منوعات

المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يكرم الذكرى الثانية والعشرين للاعتراف الرسمي بحرف تيفيناغ عبر لقاء علمي شامل

المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يكرم الذكرى الثانية والعشرين للاعتراف الرسمي بحرف تيفيناغ عبر لقاء علمي شامل

شهدت العاصمة الرباط، اليوم الإثنين، تنظيم لقاء علمي رفيع المستوى من طرف المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وذلك بمناسبة مرور اثنين وعشرين عامًا على الاعتراف الرسمي بحرف تيفيناغ. يأتي هذا اللقاء تحت شعار يعكس مكانة هذا الحرف العريق وهو “تيفيناغ: من أصالة التاريخ إلى آفاق الحداثة”، حيث استقطب الحدث مجموعة من الأكاديميين والمختصين في مجال اللغة والثقافة الأمازيغية.

وخلال هذا اللقاء، تم تسليط الضوء على مختلف الإنجازات التي تحققت منذ اعتماد حرف تيفيناغ رسميًا، إذ شملت هذه التطورات مجالات متنوعة كاللغة والتعليم والإبداع، بالإضافة إلى الدور المتنامي للتكنولوجيا في دعم هذا التراث الثقافي. كما جرى استشراف مستقبل هذا الحرف في ظل المقتضيات الدستورية الجديدة التي كرست اللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب العربية.

وخلال كلمته في هذا اللقاء، أكد الحسين المجاهد، الأمين العام للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أن اختيار هذا الشعار لم يكن عشوائيًا بل جاء ليبرز المسار الطويل الذي قطعته الأمازيغية عبر الزمن، سواء على مستوى الكتابة أو الحفاظ على معالمها المادية واللامادية. كما شدد على أهمية استحضار الهوية الثقافية للأمازيغية التي تعتبر جزءًا أصيلًا من التراث الوطني، مما يتطلب بذل مزيد من الجهود لتعزيز حضورها في المشهد العام.

وأشار المجاهد إلى أن تنظيم ندوات فكرية وجلسات علمية حول آليات تدوين الأمازيغية بمختلف تعابيرها الأدبية والفكرية بحرفها الأصلي، يعكس مدى وعي المؤسسات العلمية بأهمية الحفاظ على هذا الموروث الثقافي. كما أبرز أن تعزيز معيارية اللغة الأمازيغية يشكل خيارًا استراتيجيًا يعزز من قدرتها على الاندماج في المجالين التعليمي والتواصلي، انسجامًا مع التوجهات الرسمية التي كرسها دستور المملكة المغربية.

من جهة أخرى، كان اللقاء فرصة لاستعراض إنجازات بارزة من بينها تطوير تطبيقات رقمية لتعليم الأمازيغية، حيث قدم الباحث محمد زوين تطبيق “بستان الأمازيغية”، الذي حصد الجائزة الوطنية التي يمنحها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في مجال التطبيقات والموارد الرقمية. وأوضح زوين أن هذا التطبيق جاء في سياق تطوير أدوات تعليمية تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، مما يعكس مدى الاهتمام بتيسير تعلم اللغة الأمازيغية للصغار والكبار عبر واجهات تفاعلية.

كما أشار زوين إلى أن التطبيق يهدف إلى تقديم تجربة تعليمية متكاملة تعتمد على أحدث أساليب التدريس الرقمي، حيث يساعد المستخدمين على تعلم أبجدية تيفيناغ بأسلوب شيق يعتمد على التفاعل والمشاركة. وهو ما يؤكد أن تطوير المحتوى الرقمي باللغات الوطنية أصبح ضرورة لا غنى عنها لمواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها العالم.

وفي سياق متصل، أكد عياد ألحيان، الأستاذ بجامعة ابن زهر بأكادير، أن المرحلة الراهنة تتطلب تكثيف الجهود من أجل توفير المزيد من الموارد التعليمية الرقمية باللغة الأمازيغية. كما شدد على أهمية إدراج التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي في تطوير منصات تعليمية تتماشى مع متطلبات العصر، بما يعزز من مكانة الأمازيغية في المنظومة التعليمية.

كما أوضح ألحيان أن تعزيز المحتوى الرقمي باللغة الأمازيغية من شأنه أن يسهم في انتشارها بشكل أوسع، خاصة في أوساط الأجيال الجديدة التي أصبحت تعتمد على الوسائل الرقمية في اكتساب المعارف. وهو ما يجعل من الضروري دعم البحث العلمي في هذا المجال، وتوفير الموارد الكفيلة بتعزيز حضور الأمازيغية في مختلف المنصات الرقمية.

أما بدر بودهان، أستاذ اللغة الأمازيغية بمديرية التربية الوطنية بجرسيف، فقد تحدث عن الأهمية التاريخية لحرف تيفيناغ في صون الهوية الأمازيغية، مبرزًا الدور الحيوي لهذا الحرف في حفظ التراث اللغوي. كما أكد على ضرورة الاستفادة من التقنيات الحديثة لتطوير أساليب تعليم الأمازيغية، مشيرًا إلى نجاح تجربة مديرية جرسيف خلال جائحة كورونا في استخدام الموارد الرقمية لتدريس هذه اللغة، مما يعكس قابليتها للتكيف مع المستجدات العصرية.

وفي ختام اللقاء، جرى التذكير بأن يوم 10 فبراير 2003 شكل منعطفًا هامًا في تاريخ اللغة الأمازيغية، حيث تفضل الملك محمد السادس آنذاك بالموافقة على توصية المجلس الإداري للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية باعتماد حرف تيفيناغ لكتابتها. وهو القرار الذي أسهم في تعزيز حضور الأمازيغية في المشهد الثقافي والتعليمي المغربي، وجعلها جزءًا من السياسات اللغوية الرسمية للمملكة.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!