إقتصاد

المغرب يسعى لتحقيق قفزة اقتصادية مشابهة للتجربة الإسبانية

المغرب يسعى لتحقيق قفزة اقتصادية مشابهة للتجربة الإسبانية

في الوقت الذي يشهد فيه العالم تحولات اقتصادية كبيرة، يبرز المغرب كلاعب رئيسي في سعيه لتحقيق نهضة صناعية واقتصادية مشابهة لتلك التي حققتها إسبانيا في مراحل سابقة. هذه الرغبة في التقليد والاستفادة من التجارب الناجحة تأتي وسط جهود متواصلة لتطوير القطاعات الاقتصادية المختلفة، مستندًا إلى عوامل محورية تساهم في تعزيز مكانته الإقليمية والدولية. يسعى المغرب اليوم للالتحاق بالدول المتقدمة في صناعة السيارات والطيران، مع تركيزه على تحويل نفسه إلى مركز صناعي إقليمي قادر على منافسة القوى الكبرى.

من خلال تقرير نشرته صحيفة “الإيكونوميست” الإسبانية، يتضح أن المغرب يطمح لأن يصبح “مصنع إفريقيا”، مستفيدًا من استقرار التضخم منخفض وسياسته النقدية المرنة، وهو ما يضعه في مكانة جيدة لتحقيق نمو اقتصادي ملحوظ. التوقعات تشير إلى أن المغرب سيشهد تحسنًا اقتصاديًا خلال الأعوام المقبلة، خاصة في 2025 و2026. في الوقت الذي يعاني فيه من فجوة ملحوظة في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بدول مثل إسبانيا، فإن المغرب لا يراها كعائق بل دافعًا للمضي قدمًا على طريق النمو والتطور.

تاريخ إسبانيا الاقتصادي، الذي شهد قفزة صناعية هائلة بين الخمسينيات والثمانينيات من القرن الماضي، يعد مصدر إلهام رئيسي للمغرب. فقد نجحت إسبانيا في تلك الفترة في تحفيز معدلات النمو الاقتصادي بشكل لافت، متجاوزة العديد من الدول المتقدمة. عند تحليل تلك الفترة، نجد أن إسبانيا شهدت طفرة اقتصادية مدعومة باستثمارات أجنبية ضخمة، خاصة من الولايات المتحدة، فضلًا عن تحرير السوق وتعزيز قطاعات استراتيجية مثل صناعة السيارات والسياحة. شهدت تلك الفترة من 1950 حتى 1974 معدل نمو سنوي بلغ 6.3%، مما أتاح لإسبانيا تحقيق تقدم ملحوظ على مختلف الأصعدة.

وبالنظر إلى المستقبل، يعمل المغرب على محاكاة هذا النموذج في سعيه لتحقيق تقدم مماثل. التركيز على قطاع السيارات يعد من أبرز الخطط التي يسعى المغرب لتنفيذها بنجاح. من خلال استثمارات ضخمة في هذا المجال، تمكن المغرب من تجاوز بعض الدول الأوروبية مثل المجر ورومانيا في حجم الإنتاج. وفي السنوات القادمة، يتوقع أن يشهد الإنتاج المغربي في هذا القطاع زيادة ملحوظة، حيث تنوي الشركات الصينية مثل “هونان جونغ” و”بي واي دي” تكثيف استثماراتها في المغرب، وهو ما يعكس إيمانهم بقدرة البلاد على توفير بيئة مثالية للاستثمار بفضل الأيدي العاملة المؤهلة والتكاليف التنافسية.

علاوة على ذلك، يولي المغرب أهمية كبيرة للقطاع الطيراني، الذي يمثل أحد المحاور الأساسية في استراتيجيته الصناعية. من خلال خطة طموحة تهدف إلى مضاعفة الإنتاج بحلول عام 2030، يسعى المغرب إلى خلق أكثر من 20,000 فرصة عمل جديدة في هذا القطاع الحيوي. هذه الخطط تسهم في زيادة الاندماج المحلي في صناعة الطيران، وتعزز قدرة المغرب على المنافسة في السوق العالمية.

المغرب اليوم يتجه نحو استغلال موقعه الجغرافي المتميز واستقراره السياسي، ليصبح مركزًا صناعيًا إقليميًا في قارة إفريقيا. وبتطبيق سياسات منفتحة واستراتيجية اقتصادية طموحة، يسعى المغرب إلى أن يكون نموذجًا يحتذى به في تحقيق النهضة الاقتصادية.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!