التقدم الاقتصادي للمغرب في ظل التحديات المالية والمناخية
التقدم الاقتصادي للمغرب في ظل التحديات المالية والمناخية
شهد عام 2024 تحسنًا ملحوظًا في تصنيفات المخاطر القُطرية، حيث تمت ترقية تصنيفات 48 دولة، وهو رقم يزيد بأكثر من الضعف مقارنة بعام 2023. ويعكس هذا التحسن ثقة متزايدة في الاقتصاد العالمي، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، لا سيما مع تصاعد التوترات الجيو-اقتصادية التي قد تؤثر على تدفقات التجارة والاستثمارات الأجنبية.
تحسنت تصنيفات المخاطر القُطرية في 48 دولة خلال 2024، وهو ما يمثل زيادة ملحوظة مقارنة بـ 27 دولة فقط في 2023. في المقابل، تراجع تصنيف خمس دول أخرى، ما يشير إلى استمرار حالة عدم اليقين في بعض الأسواق. رغم هذا التحسن، تبقى المخاطر المرتبطة بالعوامل الاقتصادية والسياسية قائمة، مما يفرض تحديات على استقرار الشركات في مختلف الدول. ويبرز المغرب كواحد من البلدان التي استطاعت تحقيق تقدم ملحوظ، رغم استمرار التحديات الاقتصادية والمالية.
تواصل شركة Allianz Trade تحديث تصنيفات المخاطر القُطرية من خلال تقريرها الفصلي “أطلس المخاطر القُطرية”، الذي يقدم نظرة شاملة حول أداء الاقتصادات المختلفة. يعتمد التقرير على تحليل معمّق للمؤشرات الاقتصادية والسياسية والمالية، مما يسمح بتقييم المخاطر التي تواجهها الشركات عند اتخاذ القرارات الاستثمارية. كما يركز على بيئة الأعمال والاستدامة، ويأخذ في الاعتبار العوامل المؤثرة في معدلات عدم السداد.
المغرب: نمو اقتصادي يعزز التصنيف لكنه لا يخلو من التحديات
حقق المغرب تقدمًا في تصنيفه، حيث ارتفع من “B2” إلى “B1″، مما يجعله من بين أكثر الدول أمانًا لممارسة الأعمال في إفريقيا. ويعود هذا التحسن إلى جهود الحكومة في تنويع مصادر الدخل، والاستثمار في القطاع الصناعي والبنية التحتية. رغم ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة، من أبرزها العجز المالي الذي يؤثر على الاستقرار الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، يظل القطاع الزراعي عرضة للتقلبات المناخية، ما قد ينعكس سلبًا على مستويات النمو والاستقرار الاجتماعي في البلاد.
تشير التوقعات إلى أن المغرب سيحقق معدل نمو يبلغ 3.5٪ خلال 2025، مدفوعًا بزيادة الاستثمارات الأجنبية وانتعاش قطاع السياحة. كما يشهد قطاع السيارات والصناعات التحويلية توسعًا ملحوظًا، في حين انخفض معدل التضخم إلى مستويات أكثر استقرارًا. ومع ذلك، تبقى المخاطر قائمة مع تزايد حالات الإفلاس في بعض القطاعات، فضلاً عن استمرار الجفاف والفيضانات التي تؤثر على الإنتاج الزراعي. علاوة على ذلك، تشكل البطالة بين الشباب والعجز المالي المستمر تحديات كبرى، مما يدفع المغرب إلى التركيز على مشاريع الطاقة المتجددة وتعزيز دوره كمركز اقتصادي إقليمي.
تحسن عالمي في تصنيفات المخاطر، لكن الاستقرار لا يزال هشًا
مع تحسن تصنيفات المخاطر القُطرية في 48 دولة خلال 2024، باتت التوقعات أكثر إيجابية مقارنة بالعام السابق. تركزت هذه التحسينات في الأسواق الناشئة، حيث شهدت أمريكا اللاتينية 13 تحسينًا، وأوروبا الناشئة 10 تحسينات، وآسيا والمحيط الهادئ 9 تحسينات. في المقابل، شهدت منطقة الشرق الأوسط بعض التراجعات، خاصة في البحرين وإسرائيل والكويت، بسبب تحديات مالية واضطرابات في سلاسل الإمداد.
رغم هذه الإيجابيات، يبقى المشهد الاقتصادي العالمي معقدًا، حيث لا تزال العديد من الدول تواجه ضغوطًا اقتصادية واجتماعية. تزداد المخاوف من عودة الحمائية التجارية، إلى جانب استمرار التوترات الجيوسياسية التي قد تعرقل مسار التعافي الاقتصادي. كما أن العديد من التحسينات في التصنيفات تستند إلى مؤشرات قصيرة الأجل، ما يجعلها عرضة للانعكاس في حال تدهور الظروف الاقتصادية.
التحديات الاقتصادية وتأثيرها على مستقبل الشركات
تحذر التقارير من عدة عوامل قد تؤثر سلبًا على الأداء الاقتصادي خلال 2025-2026، منها التوترات الجيوسياسية التي قد تؤدي إلى اضطرابات في الأسواق المالية، وزيادة النزعات الحمائية التي تهدد التجارة العالمية. كما أن ارتفاع معدلات البطالة وتفاقم الانقسامات المجتمعية في بعض الدول يزيدان من حالة عدم اليقين، مما يجعل الاستثمارات أكثر تحفظًا. إضافة إلى ذلك، تبقى مخاطر الحروب التجارية والتقلبات في أسعار السلع الأساسية عوامل تؤثر بشكل مباشر على استقرار الأسواق الناشئة.
تشير الدراسات إلى أن تصاعد الحمائية الاقتصادية وتعقيد سلاسل التوريد يمثلان تحديات رئيسية أمام الشركات، مما يتطلب استراتيجيات أكثر مرونة للتكيف مع التغيرات المستمرة. في ظل هذه التحديات، تظل مراقبة المخاطر القُطرية أمرًا ضروريًا لضمان استمرارية النمو الاقتصادي واستقرار الأسواق العالمية.