المغرب يعزز استراتيجيته الشاملة لمكافحة الإرهاب عبر التعاون الدولي والتنمية المحلية
المغرب يعزز استراتيجيته الشاملة لمكافحة الإرهاب عبر التعاون الدولي والتنمية المحلية
سلطت وزارة الخارجية الأمريكية الضوء على الاستراتيجية التي يعتمدها المغرب لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، مشيدة بتعاونه الفعال مع المجتمع الدولي. في تقريرها السنوي حول الإرهاب، أبرزت الوزارة التزام المملكة المغربية بتطوير نهج شامل لمكافحة هذه الظاهرة، مشيرة إلى الدور البارز الذي يلعبه المغرب في تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال. هذا التعاون يشمل مجموعة من السياسات الأمنية الرائدة التي تهدف إلى تحصين المملكة ضد التهديدات الإرهابية.
في هذا السياق، أكدت الخارجية الأمريكية على استمرار جهود المغرب في مكافحة الإرهاب عبر الاستراتيجيات الأمنية المختلفة التي تشمل يقظة دائمة من قوات الأمن، بالإضافة إلى التنسيق الوثيق مع شركاء دوليين. هذه الاستراتيجية التي تعكس التفاني المغربي في التصدي للتطرف العنيف تعتمد على عدة محاور رئيسية، مثل تعزيز التعاون الإقليمي وتطوير السياسات الأمنية والوقائية.
على المستوى الداخلي، سلط التقرير الضوء على الدور الحيوي الذي تلعبه التنمية الاقتصادية والاجتماعية في تعزيز الأمن. فقد ركزت الحكومة المغربية خلال عام 2023 على تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، باعتبارها خطوة أساسية للحد من مخاطر الإرهاب. هذه الجهود أسهمت بشكل كبير في تقليص الأنشطة الإرهابية، كما تظهر النتائج المحققة في مواجهة خلايا إرهابية نشطة.
في هذا الصدد، أشار التقرير إلى أن قوات الأمن المغربية نجحت في إلقاء القبض على 56 شخصًا خلال عام 2023، بينهم أفراد يعملون بشكل منفرد وآخرون ينتمون إلى خلايا إرهابية. هذا النجاح يعود إلى التنسيق الوثيق بين أجهزة الأمن المغربية واستخدامها المتقدم للمعلومات الاستخباراتية، بالإضافة إلى التعاون الدولي الفاعل في مجال مكافحة الإرهاب. هذه العمليات الأمنية تمت بالتنسيق مع المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الذي يُعد واحدًا من أبرز الأجهزة الأمنية في المملكة.
أما على مستوى التعاون الدولي، فقد تطرق التقرير إلى البرامج المشتركة بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، والتي تركز على تعزيز القدرات الأمنية المغربية في مجالات متعددة، مثل التحقيقات المالية، تحليل المعلومات الاستخباراتية، والأمن السيبراني. هذه البرامج تهدف إلى تمكين المغرب من مواجهة التحديات الأمنية بشكل أكثر فاعلية، وقد أسفرت عن نتائج ملموسة في تعزيز القدرة المغربية على التصدي للتهديدات الإرهابية.
بالإضافة إلى ذلك، أشار التقرير إلى أن السلطات المغربية تولي أهمية خاصة لأمن حدودها ومنافذها الجوية. حيث تتمتع المطارات المغربية بقدرة فائقة على كشف الوثائق المزورة، مما يعزز جهود مكافحة تهريب الأسلحة أو المواد المحظورة التي قد تسهم في تهديد الأمن الوطني والدولي. كما أضاف التقرير أن المغرب يسهم بفاعلية في مجموعة العمل المالي الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مما يساهم في مكافحة تمويل الإرهاب عبر مراقبة الأنشطة المالية المشبوهة.
على الصعيد الإقليمي والدولي، أشار التقرير إلى أن المغرب عضو فاعل في التحالف الدولي ضد داعش، حيث يشارك في رئاسة مجموعة التركيز الخاصة بإفريقيا. كما يتعاون مع الاتحاد الأوروبي في إطار المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، ويشارك في برامج تهدف إلى مواجهة التطرف العنيف في المنطقة. هذه الجهود الدولية تعد جزءًا من استراتيجية المغرب لتعزيز التعاون مع مختلف الدول لمكافحة الفكر المتطرف.
فيما يخص محاربة التطرف العنيف، أكدت الخارجية الأمريكية على أن المغرب تبنّى استراتيجية شاملة في هذا المجال، حيث يتم التركيز على التنمية الاقتصادية والبشرية، بالإضافة إلى التأطير الديني. في هذا السياق، تم وضع برامج تعليمية لأئمة المساجد ومرشدي الدين في المملكة. وتستهدف هذه البرامج نحو 50 ألف إمام ومرشد ديني، وتعد من المبادرات الهامة في تعزيز الفكر المعتدل والتصدي لأي محاولات لترويج الفكر المتطرف.
من جهة أخرى، أوضح التقرير أن معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين في الرباط يساهم في تدريب أئمة من دول غرب إفريقيا، مما يعزز التعاون الإقليمي في مجال مكافحة التطرف. كما أن الرابطة المحمدية للعلماء تلعب دورًا رئيسيًا في التصدي للفكر المتطرف من خلال الأبحاث الجامعية، وتطوير المناهج التعليمية، وتنظيم أنشطة توعوية للشباب.
في خطوة أخرى هامة، استعرض التقرير برنامج “مصالحة” الذي يُنفذ داخل السجون المغربية، ويهدف إلى تأهيل السجناء المتطرفين وإعادة دمجهم في المجتمع. ومنذ إطلاقه عام 2017، استفاد أكثر من 300 سجين من هذا البرنامج، الذي يُعد جزءًا من الجهود المستمرة للمملكة لمكافحة التطرف على جميع الأصعدة.
لقد أثبتت هذه الاستراتيجية الشاملة فعاليتها، حيث تمكنت السلطات المغربية من تحقيق تقدم كبير في مكافحة الإرهاب. المملكة المغربية تعتبر اليوم نموذجًا في العمل المشترك مع المجتمع الدولي لمواجهة التحديات الأمنية، وهو ما يسهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي وحماية المجتمعات من مخاطر الإرهاب والتطرف.