سياسة

المغرب يسعى لتحويل معبر الكركرات إلى ممر إفريقي استراتيجي

المغرب يسعى لتحويل معبر الكركرات إلى ممر إفريقي استراتيجي

يسعى المغرب إلى تحقيق تحول استراتيجي في معبر الكركرات الحدودي، الذي يربط المملكة المغربية بموريتانيا. في خطوة تهدف إلى تعزيز مكانته الاقتصادية ودوره الحيوي في التجارة الإقليمية، كشف وزير الشؤون الخارجية، ناصر بوريطة، عن نية المملكة في إبرام اتفاقيات دولية لتحويل هذا المعبر إلى “ممر استراتيجي” للنقل البري. هذا المشروع يهدف إلى تطوير حركة التجارة والنقل بين المغرب ودول غرب إفريقيا من خلال معبر الكركرات.

أوضح بوريطة في تصريحاته الأخيرة أن المملكة المغربية تسعى إلى تعزيز دور معبر الكركرات من خلال توقيع المزيد من اتفاقيات النقل البري مع الدول الإفريقية. وأضاف أن المغرب قد وقع حتى الآن حوالي عشرة اتفاقيات مع دول صديقة، معتبراً أن هذه الاتفاقيات ستساهم في جعل المعبر محوراً مهماً للطرق التجارية بين المغرب وجنوب الصحراء. مما سيعزز التعاون الاقتصادي بين الدول في المنطقة، ويمنح المعبر أهمية كبيرة في نقل السلع والبضائع عبر الصحراء.

يمثل معبر الكركرات نقطة وصل حيوية بين المغرب وموريتانيا، كما يعتبر نقطة مرور رئيسية للسلع القادمة من دول جنوب الصحراء، والتي تتجه إلى المغرب أو أوروبا. ويعكس هذا المعبر العزيمة المغربية في تطوير علاقاتها الاقتصادية مع جيرانها جنوب الصحراء، حيث تسعى الرباط ونواكشوط إلى توطيد هذه العلاقات في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي يواجهها كلا البلدين. ومن خلال الاتفاقيات المشتركة، يتم تعزيز التعاون بين البلدين في العديد من القطاعات الحيوية.

شهد التعاون التجاري بين المغرب وموريتانيا تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة. ويعتبر المغرب أكبر مستثمر إفريقي في موريتانيا، حيث توجد العديد من الشركات المغربية التي تعمل في مجالات حيوية مثل البنوك، والاتصالات، والزراعة، والصناعات الغذائية. كما أن المغرب يمثل قوة اقتصادية مؤثرة في قطاعي البناء والطاقة في موريتانيا. وتهدف المملكة من خلال تعزيز هذه العلاقات إلى تحسين بنيتها التحتية وتنمية الاقتصاد في المنطقة بشكل مستدام.

لقد كانت لحظة تحرير معبر الكركرات في نوفمبر 2020 نقطة فاصلة في تاريخ العلاقات بين المغرب وموريتانيا. فقد تم طرد عناصر تابعة لجبهة البوليساريو الانفصالية التي كانت تعرقل حركة المرور بين البلدين، وذلك بعد أن أقام المغرب جدراناً أمنية لحماية المعبر. كما تم إصلاح الطرق التي تعرضت للتخريب من قبل الانفصاليين، مما أعاد الحياة لهذا المعبر المهم في تجارة المغرب مع موريتانيا وبقية دول غرب إفريقيا.

وعقب تحرير المعبر، بدأ المغرب في تنفيذ مشاريع تنموية في المنطقة، مثل بناء مسجد كبير بتكلفة تصل إلى 8.8 مليون درهم. هذا المشروع يعكس التزام الحكومة المغربية بتنمية البنية التحتية في المنطقة الحدودية وتعزيز مكانتها الاقتصادية. وأصبحت الكركرات مع مرور الوقت، نقطة عبور رئيسية للشاحنات التجارية، حيث أظهرت البيانات أن حركة السير عبر المعبر قد شهدت زيادة كبيرة في عام 2022، حيث بلغ عدد الشاحنات العابرة له ما يقارب 45 ألف شاحنة.

وفي سياق تعزيز الدبلوماسية المغربية، تحدث بوريطة عن الدور المتنامي لمدينة الداخلة في تعزيز مكانة المغرب على الساحة الدولية. فقد تم توقيع العديد من الاتفاقيات الدولية في هذه المدينة، مما يعكس إرادة المملكة في جعلها نقطة انطلاق للتعاون الإقليمي والدولي. وقد تمكنت الداخلة من جذب عدة دول لتوثيق علاقاتها مع المغرب، حيث تزايدت القنصليات والمعاهد الدولية فيها، مما يعزز من مكانتها كعاصمة دبلوماسية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالسياسات الخارجية، أكد بوريطة أن مصداقية الدبلوماسية المغربية تعتمد على التفاوض والوفاء بالاتفاقيات الدولية. وأضاف أن الحكومة لا تكتفي بتوقيع الاتفاقيات بل تسعى إلى تنفيذها بالشكل الذي يحترم بنودها. وأشار إلى أن المملكة تلتزم بالحذر في المفاوضات لتضمن نجاح الاتفاقات وأنها لا توقع على أي اتفاقية إلا بعد التأكد من توافقها مع مصالحها الاستراتيجية.

ختاماً، تستمر المملكة المغربية في تعزيز مكانتها الاقتصادية والإستراتيجية من خلال مبادرات كبرى مثل مشروع تحويل معبر الكركرات إلى ممر تجاري حيوي. ومع تصاعد أهمية المعبر على مستوى التجارة والنقل، يعمل المغرب على تعزيز الروابط التجارية مع جيرانه جنوب الصحراء عبر تنفيذ مشاريع تنموية وبنية تحتية قوية، مما يساهم في تأكيد الدور المحوري للمملكة في القارة الإفريقية.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!