سياسة

تفكيك خلية الأشقاء الثلاثة في حد السوالم يكشف تحديات أمنية واجتماعية تستوجب مواجهة شاملة

تفكيك خلية الأشقاء الثلاثة في حد السوالم يكشف تحديات أمنية واجتماعية تستوجب مواجهة شاملة

نجحت السلطات الأمنية المغربية في تنفيذ عملية نوعية بمنطقة حد السوالم أدت إلى تفكيك خلية خطيرة كانت تشكل تهديدًا كبيرًا للأمن العام، حيث جاء هذا النجاح بعد تحقيقات دقيقة أسفرت عن كشف خلية عُرفت باسم “خلية الأشقاء الثلاثة”، إذ تبين أن أفرادها الأربعة كانوا قد بلغوا مراحل متقدمة في التخطيط لاستهداف مقرات أمنية وأماكن عامة ذات كثافة سكانية، وقد أوضحت التفاصيل التي قدمها مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، حبوب الشرقاوي، أن الخلية كانت تسعى إلى تنفيذ أعمال تخريبية تهدف إلى زعزعة الاستقرار داخل البلاد.

أثناء التحقيقات، تم العثور على مقطع فيديو يُظهر عناصر الخلية وهم يعلنون بيعتهم المزعومة لتنظيم خارجي، مما يبرز خطورة ارتباطهم بتوجهات متطرفة ذات أهداف تهدد السلامة العامة، وقد كشفت التحقيقات أيضًا أن أفراد الخلية أعدوا مخططات دقيقة تشمل مواقع الأسواق والمقرات العامة التي تشهد توافدًا كبيرًا من المواطنين المغاربة والأجانب، ما يشير إلى أن خططهم كانت تهدف إلى إلحاق أكبر ضرر ممكن، كما تم اكتشاف خرائط ورسومات توضيحية للمسالك التي كانوا يعتزمون استخدامها لتنفيذ عملياتهم، وهو ما يعكس مدى تقدمهم في مرحلة التحضير لهذه الأفعال الإجرامية.

إلى جانب ذلك، ضبطت السلطات بحوزة الموقوفين مواد خطيرة قابلة للاستخدام في صناعة المتفجرات، فقد عُثر على كميات من الأسمدة الكيميائية، ومسحوق الفحم، ومادة الكبريت، بالإضافة إلى أملاح ومواد أخرى مشبوهة، كما كانت بحوزتهم أدوات أخرى مثل المسامير، والأسلاك الكهربائية، وأشرطة لاصقة، ومعدات تلحيم، ما يكشف عن نواياهم في تصنيع عبوات ناسفة لاستخدامها في الهجمات المخطط لها، وهذه الأدلة تؤكد أن الخلية كانت على وشك تنفيذ مخططاتها، مما جعل التدخل الأمني أمرًا ضروريًا لإحباط أي محاولة لتنفيذ أعمال تهدد استقرار البلاد وسلامة المواطنين.

أما على المستوى الاجتماعي والتعليمي، فقد أظهرت التحقيقات أن أفراد الخلية يعانون من تدني المستوى التعليمي، إذ لم يتجاوز معظمهم مرحلة التعليم الابتدائي، باستثناء فرد واحد حصل على شهادة البكالوريا، ويبدو أن هذا العامل لعب دورًا في سهولة استقطابهم إلى الفكر المتطرف، حيث إن محدودية الوعي والمعرفة غالبًا ما تجعل الأفراد أكثر عرضة للتأثر بالأيديولوجيات الهدامة، ومن ناحية أخرى، كشفت المعلومات أن اثنين من المتهمين متزوجان ولديهما أبناء، ما يطرح تساؤلات حول تداعيات هذه الأفكار على الأسرة وتأثيرها على الأفراد داخل محيطهم العائلي.

الوضع الاجتماعي لأفراد الخلية يعكس أيضًا هشاشتهم الاقتصادية، حيث يعمل أحدهم بائعًا متجولًا، وآخر مستخدمًا، في حين يعاني الثالث من البطالة، بينما يعتمد الرابع على أعمال مؤقتة لكسب رزقه، وهذه الظروف قد تكون عاملاً رئيسيًا في جعلهم يبحثون عن هوية أو هدف في حياتهم، ما دفعهم إلى الارتباط بجماعات تتبنى أفكارًا متطرفة تُوهمهم بأنها تمنحهم معنى جديدًا لحياتهم، ويظهر من خلال هذه المعطيات أن المعالجة الأمنية وحدها لا تكفي، بل يجب الاهتمام أيضًا بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية التي قد تجعل الأفراد أكثر عرضة للاستقطاب من قبل مثل هذه الجماعات.

يعد تفكيك خلية الأشقاء الثلاثة في حد السوالم إنجازًا أمنيًا بارزًا يؤكد يقظة السلطات المغربية في مواجهة التهديدات المتطرفة، إلا أن هذا الحدث يكشف أيضًا عن الحاجة الملحة إلى تعزيز جهود الوقاية المجتمعية، فالعمل على مكافحة مثل هذه الظواهر يتطلب تكثيف المراقبة الأمنية، إلى جانب تعزيز برامج التوعية، خصوصًا في المناطق التي تعاني من تحديات اجتماعية واقتصادية تجعل شبابها عرضة للتأثيرات الفكرية الهدامة، ويظل التصدي لمثل هذه التهديدات مسؤولية جماعية تستوجب تضافر الجهود بين مختلف الفاعلين من أجل حماية المجتمع وضمان استقراره.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!