ارتفاع أسعار السردين وتأثيره على القدرة الشرائية للمواطن المغربي
ارتفاع أسعار السردين وتأثيره على القدرة الشرائية للمواطن المغربي
تزايدت أسعار السردين في الأسواق المغربية بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة، حيث تخطى سعر الكيلوغرام الواحد 25 درهمًا بعدما كان لا يتجاوز 15 درهمًا في السابق، مما أثار قلق المستهلكين. ويعد السردين غذاءً أساسياً للعديد من الأسر المغربية، خاصةً تلك ذات الدخل المحدود، التي تعتمد عليه كمصدر رئيسي للبروتين الحيواني بسبب تكلفته المنخفضة مقارنة بأنواع الأسماك الأخرى.
ويعزى هذا الارتفاع الحاد في الأسعار إلى عوامل متعددة، أبرزها التغيرات المناخية التي أثرت بشكل مباشر على الثروة السمكية، إذ أدت درجات الحرارة المرتفعة في المحيط الأطلسي إلى هجرة السردين نحو مناطق أبعد وأكثر برودة. كما أن هذه الظاهرة أثرت على توافره في السواحل المغربية، مما تسبب في انخفاض العرض في الأسواق المحلية.
علاوةً على ذلك، تشهد بعض المناطق الساحلية فترات راحة بيولوجية تهدف إلى الحفاظ على المخزون السمكي، حيث يتم منع الصيد في أجزاء واسعة من السواحل الجنوبية، خصوصًا بين طانطان وطرفاية، وذلك لتجديد دورة تكاثر الأسماك. ورغم أهمية هذه الإجراءات للحفاظ على التوازن البيئي، إلا أنها تؤدي إلى نقص كبير في الكميات المتاحة، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على الأسعار.
ولا يمكن إغفال تأثير العوامل المناخية الأخرى، حيث تؤثر الرياح القوية وموجات البرد على عمليات الصيد، مما يقلل من كميات السردين المصطادة. فالأسماك السطحية، بما في ذلك السردين، تتأثر بتغير درجات حرارة المياه، مما يدفعها إلى الهجرة نحو الأعماق أو الابتعاد عن المناطق المعتادة للصيد، الأمر الذي يؤدي إلى تراجع المعروض وزيادة الأسعار بشكل متسارع.
وجاء هذا الارتفاع في ظل موجة غلاء شملت معظم المواد الغذائية الأساسية، مما زاد من معاناة المواطنين وأثقل كاهل الأسر المغربية التي تجد نفسها مضطرة للتخلي عن بعض المواد الغذائية أو تقليل استهلاكها. وقد بات من الضروري التدخل العاجل من الجهات المسؤولة لإيجاد حلول تضمن استقرار الأسعار، سواء من خلال دعم قطاع الصيد البحري أو تشديد الرقابة على الأسواق للحد من المضاربة.
ومن بين الحلول الممكنة، يمكن تشجيع مشاريع الاستزراع السمكي كبديل مستدام لتعزيز الإنتاج المحلي من السردين، فضلاً عن تحسين سلاسل التوزيع وتقليل التكاليف الإضافية التي يتحملها المستهلك. كما أن فرض رقابة صارمة على عمليات الصيد والتوزيع قد يحد من التلاعب بالأسعار ويساعد في توفير السردين بأسعار معقولة تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطن المغربي.