الحرائق في لوس أنجلوس: كارثة تتسع مع مرور الأيام وتدمير شامل للمناطق المتضررة
الحرائق في لوس أنجلوس: كارثة تتسع مع مرور الأيام وتدمير شامل للمناطق المتضررة
تشهد مدينة لوس أنجلوس حالة من الفوضى والدمار نتيجة الحرائق المستعرة التي طالت مساحات واسعة في المدينة منذ خمسة أيام. وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل فرق الإطفاء، فإن الحرائق لم تقتصر على المناطق المعتادة بل توسعت بشكل مقلق، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 11 شخصًا وتدمير العديد من المباني والأراضي. وقد أصبحت الحرائق تهدد مناطق كانت في السابق بعيدة عن أي خطر، ما يفاقم حجم الكارثة.
وتجاوزت الحرائق الحد المألوف لتطال أكثر من 12 ألف مبنى و15 ألف هكتار من الأراضي في لوس أنجلوس. ووصف الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي كان يتحدث خلال اجتماع في البيت الأبيض، المشهد بأنه يشبه “ساحة حرب وعمليات قصف”. هذا التوصيف يعكس مدى الضرر الذي لحق بالمدينة نتيجة هذه الحرائق المدمرة.
على الرغم من العدد الكبير لرجال الإطفاء المشاركين في جهود مكافحة النيران، أُصدرت أوامر بإخلاء بعض المناطق، بما في ذلك الجزء الشرقي من باسيفيك باليسايدس الذي يضم مركز غيتي الشهير. هذا المتحف الذي يضم 125 ألف تحفة فنية قيمة، كان يشكل جزءًا من تلك المناطق المهددة بالنيران. وفي الوقت ذاته، تتزايد المخاوف من صعوبة احتواء الحرائق بسبب توقعات بزيادة سرعة الرياح، ما يعمق القلق حيال تفاقم الوضع.
وقد ارتفعت الأصوات المنتقدة للجهود الحكومية في مواجهة هذه الكارثة. المسؤولون عن فرق الإطفاء، مثل كريستين كراولي، أشاروا إلى أن هناك نقصًا مستمرًا في الطواقم والموارد المالية اللازمة لمكافحة الحرائق. وفي مقابلة مع محطة “فوكس نيوز”، قالت كراولي إن هذه المعوقات تؤثر بشكل كبير على قدرة فرق الإطفاء على التعامل مع الحرائق. ومع ذلك، فإن رئيسة البلدية كارين باس حاولت تقليل حدة الانتقادات، مشيرة إلى أن جميع المعنيين في المدينة يعملون بشكل منسق لمواجهة الأزمة.
وفي ظل تزايد عمليات النهب في المناطق المنكوبة، فرضت السلطات المحلية حظر تجول صارم في العديد من المناطق الأكثر تضررًا مثل باسيفيك باليسايدس وألتادينا. الحظر دخل حيز التنفيذ بين الساعة السادسة مساءً والسادسة صباحًا، في خطوة تهدف إلى الحد من التعديات الأمنية وحماية الممتلكات الخاصة.
كما أبدى البابا فرنسيس تعاطفه مع ضحايا الحرائق، معربًا عن حزنه العميق تجاه الأرواح المفقودة والممتلكات التي دمرت. في حين شهدت بعض المناطق مواقف مؤثرة، مثل حضور الأمير هاري وزوجته ميغن ماركل، اللذين قدما مواساتهما للمنكوبين في منطقة باسادينا.
من جهة أخرى، طلب حاكم ولاية كاليفورنيا، غافين نيسوم، إجراء مراجعة مستقلة لكفاءة أجهزة توزيع المياه في المدينة بعد أن تسببت مشاكل في إمدادات المياه وفقدان الضغط في صنابير الإطفاء في تأخير عمليات الإطفاء. وقد وصف نيسوم هذا النقص بأنه “مقلق جدًا”، مطالبًا بالتحقيق في أسباب هذه المشكلات التي ساهمت في تفاقم الوضع.
الحريق الرئيسي الذي يعد من أكبر الحرائق في المدينة دمر أكثر من 8 آلاف هكتار في مناطق مثل ساحل ماليبو وحي باسيفيك باليسايدس، التي تعد من المناطق الراقية. ورغم الجهود الكبيرة من فرق الإطفاء، أكدت تلك الفرق أن السيطرة على النيران لم تتجاوز 11% حتى صباح السبت. وفي هذا السياق، فقد العديد من سكان تلك المناطق منازلهم، منهم الممثل ميل غيبسون، الذي عبر عن صدمته الكبيرة لخسارته منزله في ماليبو.
ورغم الانتقادات الموجهة للسلطات بشأن سرعة الاستجابة وحجم الضرر، فقد بدأت السلطات المحلية في نشر تعزيزات عسكرية لضمان الأمن وحماية المناطق المتضررة. كما تم توقيف عشرات الأشخاص الذين حاولوا الاستفادة من حالة الفوضى في المناطق التي أُخليت من السكان.
ومع استمرار الأزمة، دعا مسؤولو الولاية سكان كاليفورنيا إلى ترشيد استهلاك المياه، في ظل نقص إمدادات المياه التي تؤثر على محطات مكافحة الحرائق. وتقدر بعض التقارير أن تكلفة هذه الحرائق قد تكون هي الأعلى على الإطلاق، حيث تم تقدير الخسائر بنحو 135 إلى 150 مليار دولار.
وتعتبر الرياح السائدة في المنطقة، والمعروفة برياح “سانتا آنا”، عاملاً رئيسيًا في اتساع نطاق الحرائق. هذه الرياح، التي تصل سرعتها إلى مستويات غير مسبوقة منذ عام 2011، جعلت مهمة رجال الإطفاء أكثر صعوبة. كما أن الظروف المناخية غير المواتية، والتي تشمل الشتاء الجاف الحالي، قد ساهمت في زيادة شدة النيران وانتشارها بشكل سريع.
ولا يمكن تجاهل دور التغيرات المناخية في تفاقم هذه الظواهر الجوية القاسية. حيث يشير الخبراء إلى أن التغير المناخي قد يؤدي إلى زيادة تكرار وشدة مثل هذه الكوارث في المستقبل.