النسخة الحادية عشرة من تقرير التيارات الأطلسية ودورها في تعزيز التعاون بين دول الأطلسي
النسخة الحادية عشرة من تقرير التيارات الأطلسية ودورها في تعزيز التعاون بين دول الأطلسي
تقرير “التيارات الأطلسية” الصادر عن مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد يعد من أبرز المنشورات التي تسلط الضوء على التحليلات المتقاطعة من مختلف مناطق المحيط الأطلسي. ويتزامن إصدار هذا التقرير مع انعقاد مؤتمر “الحوارات الأطلسية”، ما يمنحه أهمية خاصة كأداة استراتيجية لتبادل الأفكار والرؤى. يشارك في إعداد التقرير نخبة من الخبراء المتخصصين من مناطق متنوعة تشمل أمريكا الوسطى وأمريكا الشمالية ومنطقة الكاريبي وشمال وجنوب أوروبا، إلى جانب شمال وغرب أفريقيا.
تميزت النسخة الحادية عشرة بمساهمات 25 مؤلفًا قدموا تحليلات معمقة للقضايا الاستراتيجية التي تواجه منطقة المحيط الأطلسي. وشملت الموضوعات المطروحة تهديدات بيئية واقتصادية وجيوسياسية تؤثر على دول الحوض الأطلسي، مع التركيز على الفرص الممكنة لتعزيز التعاون. ومن بين القضايا الملحة التي ناقشها التقرير العلاقة بين الشمال والجنوب، وقضايا التكامل الاقتصادي والأمن الغذائي والتغير المناخي، إلى جانب الديناميكيات الاجتماعية.
يقوم التقرير، بتنسيق السفير محمد لوليشكي، بتقديم رؤية شاملة حول كيفية مواجهة التحديات في سياق عالمي يشهد تصاعد التوترات الجيوسياسية. ويسعى لتحديد أسس التعاون الفعال بين دول الأطلسي لمواجهة التحديات المشتركة. كما يقترح حلولًا مبتكرة لتحفيز التنمية والتكامل الإقليمي عبر تقديم توصيات تعزز العمل المشترك في مجالات الأمن والطاقة والتجارة.
التحديات والفرص في حوض الأطلسي
تناول التقرير التحديات الكبرى التي تواجه دول جنوب الأطلسي، بما في ذلك النزاعات المسلحة، والإرهاب، والتغيرات المناخية التي تؤثر بشكل مباشر على الأمن الغذائي والاستقرار الإقليمي. وقد سلط الضوء أيضًا على الفرص التي يمكن استغلالها لتعزيز الشراكات الاستراتيجية بين الشمال والجنوب، خاصة في مجالات الزراعة والطاقة والتكنولوجيا. وأبرز أهمية التكامل الاقتصادي عبر تعزيز مناطق التجارة الحرة والاستثمار في البنية التحتية.
ركزت نسخة 2024 من التقرير على تقديم “خريطة التيارات الأطلسية”، التي توفر تحليلًا شاملًا للعوامل الرئيسية المؤثرة في التنمية بدول حوض الأطلسي الأفريقي. وتضمنت الخريطة تفاصيل حول الممرات التجارية والبنية التحتية والخدمات اللوجستية، مع التركيز على دور المناطق الاقتصادية الخاصة في تعزيز القدرة التنافسية للدول المطلة على المحيط.
أهمية التعاون الإقليمي وتعزيز الشراكات
ركز التقرير على أهمية التعاون الإقليمي بين دول الأطلسي كوسيلة للتصدي لتحديات العولمة والتغيرات الجيوسياسية. وأكد على ضرورة اعتماد نموذج جديد للشراكة يعتمد على التضامن والتكامل الإقليمي لمواجهة الحمائية الاقتصادية المتصاعدة عالميًا. كما ناقش التقرير العقبات التي تعيق تعزيز العلاقات بين الشمال والجنوب، مثل تصاعد النزاعات وتأثير “الحرب الباردة الجديدة” على العلاقات عبر الأطلسي، مما يتطلب استراتيجيات عملية لتجاوز هذه التحديات.
في مجال التجارة، أشار التقرير إلى أهمية الطريق البحري “رأس الرجاء الصالح” كبديل استراتيجي للطرق التقليدية في ظل النزاعات القائمة في مناطق الشرق الأوسط. كما أكد الخبراء على ضرورة تحويل الأطلسي إلى نموذج للشراكة الاستباقية التي تضمن الأمن والاستقرار الإقليمي.
التنمية الزراعية وتعزيز الأمن الغذائي
خصص التقرير مساحة لمناقشة التعاون الزراعي بين دول الأطلسي، خاصة بين أفريقيا وأمريكا اللاتينية، كوسيلة لتعزيز الإنتاجية وضمان الاكتفاء الذاتي الغذائي. وسلط الضوء على تجربة البرازيل والأرجنتين في تطبيق تقنيات زراعية متقدمة يمكن نقلها إلى الدول الأفريقية لتحقيق مكاسب مشتركة في هذا القطاع الحيوي.
الهجرة والشراكات التعليمية
تناول التقرير إمكانيات الهجرة كعنصر أساسي في تعزيز القدرة التنافسية الإقليمية لدول الأطلسي. ودعا إلى تحسين الشراكات التعليمية والاحتفاظ بالمواهب داخل المنطقة لتعزيز النمو الأكاديمي والتقني. وأكد على أهمية توظيف الهجرة كوسيلة لتحقيق التكامل الإقليمي والاقتصادي.
رؤية مستقبلية للتكامل والتنمية
استعرض التقرير رؤية جديدة لتحقيق التكامل والتنمية في منطقة الأطلسي من خلال التركيز على الحوكمة المستدامة والتعاون الجماعي. وشدد على ضرورة مواجهة التحديات المشتركة كالصراعات والإرهاب والقرصنة البحرية عبر استراتيجيات شاملة تتضمن كافة دول الحوض الأطلسي. كما أبرز أهمية المبادرة الملكية التي تهدف إلى تعزيز أطر التكامل بالقارة الأفريقية بما يتماشى مع رؤية أفريقيا 2063، ويؤكد التقرير أن هذه الجهود تعد خطوة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة والتكامل الإقليمي.
التوصيات والآفاق المستقبلية
يدعو التقرير إلى تعزيز الشراكات الاستراتيجية بين دول الأطلسي عبر تبني سياسات تعاونية مبتكرة. ويرى أن تحقيق هذه الرؤية يتطلب إرادة سياسية قوية وتضافر الجهود بين الشمال والجنوب. كما أكد على ضرورة الاستفادة من الفرص المشتركة لتعزيز التكامل والتنمية، بما يعزز استقرار المنطقة ويحقق مصالح جميع الأطراف.