حذف المرجعية الإسلامية من مشروع قانون المسطرة الجنائية يثير جدلا واسعا

حذف المرجعية الإسلامية من مشروع قانون المسطرة الجنائية يثير جدلا واسعا
في مناقشة مشروع قانون المسطرة الجنائية في لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، عاد وزير لعدل عبد اللطيف وهبي ليشعل الجدل مجددًا بعدما قام بحذف عبارة “تعاليم الدين الإسلامي” من ديباجة المشروع. هذا الحذف قوبل بانتقادات حادة من بعض أعضاء اللجنة، الذين اعتبروا ذلك مساسًا بثوابت الأمة المغربية. فقد أثار هذا التصرف تساؤلات حول تأثيرات هذا التغيير على هوية التشريعات المغربية ومستقبل العلاقة بين القانون والدين في البلاد.
في رده على الانتقادات، أصر الوزير وهبي على أن الصياغة القانونية المعتمدة لا تستند إلى مرجعية دينية بشكل صريح. وبيّن أن القوانين وضعية وليست دينية، وأنها تهدف إلى تنظيم شؤون المواطنين بشكل محايد يضمن حقوق الجميع بغض النظر عن دياناتهم. كما أضاف أن الإشارة إلى المرجعية الإسلامية في قانون مسطري قد تؤثر على حقوق معتنقي الديانات الأخرى، مثل اليهود المغاربة، الذين يعيشون في المملكة بسلام واندماج منذ قرون.
تصريح الوزير أثار ردود فعل قوية من بعض الشخصيات القانونية، حيث اعتبر المحامي محفوظ كيطوني أن موقف وهبي يعد تمهيدًا لإصدار قوانين أكثر خطورة في المستقبل. وطرح كيطوني تساؤلًا عن إمكانية أن يكون الوزير يعتبر أن اليهود المغاربة قد تم اضطهادهم في ظل القوانين التي تعتمد على المرجعية الإسلامية، مشيرًا إلى أن هذا التصور لا يتوافق مع الواقع التاريخي للمغرب الذي عُرف بتسامحه وتعايشه بين مختلف الأديان.
من جانبه، وصف المحامي إسحاق شارية تصريحات الوزير وهبي بأنها محاولة “لاجتثاث المغرب من جذوره التشريعية”، مؤكدًا أن الإسلام كان ولا يزال مصدرًا أساسيًا للتشريع في المغرب. كما شدد على أن “إمارة المؤمنين” في المغرب تلعب دورًا كبيرًا في الحفاظ على تماسك المجتمع المغربي بمختلف مكوناته تحت مظلة القانون والإسلام المعتدل. وأكد شارية أن المغرب سيظل متمسكًا بهويته الإسلامية التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من تراثه التشريعي.
إن هذا الجدل يعكس بشكل واضح التوترات التي قد تظهر بين الحداثة والمرجعية الدينية في التشريعات المغربية. ومع تطور القوانين والتوجهات السياسية في المملكة، يبقى السؤال حول مدى قدرة الحكومة على إيجاد توازن بين الالتزام بالمرجعية الدينية والحفاظ على حقوق الأقليات الدينية في المجتمع.