عبد الإله مول الحوت: عندما يتحقق التغيير عبر الفعل لا القول

عبد الإله مول الحوت: عندما يتحقق التغيير عبر الفعل لا القول
تعتبر المبادرة التي أطلقها عبد الإله، المعروف بلقب “مول الحوت”، في خفض سعر السردين إلى خمسة دراهم للكيلوغرام بمثابة تجربة جريئة لاقت إشادة كبيرة من قبل المواطنين. هذا السعر الذي يبدو غير معتاد في أسواق السمك المغربية، فتح نقاشاً واسعاً حول قدرة هذا النوع من المبادرات على إحداث تغييرات حقيقية في الأسواق المحلية.
لكن من جهة أخرى، أثار هذا الموقف بعض الجدل بين المهنيين الذين اعتبروا أن هذه الخطوة تمثل تحدياً غير متوقع لأسعار السمك التقليدية، والتي أصبحت تشكل عبئاً على العديد من الأسر المغربية. رغم ذلك، من الممكن أن تكون هذه المبادرة خطوة في اتجاه تغيير عقلية السوق المغربي بأسره. فهل تكون هذه الخطوة بداية لتحويل مفهوم التنافس في السوق؟
توجه عبد الإله بخفض أسعار السردين يعد بمثابة فرصة حقيقية لذوي الدخل المحدود للحصول على مصدر غذائي رئيسي بثمن معقول. بفضل هذا القرار، أصبح بالإمكان الحصول على السمك الطازج بأسعار تناسب شريحة كبيرة من المواطنين.
وبذلك، يكون قد أظهر للمستهلك المغربي أن هناك دائمًا حلولاً مبتكرة للتحديات الاقتصادية التي قد تواجهه. إذ من الواضح أن هذا القرار يسعى لتحقيق توازن اقتصادي يحقق مصلحة الجميع، دون أن يكون الربح الكبير هو الهدف الرئيسي. إن التحدي الأكبر لا يكمن في عرض السردين بهذا السعر، بل في القدرة على الاستمرار في هذا النموذج وتحقيق التوازن بين الربح وتلبية احتياجات الفئات المستضعفة.
وفي الوقت نفسه، يبقى السؤال: لماذا لا يقتدي التجار الآخرون بهذه المبادرة؟ إذا كانت الفكرة ناجحة ويمكن أن تعود بالنفع على الجميع، فلماذا لا تكون هي القاعدة بدلاً من الاستثناء؟ يبدو أن القدرة على تقديم الأفضل للمستهلك تكون أكثر تأثيراً من مجرد الانتقاد. لا شك أن المنافسة الفعلية تأتي عندما يحاول الآخرون تقليد هذه التجربة وفرض أسعار معقولة على بقية الأسماك.
كما أن الحديث عن الأسعار المرتفعة لبقية أنواع الأسماك ليس موضوعًا سهلاً. إن القرار في هذا الشأن يعود في النهاية للمستهلك، الذي يملك حرية الاختيار بناءً على احتياجاته وقدرته المالية. فإذا كانت الأسواق حرة، فإن للمستهلك الحق الكامل في اختيار المكان الذي ينفق فيه أمواله، ويحق له اختيار التاجر الذي يقدم له أفضل قيمة مقابل ما يدفعه.
إن محاولة البعض التشكيك في نوايا “مول الحوت” أو تصنيفه كحيلة تسويقية، قد تكون بمثابة محاولة إخفاء حقيقة أن التغيير يمكن أن يكون ممكناً عندما تكون النية صادقة. لن تكون المنافسة الحقيقية في الانتقادات المتبادلة، بل في قدرة التجار على تقديم نفس الخدمة بجودة أفضل وسعر معقول. إذا كان الهدف هو خدمة المواطن ودعمه، فمن الأفضل أن يختار الجميع الاتجاه الذي يحقق الفائدة على المدى الطويل.