في حكم قضائي هام، انتصر القضاء المغربي للحقوق الفكرية للفنانة فاطمة تابعمرانت بعد سنوات من المعاناة بسبب ظاهرة التعدي على حقوق الملكية الفكرية. شهدت السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في القرصنة والسرقة الفنية، خاصة في مجالات مثل وسائل التواصل الاجتماعي، المهرجانات، السهرات الخاصة، والأعراس، مما أثر سلبًا على الإبداع الفني في المغرب. هذا التعدي على الأعمال الفنية أصبح يهدد مستقبل الفنانين ويجعلهم عرضة للاستغلال من قبل متطفلين لا يقدرون قيمة حقوقهم.

وقد شهدت العديد من الأغاني التي أنجزها فنانون مغاربة حالات سرقة وتزوير، حيث تحولت هذه الأعمال إلى ملكية عامة بفضل انتشار القرصنة. الفنانة فاطمة تابعمرانت، التي تعد من أبرز الأسماء في مجال الطرب الأمازيغي، لم تسلم من هذه الظاهرة رغم أنها كانت سباقة في حماية حقوقها الفكرية. قامت بتسجيل جميع أعمالها لدى المكتب المغربي لحقوق المؤلفين، مما حماها من الوقوع ضحية لتلك الانتهاكات التي طالت آخرين.

في إطار هذه الانتهاكات القانونية، قررت الفنانة فاطمة تابعمرانت التوجه إلى القضاء لاسترداد حقوقها. المحكمة الابتدائية في إنزكان أصدرت حكمًا تاريخيًا في 9 يناير 2025، والذي وصفه العديد من الفنانين والمبدعين بالانتصار الكبير لحقوق الملكية الفكرية. هذا الحكم جاء ليبعث رسالة قوية إلى جميع الأطراف المسؤولة، داعيًا إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد من يسعى للعبث بالإبداع الفني للمبدعين.

قضت المحكمة الابتدائية في إنزكان في الدعوى العمومية بمؤاخذة المتهمة بغرامة نافذة قدرها 15 ألف درهم، بالإضافة إلى تحميلها جميع المصاريف القانونية. أما في الدعوى المدنية، فقد حكمت المحكمة لصالح الفنانة فاطمة تابعمرانت، حيث ألزمت المتهمة بدفع تعويض قدره 50 ألف درهم لصالح المشتكية، مع تحميلها المصاريف القانونية أيضًا. كما قضت المحكمة بحذف جميع الأغاني المسروقة التي تم تنزيلها على منصة يوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي دون إذن مسبق من الفنانة.

وقد تم توجيه التهم إلى المتهمة من قبل وكيل الملك في المحكمة الابتدائية في إنزكان، حيث تم اتهامها بخرق حقوق المؤلف وفقًا للمادة 19 و10 و64 من القانون رقم 2.00 المتعلق بحقوق المؤلفين. وكانت الفنانة قد تقدمت بشكوى ضد المتهمة، التي استغلت أكثر من 14 أغنية لها في المهرجانات الفنية ومواقع التواصل الاجتماعي، مما يعد خرقًا صارخًا للقانون.

وبناءً على محاضر الضابطة القضائية، أكدت المتهمة أنها كانت تؤدي أغاني الفنانة فاطمة تابعمرانت في الحفلات والمهرجانات، وتستخدمها في وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يعتبر انتهاكًا لحقوق المؤلف. وبعد التحقيقات، خلصت المحكمة إلى أن المتهمة تعمدت نشر مقاطع موسيقية تابعة للمشتكية دون إذنها، وهو ما يشكل انتهاكًا لحقوق المؤلف وفقًا للقانون المغربي. ورغم ذلك، قررت المحكمة تخفيف العقوبة بناءً على الظروف الاجتماعية للعائلة المتهمة.

ووفقًا لمصادر قريبة من القضية، كان قد تم إرسال عدة إنذارات شفوية للمعتدية قبل التوجه إلى القضاء، حيث استمرت المتهمة في استغلال أغاني الفنانة في المهرجانات ووسائل التواصل الاجتماعي. وكان آخر هذه الاستغلالات في مهرجان تكري الذي أقيم في سيدي بنوار جماعة أكلو في إقليم تيزنيت، حيث قامت المتهمة بأداء أغنيتين من كلمات وألحان فاطمة تابعمرانت، كما تم توثيق ذلك من خلال محضر معاينة من المفوض القضائي إبراهيم بوحربال.

إن هذا الحكم القضائي يمثل انتصارًا ليس فقط لفاطمة تابعمرانت، بل لجميع الفنانين والمبدعين في المغرب الذين يتعرضون للاستغلال من قبل جهات لا تحترم حقوقهم الفكرية.