مجتمع

إصلاحات صندوق التقاعد المغربي تهدف لضمان استدامة النظام المالي وتعزيز المساهمة الاجتماعية

إصلاحات صندوق التقاعد المغربي تهدف لضمان استدامة النظام المالي وتعزيز المساهمة الاجتماعية

تعمل الحكومة المغربية على وضع خطة إصلاحية شاملة لصندوق التقاعد، ومن المتوقع أن يتم الإعلان عنها في الأيام القليلة المقبلة. تهدف هذه الخطة إلى ضمان استدامة الأنظمة التقاعدية وتحقيق التوازن المالي الذي يعزز قدرة الصناديق على الاستمرار في تقديم خدماتها للمواطنين على المدى الطويل. وتشمل هذه الإصلاحات مجموعة من التعديلات المهمة التي من شأنها تحسين النظام التقاعدي في البلاد.

من بين أهم هذه التعديلات هو رفع سن التقاعد إلى 65 سنة، وهو إجراء يرمي إلى زيادة عدد سنوات العمل للمواطنين، وبالتالي تعزيز الإيرادات المالية للصناديق التقاعدية. ولكن هذا التعديل سيطبق بشكل اختياري في بعض المهن التي تتطلب جهداً بدنياً كبيراً أو مهن تعتبر شاقة، بحيث لا يؤثر هذا التغيير على العاملين في هذه المجالات. سيكون هذا التعديل مفيداً لتحقيق استدامة أكبر للصندوق، إلا أن تطبيقه يحتاج إلى توازن دقيق لضمان العدالة بين جميع الفئات.

تغيير طريقة احتساب المعاشات يُعد من أبرز المراجعات التي تتضمنها خطة الإصلاح. وفقاً لهذه التعديلات، سيتم حساب المعاشات بناء على متوسط سنوات الخدمة بالكامل بدلاً من الاعتماد على متوسط الرواتب في السنوات العشر الأخيرة فقط. كما سيتم تحديد سقف أقصى للمعاشات بنسبة 80% من الراتب الأخير للمتقاعد. يهدف هذا التعديل إلى زيادة العدالة بين المستفيدين وتوفير موارد كافية للصندوق، مما يضمن الاستدامة المالية على المدى البعيد.

زيادة المساهمات من جميع الأطراف المعنية هي أيضاً جزء أساسي من هذه الإصلاحات. ويتوقع أن ترفع الحكومة نسبة المساهمات من الدولة، المشغلين، وكذلك الأجراء، بهدف تدعيم الصناديق التقاعدية وضمان تغطية تكاليف المعاشات في المستقبل. هذه الزيادة في المساهمات ستساهم بشكل كبير في تحسين الوضع المالي للصندوق، مما سيضمن استمرارية النظام على المدى الطويل ويمنع العجز المالي الذي قد يؤثر على التقاعد في المستقبل.

إلا أن الإصلاحات المقترحة تواجه معارضة شديدة من قبل النقابات العمالية. فالنقابات ترفض بعض جوانب هذه الإصلاحات، وخاصة رفع سن التقاعد وزيادة المساهمات. وتدعي النقابات أن هذه التعديلات قد تضر بالطبقات العاملة، وتؤثر سلباً على قدرتهم الشرائية. حيث يعتبر رفع سن التقاعد تحدياً كبيراً للعديد من العاملين الذين قد يواجهون صعوبة في الاستمرار في العمل بعد بلوغهم سن الـ 60. كما تطالب النقابات بزيادة الأجور لمواجهة تأثير هذه الإصلاحات.

تسعى النقابات أيضاً إلى تحسين وضع معاشات المتقاعدين الذين لا يتجاوزون الحد الأدنى للأجور، فهؤلاء يواجهون صعوبة في تلبية احتياجاتهم المعيشية بسبب المعاشات المنخفضة التي يتلقونها. وبهذا، يطالبون الحكومة بتوفير حلول أكثر مرونة تضمن حقوق المتقاعدين وتحسن من وضعهم المالي بعد التقاعد. النقابات تؤكد على ضرورة تحقيق توازن بين حقوق العاملين وقدرة الصندوق التقاعدي على الاستمرار في تقديم الدعم للمواطنين.

رغم الإصلاحات السابقة التي تم إجراؤها في أنظمة التقاعد المغربية، مثل تعديل نظام المعاشات في صندوق التقاعد عام 2016، والإصلاحات في النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد في 2021، إلا أن هذه الإصلاحات لم تحقق التوازن المالي المرجو. فقد استمر العجز في هذه الأنظمة المالية، ما يهدد الاحتياطات المالية للصندوق. ولذلك، فقد أصبح من الضروري تسريع وتيرة الإصلاحات لضمان استدامة الأنظمة التقاعدية وضمان تلبية احتياجات الأجيال القادمة من المتقاعدين.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!