إقتصاد

المجلس الأعلى للحسابات يدعو إلى إصلاحات عاجلة لتجاوز أزمات الصحة العقلية بالمغرب

المجلس الأعلى للحسابات يدعو إلى إصلاحات عاجلة لتجاوز أزمات الصحة العقلية بالمغرب

كشف المجلس الأعلى للحسابات في تقريره السنوي لسنة 2023-2024 عن أزمات بنيوية تعيق تطور منظومة الصحة العقلية في المغرب، مبرزًا الحاجة الملحّة لإصلاحات جذرية وشاملة لضمان فعالية هذه المنظومة المهمة.

وأوضح التقرير أن الجهود المبذولة في هذا المجال لا تزال بعيدة عن تحقيق التطلعات الوطنية، حيث يواجه قطاع الصحة العقلية تحديات كبيرة ترتبط بعدم كفاية برامج الوقاية والعلاج، خصوصًا بالنسبة للفئات الهشة التي تعاني من محدودية الدعم والرعاية النفسية المناسبة.

وذكر التقرير أن القطاع الصحي المغربي يعاني من نقص حاد في البنيات التحتية الخاصة بالصحة العقلية، إضافة إلى عجز في الموارد البشرية المؤهلة، مما ينعكس سلبًا على جودة الخدمات المقدمة ويؤدي إلى فجوة بين العرض والطلب في مجال الطب النفسي.

وأشار المجلس إلى أن القدرة الاستيعابية لمستشفيات الصحة العقلية تبقى جد محدودة، حيث تتوفر على 2,466 سريرًا فقط في القطاع العمومي، وهو ما يعادل 6.86 سريرًا لكل 100 ألف نسمة، وهي نسبة أقل بكثير من المعايير الدولية، ما يبرز العجز في تلبية الاحتياجات المتزايدة للمواطنين.

وأضاف التقرير أن عدم استغلال الموارد البشرية والمادية المتاحة بشكل أمثل يشكل عائقًا أمام تحسين المنظومة، حيث تظل الخدمات متأثرة بتنظيم غير فعال للعلاجات النفسية، مع غياب الهياكل الوسيطة بين وحدات الرعاية الأولية والمستشفيات المتخصصة.

وأكد التقرير على أن هذا النقص في الهياكل التكميلية يؤدي إلى اكتظاظ شديد في المستشفيات العمومية المخصصة للطب النفسي، مما يضعف قدرتها على تقديم الخدمات بالسرعة والجودة المطلوبتين في مواجهة الطلب المتزايد.

كما شدد المجلس على ضرورة إحداث بدائل علاجية خارج المستشفيات، تكون موجهة نحو تحسين الرعاية النفسية على مستوى المجتمع المحلي، لتخفيف الضغط عن المؤسسات الاستشفائية وتوسيع نطاق الخدمات المقدمة للفئات المحتاجة.

وتطرق التقرير إلى ضرورة تعزيز برامج الوقاية والتوعية بالصحة النفسية في أوساط المجتمع، مع التركيز على الفئات الهشة، بهدف رفع الوعي بأهمية هذا الجانب الحيوي من الصحة العامة والعمل على تقليل وصمة العار المرتبطة بالاضطرابات النفسية.

وفي ظل هذه التحديات، دعا المجلس إلى وضع استراتيجية وطنية شاملة تعتمد على تخطيط محكم ورؤية واضحة لإصلاح القطاع، مع تخصيص موارد إضافية لتحسين البنية التحتية وزيادة عدد الأسرة في المستشفيات العمومية وتعزيز تدريب الكوادر الطبية المتخصصة.

وأوضح التقرير أن تحقيق هذه الإصلاحات سيساهم في تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، بالإضافة إلى تعزيز قدرة المنظومة الصحية على التكيف مع المتغيرات السكانية والاجتماعية التي تزيد من الطلب على خدمات الصحة العقلية.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!