إقتصاد

مشروع نفق المغرب وإسبانيا خطوة طموحة لتعزيز النقل والتبادل التجاري

مشروع نفق المغرب وإسبانيا خطوة طموحة لتعزيز النقل والتبادل التجاري

في خطوة جديدة تعكس التوجه الجاد نحو تحقيق مشروع نفق سكك حديدية بين المغرب وإسبانيا، أبرمت شركة “هيرينكنيشت إيبيريكا” الألمانية اتفاقًا لإجراء دراسة جدوى شاملة. تأتي هذه الدراسة في إطار تحفيز المشروع الذي طالما كان حلماً منذ عقود، لما يحمله من وعود بتعزيز حركة النقل والتجارة بين أوروبا وشمال إفريقيا.

تعتبر شركة “هيرينكنيشت إيبيريكا”، التابعة لمجموعة “هيرينكنيشت” المتخصصة في تصميم آلات الحفر العملاقة، من أبرز الجهات المؤهلة لإنجاز هذا النوع من الدراسات. وقد تم اختيارها من قبل شركة “سيكجسا” الإسبانية، التي تأسست عام 1981 بهدف تطوير المشروع وتقديم حلول تقنية مبتكرة . ويهدف التعاون إلى تقييم الإمكانيات الفنية واللوجستية اللازمة لتجاوز التحديات، مما يعكس أهمية المشروع على المستويين الإقليمي والدولي.

الاهتمام بمضيق جبل طارق كان دائماً حاضراً في الاستراتيجيات الخاصة بالنقل بين أوروبا وإفريقيا. وأوضحت المتحدثة باسم “هيرينكنيشت” أن النفق يمثل فرصة عظيمة لتعزيز حركة المرور، حيث سيسهم بشكل مباشر في نقل الركاب والبضائع بكفاءة أكبر. ويأتي هذا الاهتمام بالنظر إلى الأهمية الاستراتيجية للمضيق، الذي يُعتبر شرياناً حيوياً للتجارة العالمية .

المشروع المقترح سيأخذ بعين الاعتبار التحديات الجغرافية الفريدة لمضيق جبل طارق. ففي حين أن أقصر مسافة بين البلدين تبلغ 14 كيلومتراً، إلا أن عمق البحر الذي يصل إلى 1000 متر في تلك المنطقة يشكل عائقاً تقنياً . لذلك، تسعى الدراسة لتحديد مسارات بديلة تقل فيها الأعماق إلى 300 متر، مما يجعل المشروع أكثر قابلية للتنفيذ من الناحية الهندسية.

يركز المشروع الحالي على اعتماد السكك الحديدية كوسيلة رئيسية للنقل، مع اقتراح نفق أحادي الأنبوب كبداية. ومع الوقت، يمكن تطوير هذا التصميم ليشمل نفقاً ثانياً موازياً، مما يسمح بحركة مرنة للبضائع والركاب في اتجاهين مختلفين . ويستند التصميم إلى نموذج نفق “المانش” الذي يربط فرنسا ببريطانيا، والذي يضم أنفاقاً مخصصة لقطارات الركاب والشحن. إلا أن التحديات التقنية في المشروع المغربي-الإسباني تتطلب حلولاً أكثر تطوراً نظراً لعمق البحر الفريد من نوعه.

تاريخياً، تعود فكرة هذا النفق إلى القرن التاسع عشر، إلا أن أول اتفاق رسمي بشأنه أُبرم بين المغرب وإسبانيا عام 1979. ورغم انعقاد العديد من اللجان المشتركة منذ ذلك الحين، فإن التقدم ظل محدوداً . ومع ذلك، فإن التطورات السياسية الحديثة، بما في ذلك التعاون الثنائي المتزايد واستضافة البلدين لكأس العالم 2030 مع البرتغال، جعلت المشروع يحظى باهتمام متزايد من قبل صناع القرار.

المشروع لا يُعد مجرد ربط مادي بين قارتين، بل يمثل أيضاً فرصة لتوسيع آفاق التعاون بين المغرب وإسبانيا. حيث يحمل آمالاً كبيرة في تحويل العلاقة الاقتصادية بين الجانبين إلى نموذج أكثر تكاملاً . ومن المتوقع أن يسهم النفق في تسهيل التبادل التجاري، وتعزيز الروابط الثقافية، وفتح آفاق جديدة للتنمية المستدامة بين أوروبا وشمال إفريقيا.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!