تأثير الاستخدام المفرط للوسائط الرقمية على صحة المراهقين النفسية
تأثير الاستخدام المفرط للوسائط الرقمية على صحة المراهقين النفسية
تكشف دراسة حديثة عن تأثير الوسائط الرقمية على الصحة النفسية للمراهقين، حيث أظهرت وجود ارتباط وثيق بين تفضيلاتهم في استخدام هذه الوسائط ومشاكل القلق الاجتماعي. وتم تطبيق مؤشر عصبي فيزيولوجي جديد يُعرف باسم “اقتران دلتا بيتا” في الدراسة، والذي أتاح للباحثين فحص نشاط الدماغ لدى المراهقين الذين يعتمدون بشكل كبير على الوسائط الرقمية في تفاعلاتهم الاجتماعية. من خلال هذا المؤشر، تم اكتشاف نمط دماغي مميز لدى هؤلاء المراهقين، يعكس تأثيراً واضحاً على مشاعرهم وتصرفاتهم.
تُظهر الدراسة أن المراهقين الذين يعتمدون على الوسائط الرقمية قد يعانون من نمط دماغي مرتبط بـ “الإفراط في السيطرة” على مشاعرهم، مما يزيد من احتمالية تعرضهم للقلق الاجتماعي. تشير هذه النتائج إلى أن التفاعلات الرقمية قد تؤثر سلبًا على طريقة معالجة المشاعر لدى هؤلاء الأفراد. على الرغم من أن مرحلة المراهقة هي فترة هامة في تطور العلاقات الاجتماعية والعاطفية، إلا أنها تعد أيضًا مرحلة مليئة بالتحديات النفسية، بما في ذلك القلق الذي يعد من أبرز القضايا التي قد يواجهها المراهقون.
يُعتبر استخدام الوسائط الرقمية من الأمور الشائعة في حياة المراهقين المعاصرين، حيث أصبح الإنترنت جزءًا لا يتجزأ من تفاعلاتهم الاجتماعية. ولكن رغم شيوع هذا الاستخدام، لا يزال تأثيره على الصحة النفسية غير مفهومة تمامًا. تشير العديد من الدراسات السابقة إلى نتائج متباينة حول تأثير الإنترنت على القلق الاجتماعي، حيث ذهب البعض إلى أن الإفراط في استخدام الإنترنت قد يزيد من مستويات القلق، بينما لم تجد دراسات أخرى أي ارتباط بينهما. ورغم هذا التباين، فإن الغالبية العظمى من الدراسات كانت تركز على كمية الوقت الذي يقضيه المراهقون على الإنترنت، دون التطرق إلى نوعية التفاعل الرقمي وتأثيره على صحتهم النفسية.
بينما كانت الدراسات السابقة تركز على الجوانب الكمية فقط، جاءت هذه الدراسة الحديثة لتقديم تفسير أعمق من خلال دراسة تأثير تفضيلات المراهقين في التواصل الرقمي على نشاط دماغهم، وكيفية تأثير هذا النشاط على مستويات القلق الاجتماعي لديهم. كما تسعى الدراسة إلى فهم كيف يمكن للتفاعل الرقمي أن يؤثر بشكل مختلف عن التواصل المباشر بين الأفراد. وأكدت الباحثة سارة ميروسكي، التي ترأست الفريق البحثي، أن النتائج توضح بشكل واضح ارتباط الوسائط الرقمية بزيادة القلق الاجتماعي لدى المراهقين.
تعتبر هذه الدراسة بمثابة خطوة مهمة نحو فهم أعمق لتأثير التكنولوجيا على المراهقين. حيث أظهرت النتائج أن واحدًا من كل ثلاثة مراهقين يعاني من مستويات مزعجة من القلق بحلول سن الـ18. وهذا يعكس حقيقة مأساوية تظهر في حياة الكثير من المراهقين الذين يعتمدون بشكل مفرط على الوسائط الرقمية. في هذا السياق، تزداد أهمية البحث في تأثيرات هذا التفاعل على الصحة النفسية للأجيال الجديدة، خاصة وأننا نعيش في عصر تهيمن فيه الوسائط الرقمية على كافة مجالات الحياة الاجتماعية والعملية.