دورة أسبوع العلوم 2025 ببنجرير: تحديات علمية وفرص المستقبل

دورة أسبوع العلوم 2025 ببنجرير: تحديات علمية وفرص المستقبل
انطلقت الدورة الخامسة من أسبوع العلوم في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، في بنجرير، لتشكل حدثًا علميًا بالغ الأهمية. حيث تم التطرق إلى التحديات الكبرى التي تواجه العالم في مجالات متعددة. وتم تسليط الضوء على الابتكارات العلمية التي ستشكل ملامح المستقبل، من بينها تأثير الذكاء الاصطناعي في التحولات الصناعية، بالإضافة إلى القضايا المرتبطة بالطاقة والموارد الطبيعية، مثل الرهانات الطاقية والمعدنية. كما شكل الحدث فرصة لتعميق النقاش حول السيادة العلمية في القارة الإفريقية، وضرورة اعتماد استراتيجيات محلية للتعامل مع هذه التحديات.
وفي هذه الدورة، ركز المشاركون على أهمية الابتكار في مجالي الفلاحة والصحة. تم طرح مقترحات عملية تهدف إلى تعزيز هذه المجالات بشكل فعال. وقد أثبتت المناقشات حول السيادة العلمية في إفريقيا ضرورة تبني أساليب مبتكرة لمواكبة التحولات الكبرى، مما يتطلب التنسيق بين البحث العلمي والصناعة، فضلاً عن التعاون بين المؤسسات الحكومية. فقد أكدت هذه الدورة على ضرورة تحفيز الشركات والمؤسسات العمومية على العمل جنبًا إلى جنب لتحقيق الاستفادة القصوى من البحث والتطوير.
وبخصوص التحولات الطاقية، تم تناول موضوع الهيدروجين الأخضر في سياق متكامل. حيث تم التركيز على أهمية الإنتاج المحلي لهذه الطاقة النظيفة، وكذلك على ضرورة تطوير بنية تحتية تتماشى مع احتياجات العصر. وتطرق المشاركون إلى أهمية تأمين الاستثمارات في هذا القطاع لتحقيق تطور مستدام. وأكد فيليب إيسبوسيتو، مؤسس “DH2 Energy”، على ضرورة التعاون بين البحث والصناعة في هذا المجال لتفادي التبعية التكنولوجية وتحقيق استقلالية في تطوير الحلول الطاقية.
من جهة أخرى، كانت قضايا التعدين أحد المواضيع الرئيسة في الدورة، خاصة فيما يتعلق بتوازن الطلب العالمي المتزايد على المواد الاستراتيجية مع ضرورة الحفاظ على الاستدامة في استغلال هذه الموارد. كما تناولت جلسات متخصصة استراتيجيات الأتمتة المتقدمة في عمليات التعدين، إضافة إلى إدارة الموارد بشكل أمثل. وأكد الجيولوجي الاستكشافي ريتشارد ليلي على أهمية هذه التقنيات في تحسين الإنتاجية وتقليل التأثيرات البيئية الضارة. بينما عرض توفيق آيت التاجر، مستشار استراتيجي في شركة دولية متخصصة في النفط، استراتيجيات الحياد الكربوني التي تعزز من استدامة الصناعة.
في السياق نفسه، كانت الفلاحة محورًا آخر في النقاشات، حيث تم التطرق إلى تدبير الفوسفور بشكل أفضل. وهو عنصر أساسي في الإنتاج الزراعي. وأشار جاكوب جونز، مدير مركز “STEPS”، إلى ضرورة تحسين طرق إدارة الأسمدة الفوسفاطية، بما يساهم في رفع الإنتاجية الزراعية بطريقة مستدامة. وطرح المشاركون عدة حلول لتطوير عملية إعادة تدوير هذه الأسمدة.
كما شهدت الدورة مناقشات حول دور الذكاء الاصطناعي في مجال الطب. فقد تناول المشاركون تأثير الخوارزميات على التشخيص الطبي ومدى موثوقيتها. وتم تسليط الضوء على التحديات التي يواجهها الأطباء في تكامل الذكاء الاصطناعي مع الخبرة البشرية في هذا المجال. وقد تحدث الأستاذ شكري بن مامون من جامعة يال عن التقدم المحرز في مجال الطب التنبؤي، مشيرًا إلى بعض القيود الحالية التي تواجه هذه النماذج. وأكدت انتصار حدية، المتخصصة في أمراض الكلى، على ضرورة تأطير تطبيقات الذكاء الاصطناعي بما يضمن تكاملها مع الخبرة البشرية بشكل آمن وفعّال.
علاوة على ذلك، استعرضت الدورة العديد من المشاريع العلمية المبتكرة التي قدمها الباحثون والطلبة المشاركون. من بين هذه المشاريع “AlgaTech”، وهو روبوت قادر على جمع الطحالب وإعادة تدويرها لإنتاج وقود حيوي وأسمدة طبيعية. بالإضافة إلى “Ecolink”، منصة رقمية تهدف إلى ربط الشركات التي تعنى بإعادة التدوير والمقاولات المختصة لتحسين إدارة النفايات بشكل فعال. كما شكلت هذه المشاريع جزءًا من القرية العلمية التي شهدت تفاعلًا كبيرًا من قبل الحضور، حيث تم عرض أحدث التطورات التكنولوجية من خلال ورش تطبيقية وعروض تفاعلية.
أما على مستوى الهندسة المعمارية، فقد قدم طارق والالو، مصمم ملعب الحسن الثاني الكبير في الدار البيضاء، عرضًا حول تصميم هذا الصرح الرياضي الضخم. الذي سيكون أكبر ملعب في العالم بسعة 115 ألف مقعد، مع تصميم مستوحى من التقاليد المغربية. وقد سلط الضوء على الموازنة بين الجمالية والاحتياجات الطاقية في المشروع، مما يساهم في تعزيز الاستدامة في القطاع الرياضي.
وقد اختتمت فعاليات الدورة الخامسة من أسبوع العلوم 2025 بمشاركة واسعة من الخبراء المغاربة والأجانب في مختلف المجالات العلمية، بما في ذلك 30 ورشة و45 لقاء علمي. وشهدت الدورة حضور عدد كبير من الطلبة من مختلف الجامعات، مما يعكس أهمية الحدث في تسليط الضوء على التحديات العلمية الراهنة التي تواجه المجتمع والعالم في المستقبل.