إلى الجانب الثقافي والإنساني، حيث صرحت سميرة ماليزي بأن الاتفاقية تعبر عن رسالة تضامن ثقافي عميق بين البلدين. وأكدت أن المغرب يسعى من خلال هذه الشراكة إلى ضمان الحفاظ على التراث الفلسطيني من التآكل والعوامل الزمنية التي قد تؤثر عليه. هذا التعاون يعكس التزام المغرب العميق بحماية الذاكرة الثقافية الفلسطينية، والتي تعد جزءًا لا يتجزأ من التاريخ العربي والإسلامي.

من جهة أخرى، عبر عيسى قراقع عن تقديره البالغ لهذا الدعم، الذي يعتبره أكثر من مجرد تعاون مادي، بل هو تضامن ثقافي يعزز الهوية الوطنية الفلسطينية. وصف قراقع المكتبة الوطنية الفلسطينية بأنها “ذاكرة وطن”، مؤكدًا أن هذه الشراكة تمثل نقطة تحول مهمة في الجهود الفلسطينية للحفاظ على الموروث الثقافي. من خلال هذا التعاون، ستتمكن المكتبة الفلسطينية من الاستفادة من الخبرات المغربية في مجال الرقمنة وحفظ الوثائق، وهو ما سيعزز قدرتها على الحفاظ على الوثائق الوطنية الهامة.

هذه الاتفاقية لا تقتصر فقط على تبادل الخبرات في مجال الرقمنة، بل تشمل أيضًا تقديم مجموعة من المبادرات الثقافية التي تهدف إلى تعزيز الفهم المتبادل بين الشعبين. فقد قررت المكتبة الوطنية المغربية إهداء المكتبة الفلسطينية حوالي 1000 عنوان يعكس العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين البلدين. هذه المبادرة تهدف إلى إثراء المكتبة الفلسطينية بمصادر علمية وثقافية غنية، تجسد التاريخ المشترك وتفتح أبوابًا لفهم أعمق للروابط الثقافية بين المغرب وفلسطين.

وفيما يتعلق بالجانب العملي لهذه الشراكة، سيشمل التعاون أيضًا تدريب الخبراء والكوادر الفلسطينية على استخدام الأدوات والتقنيات المتطورة في مجال حفظ الوثائق. ستقوم المكتبة الوطنية المغربية بتقديم ورش عمل ودورات تدريبية لموظفي المكتبة الفلسطينية، بما يساعدهم على تحسين قدراتهم في الحفاظ على الوثائق وتنظيم الأرشيفات. هذا الجانب التدريبي يساهم في تمكين الفلسطينيين من مواجهة التحديات التي قد تعترض سبيلهم في الحفاظ على موروثهم الثقافي.

وفي ختام الحديث عن هذه الاتفاقية، يمكن القول إنها ليست مجرد توقيع بروتوكول بين مؤسستين، بل هي خطوة استراتيجية نحو بناء جسور معرفية وثقافية بين بلدين يشتركان في تاريخ طويل ومعقد. هذه الشراكة تفتح آفاقًا جديدة للتعاون المستدام في مجال الحفاظ على التراث الثقافي، وهي بداية لفصل جديد من التعاون الوثائقي بين المغرب وفلسطين، يؤكد التزام الطرفين بالحفاظ على الذاكرة الثقافية للأجيال القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!