المغرب يعزز هويته الثقافية ويعمل على صون تراثه اللامادي
![](https://akhbarlyaoum24.ma/wp-content/uploads/2025/02/الهوية-المغربية.jpg)
المغرب يعزز هويته الثقافية ويعمل على صون تراثه اللامادي
المغرب يُعتبر من أكثر البلدان تميزاً بتنوع هوياته الثقافية والتاريخية التي تجمع بين حضارات متعددة ومجتمعات متنوعة، وهو ما يشكل ركيزة أساسية في استدامة ثرواته الثقافية. على مر السنوات، برزت جهود كبيرة للحفاظ على هذا التراث الفريد من نوعه، حيث تتكامل التقاليد والممارسات الثقافية المتنوعة من خلال تنمية السياحة الثقافية والاهتمام العالمي المتزايد بهذا الموروث.
المغرب بين الماضي والحاضر: سعي دؤوب للحفاظ على التراث اللامادي
يعد التراث الثقافي اللامادي في المغرب جزءاً مهماً من هوية المملكة ويمثل مجموعة من التعبيرات الشعبية والممارسات التقليدية التي تميز المناطق المختلفة. في السنوات الأخيرة، أصبحت الدولة تسعى بشكل حثيث للحفاظ على هذه الكنوز الثقافية عبر استراتيجيات مختلفة تشمل التعاون مع الهيئات الدولية مثل اليونسكو. علاوة على ذلك، تمثل الحرف والموسيقى والرقصات الشعبية جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية التي تروي قصص الماضي والحاضر على حد سواء.
كما أن المغرب تبنى جملة من الإجراءات لتعزيز هذا التراث، وكان أبرزها انضمام بعض الممارسات التراثية إلى قائمة التراث الثقافي اللامادي للإنسانية. فقد شهد عام 2008 أول إدراج لموسم طانطان ضمن هذه القائمة، ليعقبها إدراج المزيد من الممارسات حتى وصل العدد إلى اثني عشرة مكوناً ثقافياً حتى عام 2022، إضافة إلى مشاريع جديدة قيد التقييم.
المهرجانات والفعاليات الثقافية: تظاهرات تسهم في الحفاظ على التراث
تعد المهرجانات والفعاليات الثقافية من أداة أساسية للحفاظ على التراث اللامادي، فهي تعمل على جمع الفئات المختلفة من المجتمع حول معالم ثقافية مشتركة. من بين أبرز هذه الفعاليات نجد مهرجان الفنون الشعبية في مراكش، وموسم حب الملوك في صفرو، بالإضافة إلى موسم إميلشيل. تساهم هذه التظاهرات في نشر الوعي الثقافي وتعزز من اقتصاديات المناطق التي تقام فيها من خلال جذب السياح والمشاركة الفعالة للمجتمعات المحلية.
إلى جانب دورها في الترويج للممارسات الشعبية، تساهم هذه الفعاليات في نشر التراث الثقافي على الصعيد الدولي. فهي تُبرز التراث المغربي بطريقة حديثة وجذابة، ما يعكس الاهتمام المتزايد من قبل السلطات والمجتمع المدني بالحفاظ على هذا التراث. ويساهم هذا الوعي المتزايد في دعم الاقتصاد المحلي ويعزز من مكانة الثقافة المغربية على الساحة الدولية.
الحفاظ على التراث اللامادي: استراتيجيات وطنية وعالمية
حرصاً منها على حماية التراث الثقافي الوطني، أطلقت وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية علامة “تراث المغرب” التي تسعى إلى رفع مستوى الوعي بالتراث اللامادي وحمايته من الاستغلال غير المشروع. تهدف هذه المبادرة إلى التصدي للسطو الثقافي عبر الآليات القانونية المتاحة من قبل اليونسكو، وتوفير حماية متكاملة لعناصر التراث الثقافي اللامادي في المملكة.
تعد هذه الجهود جزءاً من التزام المغرب المستمر بالحفاظ على هويته الثقافية في مواجهة التحديات العولمة. في هذا السياق، افتتحت الحكومة المغربية مركزاً وطنياً للتراث الثقافي اللامادي، وهو مركز يعنى بإجراء جرد منهجي للتراث في مختلف أنحاء المملكة وتنظيم ورشات تدريبية تهدف إلى تأهيل العاملين في مجال الحفاظ على التراث الثقافي. وتأتي هذه الخطوات لتؤكد التزام المملكة في صون تراثها الثقافي وتطويره بالتوازي مع التطورات الرقمية والتكنولوجية.
التحديات التي تواجه الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي
رغم الجهود الكبيرة التي تُبذل للحفاظ على التراث الثقافي اللامادي، لا يزال هناك العديد من التحديات التي تواجه عملية الحفاظ الفعلي على هذه العناصر الثقافية. من بين هذه التحديات نجد غياب إطار قانوني محكم يحكم هذا المجال، إضافة إلى نقص التنسيق بين الجهات المعنية بتنظيم وحفظ التراث. كما أشار تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى أهمية تطوير برامج وطنية ودولية لدعم جرد التراث وتنظيم الفعاليات المتعلقة به.
ويعد التراث الثقافي اللامادي من التراثات الهشة التي قد تختفي بسرعة إذا لم تُتخذ تدابير فعالة لحمايتها. في هذا السياق، يبرز دور الأنثروبولوجيين والباحثين الذين يُعطون الأولوية لدراسة وحفظ العادات والفنون الشعبية التي تُعتبر جزءاً من هوية الشعب المغربي. وتواجه هذه الفنون تحديات في الحفاظ عليها، بالنظر إلى تطور المجتمع وتغير الأنماط الحياتية التي قد تهدد باندثار بعض الممارسات الثقافية التقليدية.
التراث الثقافي اللامادي: أهمية الحفظ والتوثيق
ترتكز جهود الحفاظ على التراث الثقافي اللامادي على ضرورة التوثيق الدقيق والشامل لجميع الممارسات التقليدية. وذلك من خلال الرقمنة وتوثيق جميع جوانب التراث الثقافي، مثل الأغاني الشعبية والرقصات والمهرجانات والممارسات اليدوية. يهدف هذا التوثيق إلى تسهيل الوصول إلى هذا التراث وحمايته من التلاشي، وكذلك تسهيل تعليم الأجيال القادمة حول أهمية هذا الإرث الثقافي.
وفي هذا السياق، يُشدد على أهمية التعاون بين الحكومة والمجتمع المدني والمجتمعات المحلية لضمان نقل هذا التراث إلى الأجيال القادمة. من خلال هذا التعاون، يمكن خلق بيئة مواتية للمحافظة على التراث وتعزيز مكانته في الثقافة المغربية والعالمية.
الحفاظ على التراث الثقافي اللامادي في ضوء التحديات الرقمية
أصبح التراث الثقافي اللامادي من أهم الملفات التي تشغل اهتمام الباحثين والسياسيين في المغرب، وذلك بسبب ما يواجهه من تهديدات بسبب العولمة والتكنولوجيا الحديثة. ولذا، يجب أن يتم اعتماد تقنيات حديثة تواكب هذه التغيرات لحفظ وتوثيق هذا التراث.