سياسة

مراكش تحتضن ندوة دولية حول قضية الصحراء المغربية ورهان تفعيل الحكم الذاتي

مراكش تحتضن ندوة دولية حول قضية الصحراء المغربية ورهان تفعيل الحكم الذاتي

احتضنت مدينة مراكش مساء الأحد 25 يناير 2025 ندوة فكرية دولية تناولت موضوع “قضية الصحراء المغربية: المكتسبات الدبلوماسية ورهان تفعيل الحكم الذاتي”، والتي نظمها التكتل الصحراوي الدولي للوحدة الوطنية، وذلك بمناسبة مرور 81 عامًا على تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال. تعد هذه الندوة محطة هامة لتعميق الحوار حول القضية الوطنية الأكثر حساسية للمغرب، كما جاءت لتكون مناسبة لتعزيز الفهم حول تطور هذه القضية محليًا ودوليًا.

أهمية ذكرى 11 يناير في مسار النضال المغربي

افتتح الندوة الأستاذ حسن لحويدك، رئيس جمعية الوحدة الترابية بجهة الداخلة وادي الذهب، الذي أشار إلى أن ذكرى 11 يناير 1944 تظل نقطة فارقة في تاريخ المغرب المعاصر. فقد شكلت الوثيقة التي تم تقديمها في هذا التاريخ حجر الزاوية في انطلاق الكفاح الوطني ضد الاستعمار، وفتح الأفق لإعادة تجميع القوى الوطنية تحت لواء العرش العلوي. ومن خلال هذه المناسبة، تتجدد الروح الوطنية التي أظهرتها تلك اللحظة التاريخية في التلاحم الكبير بين الشعب المغربي وقيادته من أجل التحرر.

وأكّد لحويدك على أن هذه الذكرى لا تعتبر مجرد احتفاء بالماضي بل هي فرصة للتأمل في التحولات الكبرى التي مر بها المغرب. كما أضاف أنها تشكل درسًا للأجيال الجديدة حول أهمية الوحدة الوطنية وكيف يمكن لهذه الوحدة أن تساهم في الدفاع عن ثوابت الوطن. هذه الروح الوطنية التي ساهمت في تحقيق الانتصارات ضد الاستعمار هي نفسها التي تدفع اليوم المغرب للمضي قدمًا في الدفاع عن سيادته على أقاليمه الجنوبية.

المكتسبات الدبلوماسية في قضية الصحراء

عند الحديث عن المكتسبات الدبلوماسية التي حققها المغرب في ملف الصحراء، ركز لحويدك على دور القيادة الملكية التي مهدت الطريق لتحقق المملكة المغربية العديد من المكاسب الدولية في سياق القضية الصحراوية. ففي السنوات الأخيرة، تمكن المغرب من استقطاب دعم العديد من الدول الكبرى لمبادرته في تفعيل الحكم الذاتي تحت سيادته.

وأشار لحويدك إلى أن من بين هذه المكاسب، الدعم المتزايد من دول كبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، إضافة إلى الاعتراف المتزايد بسيادة المغرب على الصحراء. كما أن هذه الاعترافات الدولية تأخذ منحى تصاعدي بفضل الدبلوماسية الحكيمة التي يقودها جلالة الملك محمد السادس. فعلى سبيل المثال، تم التأكيد على الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء في عام 2020، وهو ما شكل نقطة تحول مهمة في هذا السياق.

الافتتاحات الدبلوماسية وتعزيز السيادة الوطنية

ومن جهته، تطرق لحويدك إلى قضية الافتتاحات القنصلية في الصحراء المغربية كأحد أبرز المكاسب التي تحققت بفضل الجهود الدبلوماسية المغربية. فقد شهدت مدينتا العيون والداخلة افتتاح العديد من القنصليات من قبل دول إفريقية وعربية وأمريكية لاتينية، ما يعكس بوضوح اعتراف هذه الدول بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية. وأضاف أن هذه الافتتاحات تمثل شهادة على التقدير الدولي للمشاريع التنموية التي تقوم بها المملكة في المنطقة.

كما أشار إلى أن الدبلوماسية الملكية نجحت في تهميش الأطروحات الانفصالية في المحافل الدولية، وبالتالي فإن هذا النجاح الدبلوماسي الكبير له دور حاسم في جعل الأطروحات الانفصالية تكتسب دعمًا أقل من ذي قبل. هذه النجاحات تعد بمثابة مؤشر على تراجع مكانة الأطروحات التي كانت تمثل تهديدًا لوحدة المغرب الترابية.

التحديات المستقبلية لقضية الصحراء المغربية

على الرغم من هذه المكاسب، لم يغفل لحويدك عن التحديات التي لا يزال المغرب يواجهها في قضية الصحراء. فقد أشار إلى أن التوصل إلى إجماع دولي كامل حول الحل النهائي لقضية الصحراء لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا، رغم الدعم الواسع الذي يحظى به المغرب في هذا السياق. كما أكد على أهمية تعزيز الجبهة الداخلية لمواجهة هذه التحديات المستقبلية. وبيّن أن جلالة الملك محمد السادس دائمًا ما يدعو إلى تعزيز الوحدة الوطنية والالتزام المشترك بمواصلة الدفاع عن مغربية الصحراء.

إضافة إلى ذلك، أوضح لحويدك أن التوترات الإقليمية تستمر في خلق عراقيل أمام تحقيق تسوية سلمية لقضية الصحراء، مشددًا على ضرورة التنسيق بين الفاعلين الوطنيين والمجتمع الدولي لمواصلة الضغط الدبلوماسي والتصدي للمناورات التي تقوم بها الأطراف المعارضة.

مستقبل الحل السياسي وتفعيل الحكم الذاتي

وفيما يتعلق بحل النزاع، شدد لحويدك على أن مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به المملكة في عام 2007 يبقى الحل الأكثر واقعية. هذا الحل، الذي يهدف إلى تمكين سكان الأقاليم الجنوبية من إدارة شؤونهم المحلية، يعد من أبرز الحلول الممكنة التي تجمع بين احترام وحدة المغرب الترابية وخلق نموذج تنموي شامل للمنطقة. يهدف هذا المقترح إلى تقديم تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة، مع ضمان استقرار ورفاهية سكان المنطقة.

وأكد لحويدك أن هذا الحل يحظى بتأييد واسع من قبل المجتمع الدولي، بما في ذلك دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، بالإضافة إلى الأمم المتحدة. وأضاف أن هذا المقترح يمثل أقصى سقف من التنازلات التي قدمها المغرب في سبيل إيجاد حل سلمي ودائم للنزاع.

الحاجة إلى الوحدة الوطنية في مواجهة التحديات

في ختام مداخلته، أكد لحويدك على ضرورة تعزيز الوحدة الوطنية لمواصلة التصدي لأية محاولات تهدف إلى المساس بوحدة المغرب الترابية. وأوضح أن استمرار الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي يشكل خطوة مهمة نحو تسوية النزاع بشكل دائم. وكرر دعوته إلى ضرورة تعزيز العمل الدبلوماسي المستمر لمواجهة أي تحديات قد تطرأ على الساحة الدولية فيما يخص قضية الصحراء المغربية.

4o mini

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!