سياسة

أوريد: المغرب لم يتعافى سياسيا منذ انتهاء تجربة التناوب عام

أوريد: المغرب لم يتعافى سياسيا منذ انتهاء تجربة التناوب عام 2002

قال الكاتب والروائي حسن أوريد، مساء الجمعة، إن المغرب مازال لم يتعافى مما حدث عام 2002، في إشارة إلى إعفاء الوزير الأول آنذاك عبد الرحمن اليوسفي، من منصبه وزيرا أولا، رغم أن حزبه “الاتحاد الاشتراكي” جاء متصدرا الانتخابات التشريعية التي شهدها المغرب في ذلك العام، وتم تعيين وزير داخليته التكنقراطي، إدريس جطو، في مكانه.

وكان أوريد يتحدث في مناسبة تقديم مذكرات المحامي عبد العزيز النويضي، عن تجربته مستشارا للوزير الأول السابق عبد الرحمن اليوسفي، عندما قال بأن إنهاء تجربة حكومة التناوب عام 2002 بالطريقة التي تمت بها جعلت المغرب لم يتعافى سياسيا منذ ذلك التاريخ.

وقال أوريد “نحن نعاني في المغرب من (متلازمة عدم الاكتمال)، حتى في الكورة نصل إلى مربع المرمى ولا نٌهدف، وأكبر معلمة في المغرب هي صومعة حسان لم يكتمل بناؤها، هذا من عيوبنا وعندما نتغلب على هذه العيب قد نفاجئ الخصوم ونبني صرحا كبيرا..”. وكان أوريد قد وصف “مذكرات مستشار للوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي.. دروس من تجربة التناوب وما بعدها”، بأنه “شهادة مهمة لفترة حاسمة تخللتها آمال كبيرة واكتنفتها كذلك تعثرات وهذا الكتاب يقدم ملفا اكلينيكيا حول هذه الفترة”.

وفي قراءته للكتاب والتجربة وقف أوريد، عند قرار منع ثلاثة صحف من الصدور في عهد حكومة التناوب، وقال بأن صاحب الكتاب لم يكشف الكثير عمن كان يقف وراء ذلك القرار الذي منعت بموجبه ثلاثة صحف هي “لوجورنال” و”الصحيفة” و”دومان”، على إثر نشرها رسالة تشي بضلوع قياديين من حزب “الاتحاد الاشتراكي” في انقلاب عام 1972، واعتبر أوريد أن نشر تلك الرسالة ربما كان الغرض منه هو نسف تجربة التناوب التي كان يقودها حزب “الاتحاد الاشتراكي”. وأضاف أوريد أن من تحمل المسؤولية السياسية لقرار المنع هو عبد الرحمن اليوسفي باعتباره وزيرا أولا، وأوضح “صدر قرار منع الجرائد الثلاثة ، ولا يهم من اتخذ القرار، لكن من يتحمل المسؤولية السياسية هو الوزير الأول لأن المنع صدر بقرار منه وباسمه”. واعتبر أوريد أن ذلك القرار شكل “لحظة مفصلية في تاريخ المغرب ستتناسل عنها أشياء ستضعف اليوسفي وستضعف الاتحاد الاشتراكي وستضعف الصف الديمقراطي وهو الأمر الذي جعل في نهاية المطاف الاستغناء عن اليوسفي هَيِّنَا، في اعتقادي”.

وكان أوريد في بداية تقديمه للكتاب قد بدأ عرضه بالحديث عن دور الهيئات السياسية وهيئات الوساطة من أحزاب ونقابات في إنعاش الحياة السياسية لكل بلد، قائلا “لا حياة سياسية بدون هيئات سياسية”، ومضيفا “لربما ما أعطى للحياة السياسية نكهة معينة هي وجود هذه الهيئات، وهو الأمر الذي يغيب الآن ونعدمه والذي يمكن أن ينعت بموت السياسية”. وزاد أوريد “لا يمكن للسياسة أن تقوم بدون هيئات سياسية من نقابات وأحزاب وشخصيات فذة، وربما ما عصم المغرب من الهزّات التي عرفها هو وجود هذه الهيئات التي جنبت المغرب الانزلاقات، والحال أن الآن المغرب بدون هيئات وسيطة وهو أمر غير صحي البتة”.

 

وفي سياق حديثه عن بعض مستملحات كتاب النويضي، تطرق أوريد إلى حدث طباعة كتاب منصف المرزوقي، الذي سيصبح فيما بعد أول رئيس لتونس بعد ثورتها الربيعية، وقال أوريد إن المرزوقي الذي كان مناضلا حقوقيا ومعارضا للنظام في بلاده، ألف كتابا حول حقوق لإنسان، ولم يجد مكانا يطبع فيه كتابه غير المغرب، وتوجه إلى اليوسفي الذي مول جزءا من طباعة ذلك الكتاب، واعتبر أوريد أن قرار اليوسفي في هذه الحالة أعطى توجها وإشارة إلى ما يجب أن يكون عليه المغرب والمغاربة، قائلا “يجب أن نعي دورنا كمغاربة بأننا ضمير هذه المنطقة ويجب أن نبقى على علاقتنا مع جميع المناضلين في شمال إفريقيا.. هذا واجب وتوجه”، وأضاف أوريد معلقا على تداعيات هذا القرار “ليس من قبيل الصدفة أن يعبر المرزوقي الآن عن مواقف إيجابية تجاه قضايا المغرب”.
وفي حديثه عما وصفها بوصايا اليوسفي قال أوريد إن محاضرة هذا الأخير في بروكسيل عام 2003، تؤكد بأن الرجل أدرك بأن هناك خلل في الحالة المغربية، لذلك كان من بين الوصايا التي قدمها لمؤلف الكتاب هي “الاستثمار في العلم والتدريس وإنشاء مركز للأبحاث أو الدراسات، لأنه أدرك في نهاية المطاف انه لا يمكن أن نتقدم بدون علم.. النظام مهم جدا.. لكن الأداة التي يمكن مقارعة الخصوم بها هي العلم والمعرفة العلمية والأكاديمية ..”

▪إجراء تعسفي

وفي سياق حديثه عن إلتزام المؤلف بقضايا حقوق الإنسان، قال أوريد إنه خبر ذلك من خلال دفاع النويضي حتى عن الأشخاص الذين لا يشاطرهم الرأي، مشيرا إلى دفاعه كماحي عن تشميع بيوت قيادات من جماعة “العدل والإحسان”، وهو الإجراء الذي وصفه بأنه “تعسفي”.
كما وقف أوريد عند التزام النويضي بالدفاع عن وفاة مناضل الجماعة كمال العماري، الذي قتل بمدينة آسفي عام 2011 أثناء فترة حراك 20 فبراير في المغرب، واعتبر أوريد أن هاتين القضيتين “تشميع البيوت” و”مقتل العماري” “ليست قضايا عابرة لأن الأداة التي يمكن أن يصمد بها الطرف الضعيف، أمام خصم قوي لا يمكن مواجهته ومقارعته لأنه يتوفر على وسائل الزج المادية، هي الذاكرة”.
وخلص أوريد إلى القول “يمكن في نهاية المطاف فَلٌّ قدرة الخصم القوي وإضعافه من خلال المعرفة والذاكرة، لذلك لا ينبغي أن ننسى، فكل الجماعات المستضعفة التي استطاعت أن تتدارك وأن تَظهر فعلت ذلك من خلال الذاكرة”.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock