دراسة تكشف واقع العنف الصامت ضد النساء في كواليس السينما المغربية وتدعو إلى إحداث تغيير شامل
دراسة تكشف واقع العنف الصامت ضد النساء في كواليس السينما المغربية وتدعو إلى إحداث تغيير شامل
في أروقة السينما المغربية، التي تبدو للوهلة الأولى عالماً مشرقاً بالإبداع والطموح، تخفي الكواليس وجهاً آخر. تسرد النساء العاملات في هذا القطاع قصصاً مختلفة عن ما ترويه الأفلام، حيث يصبح العنف القائم على النوع الاجتماعي واقعاً مقلقاً داخل بيئة العمل. هذا الواقع دفع جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان، بدعم من الاتحاد الأوروبي، إلى دراسة شاملة تسعى إلى كشف المسكوت عنه وتقديم الحلول الممكنة.
واقع غير متكافئ يخفيه بريق الأضواء
عندما نتحدث عن قطاع السينما في المغرب، غالباً ما نركز على النجاح والإنجازات. ولكن خلف الكاميرات هناك واقع مختلف تعيشه النساء. الدراسة الجديدة تعد الأولى من نوعها، إذ سلطت الضوء على الأشكال المختلفة للعنف التي تعاني منها النساء في المجال السينمائي، سواء كان ذلك عنفاً نفسياً، اقتصادياً، أو حتى جنسياً. وقد أظهرت النتائج أن العنف النفسي هو الأكثر شيوعاً بين هذه الأنواع، يليه الاقتصادي، بينما يبقى العنف الجنسي محاطاً بالصمت بسبب الخوف من الوصم أو الانتقام.
هشاشة البداية تعزز التعرض للعنف
النساء في بداية مسيرتهن المهنية يعشن وضعاً هشاً يجعلهن أكثر عرضة للعنف. العقود الغامضة وغياب الحماية القانونية تضيفان إلى هذا الواقع المرير، حيث تساهم العلاقات التراتبية في العمل في تعزيز مناخ غير آمن. وقد أوضحت الدراسة أن كثيراً من النساء يواجهن تحديات تجعل من الصعب عليهن الإبلاغ عن الانتهاكات أو حتى مقاومتها.
إحصائيات تكشف حجم الظاهرة
الإحصائيات الواردة في الدراسة حملت أرقاماً صادمة، إذ أن 80% من المهنيين والمهنيات الذين شاركوا في الاستطلاعات أشاروا إلى تعرضهم أو مشاهدتهم لحالات عنف. بينما تظل نسبة 20% فقط خارجة عن هذا الإطار. هذا يدل على انتشار الظاهرة بشكل واسع، مما يستدعي التدخل العاجل.
توصيات تسعى لتغيير جذري
الدراسة لم تقتصر على توثيق الواقع، بل قدمت توصيات عملية تشمل توفير الدعم النفسي والقانوني للضحايا. كما دعت إلى وضع عقود عمل واضحة تحمي العاملات والعاملين، وتشجيع المناصفة في المناصب القيادية داخل القطاع. إضافة إلى ذلك، أوصت بضرورة توعية العاملين والعاملات بحقوقهم وسبل الحماية القانونية، مع خلق منصات للنقاش المفتوح حول هذه القضية.
نحو صناعة سينمائية تحترم الجميع
السينما، باعتبارها مرآة تعكس القيم الإنسانية، يجب أن تكون بيئة تضمن الاحترام والمساواة للجميع. الدراسة أكدت أن ازدهار الصناعة لا يمكن أن يتحقق إذا كان نصف طاقتها الإبداعية يعاني من التهميش أو الإقصاء. لذلك، يعد بناء ثقافة مهنية عادلة واحترام حقوق النساء جزءاً أساسياً من تطوير هذا القطاع.
خطوة أولى على طريق طويل
الدراسة التي أطلقتها الجمعية تمثل بداية حقيقية نحو فهم العنف القائم على النوع الاجتماعي في السينما المغربية. ولكنها أيضاً دعوة لتحفيز النقاشات المجتمعية وإحداث تغيير جذري يجعل من هذا القطاع نموذجاً للعدالة والمساواة. هذه المبادرة تأمل في بناء بيئة سينمائية تتناسب مع تطلعات المغرب الثقافية والإنسانية.