جريدة “Le Figaro”تكتب : 60 عامًا من الديكتاتورية العسكرية ونهب الثروات الوطنية في الجزائر
جريدة “Le Figaro”تكتب : 60 عامًا من الديكتاتورية العسكرية ونهب الثروات الوطنية في الجزائر
سلطت صحيفة Le Figaro الضوء على ستة عقود من حكم النظام العسكر في الجزائر، مشيرة إلى استمرار هيمنة هذه الطبقة على السلطة ونهب الثروات الوطنية منذ الاستقلال في عام 1962.
جريدة Le Figaro أشارت في مقالها إلى أن الجزائر، رغم كونها دولة غنية بالموارد الطبيعية، كانت ضحية لعملية استغلال مفرط وممارسات سلطوية أدت إلى تدهور الاقتصاد الوطني وتراكم الأزمات الاجتماعية والسياسية جراء الاستبداد العسكري.
فمنذ أن حصلت الجزائر على استقلالها عن فرنسا في سنة 1962، تضيف الصحيفة، لم تشهد البلاد تحولًا حقيقيًا نحو الديمقراطية أو المشاركة السياسية الحقيقية، حيث استمرت السيطرة العسكرية على مفاصل الدولة، حتى أصبح الجيش هو اللاعب الرئيسي في الحياة السياسية، مستفيدًا في ذلك من الحكم المطلق في الواقع، فكان العسكر وراء معظم التحولات السياسية في البلاد، بدءًا من انقلاب 1965 الذي قاده هواري بومدين، وصولاً إلى الفترة التي تلاها حكم عبد العزيز بوتفليقة.
وبحسب Le Figaro، فقد كان للطبقة العسكرية دور مركزي في تشكيل النظام السياسي الجزائري، ما جعل البلاد تشهد تغييرات سطحية فقط على مدار العقود وعلى الرغم من مرور 60 عامًا، لم تتغير الهيكلية السياسية بشكل جوهري، حيث بقيت السلطة محصورة في يد القلة الحاكمة التي تديرها الأجنحة العسكرية (الكابرنات)التي عملت على نهب الثروات النفطية.
تستعرض الصحيفة أيضًا كيف أن الجزائر، رغم غناها الكبير بالموارد الطبيعية، وفي مقدمتها النفط والغاز، لم تشهد تطورًا اقتصاديًا يواكب حجم هذه الثروات.
وأشارت المقالة إلى أن الأوليغارشية الحاكمة كانت تسيطر على هذه الثروات وتستغلها لمصلحة قلة من الأفراد والمجموعات المقربة من النظام، فيما يعاني الشعب الجزائري الأمرين جراء البطالة والفقر.
فالنفط والغاز كانا يشكلان المصدر الرئيسي للإيرادات الوطنية، ولكن ذلك لم يترجم إلى انجازات حقيقية في حياة المواطنين، بل على العكس، تردف الجريدة، كانت هذه الموارد تُستخدم كأداة سياسية لشراء الولاءات وتعزيز سلطات العسكر، بينما ظلت البنية التحتية للاقتصاد الجزائري ضعيفة للغاية مقارنة بحجم الثروات الطبيعية.
وفي تحليله للأنماط السياسية في الجزائر على مدار العقود، أوردت ” Le Figaro ” أن الحكم الفردي كان سمة مميزة للنظام، حتى عندما شهدت الجزائر بعض التحولات في التسعينيات عقب الأزمة الأمنية العميقة (الحرب الأهلية بين الدولة والجماعات المسلحة)، بقي نظام العسكر مسيطرا ومواصلا احتكار السلطة.
الجريدة الفرنسية أوضحت أيضًا كيف أن الاستمرار في الحكم العسكري أدى إلى تدهور الثقة في المؤسسات السياسية والاقتصادية في الجزائر، على الرغم من إجراء الانتخابات إلا أن النتائج كانت دوما محسومة لصالح النخبة الحاكمة.
وتساءلت Le Figaro عن مستقبل الجزائر في ضوء الاحتجاجات الشعبية ضد النظام والتي كان أبرزها الحراك الشعبي الذي انطلق سنة 2019، مشيرة إلى أن نظام العسكر ظل محتكرا للسلطة ومتوغلا ، رغم حالة الاستياء المتزايد من الطبقات الاجتماعية المختلفة.
وكشفت جريدة” Le Figaro ” عن الصورة القاتمة للواقع السياسي والاقتصادي في الجزائر، والذي سيظل في وضع هش مهزوز ومحكوم بتوازن غير مستقر بين القوة العسكرية والاحتجاجات الشعبية.
لاشك أن استبداد نظام “الكابرانات” بالجزائر سيظل يدور في حلقة مفرغة بين الاستبداد وقوة الاحتقان حتى يتحقق تحول جذري قد يغير مجرى التاريخ السياسي للبلاد برمتها سيما مع التحديات التي تواجه هذا النظام الحالي المريض .