الدراما الرمضانية في المغرب بين الانتقادات اللاذعة والجدل المجتمعي

الدراما الرمضانية في المغرب بين الانتقادات اللاذعة والجدل المجتمعي
مع انطلاق الموسم الرمضاني، أصبحت الإنتاجات التلفزيونية المغربية حديث الساعة بين المشاهدين والمتابعين عبر مختلف المنصات، إذ لم تخلُ هذه الأعمال من موجة من ردود الفعل المتباينة.
فقد أثارت المسلسلات التي بثتها القنوات المغربية جدلاً واسعًا، حيث سلط الجمهور الضوء على جوانب مختلفة، مثل جودة الإنتاج، وأداء الممثلين، بالإضافة إلى القضايا التي تعالجها هذه الأعمال ومدى توافقها مع القيم والتقاليد الاجتماعية.
وقد زادت وتيرة الانتقادات مع تصاعد تأثير مواقع التواصل الاجتماعي، التي أصبحت بمثابة مرآة تعكس آراء الجمهور بشكل مباشر وفوري.
في مقدمة الأعمال التي أثارت ضجة كبيرة هذا الموسم، يبرز مسلسل “الدم المشروك”، الذي يجمع نخبة من الممثلين المعروفين، وعلى رأسهم دنيا بوطازوت، عبد الله ديدان، ومحمد الخياري.
إلا أن الجدل لم يكن بسبب الحبكة الدرامية فحسب، بل امتد ليشمل بعض المشاهد التي وصفها الجمهور بالمبالغ فيها، وأبرزها مشهد ذبح الخروف، الذي أشعل نقاشًا حادًا حول مدى توافقه مع القيم الأخلاقية والدينية.
وقد اعتبر البعض أن هذا المشهد يتعارض مع الشريعة الإسلامية، بينما رأى آخرون أنه مجرد عنصر درامي يعكس تطورات القصة، لكن النقاش لم يتوقف عند هذا الحد، بل امتد ليشمل مقارنة هذا المسلسل بأعمال درامية مصرية تتناول مواضيع البلطجة والعنف.
لم تقتصر الانتقادات على محتوى المسلسل فقط، بل طالت أيضًا أداء الممثلين، حيث تعرضت دنيا بوطازوت لانتقادات لاذعة من قبل النقاد والمتابعين، معتبرين أن تمثيلها اتسم بالمبالغة والصخب في العديد من المشاهد.
وقد أبدى الناقد الفني عبد الكريم واكريم تحفظاته حول أدائها، حيث وصف تجسيدها لشخصية “سيدة أعمال” بأنه يفتقر إلى الواقعية والتنوع، مشيرًا إلى أن الأداء الدرامي يجب أن يكون متوازنًا بعيدًا عن الصراخ والانفعالات الزائدة.
وقد أضاف أن بعض المشاهد جاءت مفتعلة وغير متناسقة مع السياق العام للمسلسل، مما جعله يفقد جزءًا من مصداقيته لدى المشاهدين، وهو ما انعكس على آراء الجمهور الذي عبر عن استيائه عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
الجدل حول جودة الإنتاجات الرمضانية المغربية لم يكن وليد هذا الموسم، بل يعود لعدة سنوات، حيث يرى الكثيرون أن هذه الأعمال تعاني من ضعف في السيناريو، ورداءة في الإخراج، وغياب الحبكة المتماسكة.
ويؤكد بعض النقاد أن القنوات المغربية تركز على الكم أكثر من الجودة، إذ يتم إنتاج عدد كبير من المسلسلات في وقت قصير دون إعطاء الوقت الكافي لتطوير النصوص والعمل على تحسين الأداء الفني.
وفي المقابل، هناك من يرى أن الإنتاج الدرامي المغربي يشهد تطورًا تدريجيًا، لكنه لا يزال بحاجة إلى دعم أكبر، سواء من حيث الميزانية أو من حيث الاستعانة بمخرجين وكتاب سيناريو أكثر احترافية.
في ظل هذا الجدل المستمر، يطرح الكثيرون تساؤلات حول مستقبل الدراما الرمضانية في المغرب، ومدى قدرتها على تحقيق التوازن بين تلبية توقعات الجمهور والحفاظ على القيم الفنية.
كما يثار التساؤل حول دور القنوات التلفزيونية في الاستجابة لهذه الانتقادات، خاصة أن بعض هذه الأعمال يتم تمويلها من المال العام، مما يجعل مسألة جودة المحتوى قضية ذات بعد أوسع.
ويبقى السؤال الأهم، هل ستأخذ الجهات المنتجة هذه الملاحظات بعين الاعتبار في المواسم القادمة، أم أن الجدل سيظل يتكرر عامًا بعد عام دون تغييرات جذرية؟